"خلع الأكتاف" عقوبة جديدة لمرابطات الأقصى

"خلع الأكتاف" عقوبة جديدة لمرابطات الأقصى

القدس المحتلة

محمد محسن

محمد محسن
25 يناير 2020
+ الخط -
على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الاعتداء الذي تعرّضت له على أيدي شرطة الاحتلال الإسرائيلي، فإنّ الناشطة المقدسية إلهام نعمان الجعبة ما زالت تشكو من آلام في مختلف أنحاء جسدها. والجعبة كانت قد سُحلت مئات الأمتار في ساحات المسجد الأقصى، بدءاً من مصلّى باب الرحمة حتى مركز التحقيق خارج أسوار البلدة القديمة في القدس عند باب الأسباط، الأمر الذي أدّى إلى خلع كتفَيها، بالإضافة إلى ضرر حلّ في موقع جراحة سبق وخضعت لها، وقد استوجب ذلك بقاءها في المستشفى حتى تتعافى ممّا حلّ بها.

والناشطة الجعبة واحدة من عشرات المرابطات في ساحة مصلى باب الرحمة التابع للمسجد الأقصى، اللواتي اعتدنَ الحضور يومياً لمواجهة مجموعات المستوطنين الذين يستبيحون الأقصى لساعات في جولات استفزازية تبدأ عند الساعة السابعة والنصف وتنتهي نحو الساعة الثانية في جولتَين متتاليتَين. وهي اعتادت كما زميلاتها المرابطات فاطمة خضر المعروفة بـ"أمّ أيمن" وهنادي الحلواني وخديجة أبو خويص، على سلوك عناصر شرطة الاحتلال العنيف في حقهنّ، من ضرب ودفع بالقوة واعتقال وإبعاد عن الأقصى وملاحقة خارج ساحات الأقصى. لكنّ ما حدث قبل ثلاثة أسابيع مع الناشطتَين الجعبة وخضر واثنتَين أخريَين من زميلاتهنّ تعدّى الدفع والضرب، فهنّ تعرّضنَ للسحل وخلع الأكتاف، و"هذا شكل جديد من أشكال العنف الممارس في حقّنا تتجاوز آثاره جسد الضحية لتطاول نفسيّتها"، بحسب ما تقول الجعبة لـ"العربي الجديد".




وتخبر الجعبة أنّه "في ذلك اليوم، كنت مع مجموعة من المرابطات نجلس في ساحة مصلى باب الرحمة، حيث اعتدنا أن نكون، وفجأة تقدّم صوبنا مستوطنون ومن بينهم مستوطنة من المقتحمات التي بدأت تكيل الشتائم لنا، من دون أيّ مقدّمات أو سبب. ونحن لم نحظَ بفرصة الردّ عليها، إذ إنّ عناصر من شرطة الاحتلال وبتوجيه من ضابط كبير، شرعوا بالاعتداء علينا ودفعنا إلى الأرض". تضيف الجعبة أنّ "نساء من شرطة الاحتلال تدخّلنَ وأكملنَ ما بدأ به زملاؤهنّ، وأمسكننَا في أكتافنا بطريقة عنيفة، ما تسبّب في إصابتي بخلع في الكتفَين على حدّ سواء. كذلك فتح جرح عملية جراحية سابقة في بطني. لكن، بدلاً من إسعافي، أبقوني في مركز التحقيق التابع للاحتلال على مدى ساعات، قبل أن يسمحوا بنقلي إلى المستشفى، علماً أنّني كنت في وضع صحي حرج. فأنا لم أكن قادرة على تحريك كتفَيّ، بالإضافة إلى الألم الشديد في بطني".

أتى ذلك إلى جانب "عقوبة أخرى" وهي إبعاد الجعبة عن الأقصى لمدّة أسبوعَين تقريباً، وهذا ما نالت نصيبها منه كذلك المرابطة خضر التي تصف ما تعرّضت له زميلتها الجعبة والمرابطات الأخريات بأنّه "اعتداء وحشي وسلوك عنيف من أفراد شرطة الاحتلال في حقّنا"، علماً أنّ أخريات كنّ قد تعرّضنَ لممارسات مماثلة من اعتقال وضرب وإبعاد عن الأقصى.

ما يؤلم المرابطتَين الجعبة وخضر هو مرور هذه الواقعة مرور الكرام، فهي لم تلقَ أيّ متابعة من قبل مسؤولين محليّين، مع العلم أنّ هؤلاء يكتفون عادة بالتنديد والاستنكار. وفي حين تلقّت الجعبة اتصالات من مسؤولين عبّروا من خلالها عن تضامنهم معها ومساندتهم لها واستنكارهم لما تعرّضت له من اعتداء رصدته كاميرات المصوّرين الصحافيّين وحرّاس الأقصى، إلا أنّ خضر لم تتلقَّ أيّ اتصال، الأمر الذي يجعلها تشعر بالحزن والأسى لما وصلت إليه حال المرابطات المقدسيات اللواتي بتنَ خطّ الدفاع الأوّل عن الأقصى ومصلياته.

تجدر الإشارة إلى أنّ شرطة الاحتلال لطالما تعاملت مع المرابطات في المسجد الأقصى كتنظيم إرهابي، وفرضت عقوبات مشدّدة على عشرات منهنّ، تراوحت بين الاعتقال والإبعاد عن المسجد الأقصى، بل إنّ بعضهنّ كنّ ضحايا اعتداءات عنيفة بمن فيهنّ نساء متقدّمات في السنّ.



وتتضمّن قائمة المرابطات الممنوعات من دخول الأقصى، وفق ما تطلق عليه شرطة الاحتلال "القائمة السوداء"، أسماء نحو 60 امرأة اتّهمنَ بتلقّي توجيهات من جهات وصفتها شرطة الاحتلال بـ"الإرهابية"، في إشارة إلى الحركة الإسلامية - الجناح الشمالي برئاسة الشيخ رائد صلاح، شيخ الأقصى، الذي تطارده سلطات الاحتلال بالتهمة ذاتها وتمنعه من دخول مدينة القدس والمسجد الأقصى. وفي السياق، يقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس، أمجد أبو عصب، لـ"العربي الجديد" إنّ "سلطات الاحتلال أبعدت منذ عام 2015 وحتى يومنا، نحو 360 امرأة لفترات متفاوتة وأحياناً أكثر من مرّة للمرابطة الواحدة، فيما اعتقلت عدداً منهنّ أكثر من مرّة كذلك".




وقد شُدذّدت العقوبات ضدّ المرابطات، تحديداً بعد معركة البوابات الإلكترونية في عام 2017، التي حاول الاحتلال في خلالها فرض بوابات إلكترونية عند أبواب الأقصى. فدور المرابطات برز في قيادة الهبّة الشعبية آنذاك، من نساء القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1948، إلى جانب المرابطين والناشطين الآخرين، علماً أنّ دورهنّ كان لوجستياً في دعم تلك الهبّة. وتشدّد الاحتلال أدّى إلى مضاعفة عقوبات الاعتقال والإبعاد والضرب وصولاً إلى السحل، مثلما حدث مع إلهام نعمان الجعبة وزميلاتها المرابطات. يُذكر أنّ ذلك تكرّر قبل أيام مع الناشطة آية أبو ناب التي سُحلت على مقربة من باب حطة، أحد أبواب الأقصى.

ذات صلة

الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.

المساهمون