رمضان سيناء... كورونا والحرب يغيّبان مظاهر الشهر

رمضان سيناء... كورونا والحرب يغيّبان مظاهر الشهر

26 ابريل 2020
الطوارئ الأمنية مستمرة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

يحاول سكان محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، إحياء مظاهر شهر رمضان بالرغم من جائحة كورونا، والحرب التي تعيشها المحافظة للعام السابع على التوالي، لكنّ المظاهر المعهودة الخاصة بشهر رمضان هناك صعبة التحقق.

اللقاءات الجماعية للعائلات في مدن محافظة شمال سيناء، التي تترافق مع شهر رمضان عادة، بما يشمل الإفطارات، وصلوات التراويح، وزيارة الأسواق الشعبية، والزيارات العائلية، وكذلك الخروج إلى المناطق البرية خارج نطاق المدن العمرانية، وتبادل الأطباق بين الجيران والأصدقاء، كلّ هذه المظاهر خفتت هذا العام، بالرغم من آمال الأهالي أن يكون رمضان 2020 أوفر حظاً من المواسم الماضية. وبالرغم من الهدوء النسبي للأوضاع الأمنية في مدينة العريش على الأقل، وهي عاصمة المحافظة، التي يمكن لبقية سكان مدن كرفح والشيخ زويد، المجيء إليها لعيش أجواء الشهر الكريم فيها، فإنّ أزمة فيروس كورونا الجديد تحول دون ذلك.

في مدينة العريش، غابت مظاهر استقبال الشهر الكريم، مع انعدام الحركة في الأسواق الشعبية ومناطق الازدحام وسط المدينة، في ظل الإجراءات الحكومية الداعية لمنع التجمعات، وكذلك القلق لدى المواطنين من الفيروس، وهو ما أجبر كثيرين على تقليص تحركاتهم بشكل كبير، ما جعل ليالي رمضان الأولى تبدو عادية، وليست كما اعتاد أهالي العريش وبقية أنحاء سيناء.

وشهدت محال بيع المواد الغذائية حركة شراء ضعيفة، نظراً إلى صعوبة الأوضاع المعيشية في المدينة، نتيجة توقف شبه تام لكثير من المهن والأعمال فيها، سواء بسبب الظروف المزمنة المتعلقة بالوضع الأمني في سيناء، أو ما أضافته أزمة كورونا التي أوقفت الحياة في أنحاء الجمهورية كافة، بما فيها محافظة شمال سيناء. تضاف إلى ذلك قلة المواد الغذائية المعروضة، إذ إنّ إدخال البضائع يحتاج إلى تنسيق عبور مسبق عند كمائن الجيش من قناة السويس باتجاه الأسواق.



وعن أحوال العريش، يقول أحد وجهائها لـ"العربي الجديد" إنّها "ليست أجواء رمضان التي يعرفها أهالي سيناء، والتي نتميز بها بشكل لافت منذ عقود، فالظروف أكبر منا، وفي السنوات الماضية حالت الحرب دون الخوض في مظاهر رمضان التي اعتدنا عليها منذ كنا أطفالاً. والآن، تجتمع الحرب وكورونا علينا ويباعدان بيننا وبين قضاء الشهر الكريم بالشكل اللازم". يضيف أنّ سكان محافظة شمال سيناء كانوا يأملون أن يكون موسم رمضان والأعياد أفضل من السابق، لكنّ الظروف التي يعيشونها تحول دون إكمال هذا التفاؤل، الذي بلغ مبلغه هذا العام، في ظلّ تحسن الظروف الأمنية داخل مدينة العريش، في أعقاب العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في فبراير/ شباط 2018، لكنّ الفيروس كان بالمرصاد، فأقلقهم بدلاً من الطمأنينة في استقبال شهر رمضان.

يوضح محدّثنا نفسه أنّ رغبة أهالي سيناء في بقاء المحافظة خالية من الفيروس كانت سبباً رئيسياً في عدم الاحتفال بالشهر الكريم، سواء بالجلسات الموسعة للعائلات، أو الأصدقاء، أو الازدحام في الأسواق، ومناطق التجمع المعتادة في المواسم الدينية والأعياد، وبالتالي فإنّ لدى أهالي سيناء شعوراً بالمسؤولية تجاه محافظتهم، من خلال الالتزام بتعليمات وزارة الصحة والجهات الحكومية المختصة بمنع التجمعات، والحفاظ على مستوى كافٍ من عدم الاحتكاك، بالرغم من العادات. يشير في الوقت نفسه إلى ضرورة دعم الحكومة المصرية والجهات المختصة المواطنين في سيناء، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها، نتيجة الحرب على الإرهاب، وكذلك أزمة كورونا، وتأثيرهما المباشر على المواطنين، ومصادر رزقهم، وصعوبة الظروف المعيشية من قبل انتشار الفيروس وتشديد الإجراءات على الأعمال. كلّ ذلك يستدعي زيادة الاهتمام الحكومي بالمحافظة، وضخ المواد الغذائية والمساعدات لسكانها، ليتمكنوا من الصمود في وجه الجائحة، والتغلب على الظروف الحالية، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك، كما يقول.



شهر رمضان في رفح والشيخ زويد يمرّ كبقية الأشهر، من دون أي تغيير يذكر، في ظلّ استمرار الظروف الأمنية القاسية فيهما، مع تواصل هجمات تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" وكذلك عمليات الجيش المصري. وتخلل الليلة التي سبقت نهار رمضان الأول قصف مدفعي في مناطق متفرقة من جنوب وغرب رفح، وكذلك جنوب مدينة الشيخ زويد. وبدأ النهار الأول لرمضان بالتزامن مع حملة تجريف وتدمير منازل المواطنين في قرية الوفاق آخر القرى المهجرة، غربي رفح. وقالت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد" إنّ حملات عسكرية للجيش المصري بدأت، صباح الجمعة، بتفخيخ منازل المواطنين في قرية الوفاق وجارتها المطلة، وتفجيرها عن بعد، وسط تحليق لطائرات من دون طيار عسكرية، في سماء المنطقة. وجاء ذلك بالرغم من أنّ الأهالي توقّعوا وقفاً للعمليات العسكرية مع بدء الشهر الكريم، ويبدو ذلك مستحيلاً في ظل رغبة الجيش المصري في القضاء على ما تبقّى من منازل للمواطنين في مدينة رفح وجنوب مدينة الشيخ زويد.