ماذا وراء الضحك؟

ماذا وراء الضحك؟

10 مايو 2019
لحظة سعادة (Getty)
+ الخط -
لم تكن المرة الأولى التي تسمعها تردّد هذه العبارة: "وما بقي من العمر أكثر ممّا مضى". لكن كان وقعها ثقيلاً هذا اليوم. فجأة، انتبهت أنّ ذلك الشخص كان يردّد هذه العبارة منذ زمن طويل، حين كان يمكن للعمر الذي مضى أن يكون مساوياً للعمر المتبقي. وهذا حالُ أسرٍ كثيرة. ثمّة لحظة تتّخذ فيها مجموعة من الأشخاص هذا القرار، وتتحضر للموت...

---

وإن ضحكوا، يخشون أن يصيبهم مكروه في وقت لاحق. في هذه اللحظات الجميلة، انتظار لأحداثٍ سيّئة قد تحصل في أي وقت... في اليوم نفسه أم غداً. لا يهمّ طالما أنها ستحدث. أما العكس، فلا يمكن أن يكون حقيقة. لماذا لا يجلب الضحك المزيد من السعادة؟ أليس هذا قراراً يمكن لنا أن نتخذه في حياتنا؟

---

عادة ما ينصح المعالجون النفسيّون مرضاهم، إن صحّ التعبير، بأن يكتبوا على ورقة الإيجابيات والسلبيات في حياتهم. وحين يرون كل شيء مكتوباً أمامهم، قد يصيرون أكثر قدرة على تحقيق التوازن، وتغيير أسلوب تفكيرهم... أي أن حياتهم ليست تعيسة إلى هذه الدرجة، وفيها تفاصيل قد تكون جميلة. إلّا أن مجتمعاتنا قائمة على انتظار الأسوأ. وحتّى في الدعوات إلى الله، يستكثرون على أنفسهم تمني أمور جميلة. وهذه بالنسبة إليهم، لا يمكن أن تتحقق. لذلك، يطلبون من الله أن يجنبهم الأسوأ، وإن كانوا على يقين أنه سيحدث. وبالتالي، فإنّ مجتمعاتنا لا تتربّى على الاستمتاع أو تقدير التفاصيل الجميلة، وإن كانت قليلة جداً. في دول أخرى، قد تكون الشمس سبباً كافياً ليوم جميل.



---

كيف نعيش حياتنا؟ نولد ونُدلّل كأطفال. نلعب ونرتدي ثياباً جميلة وملونّة ونحصل على الألعاب. هكذا، يظنّ أهلنا أننا نكبر في البيئة الملائمة والتي تناسبنا كأطفال. لا أحد منهم ينتبه إلى كل هذه السلبية في أحاديثهم أحياناً، أو تشاؤمهم، أو غير ذلك. لكنّ النتيجة هي جيل حزين ومتشائم وغير قادر على تقدير أي شيء...

---

كأطفال، ممنوع علينا أن نرسم على جدران غرفنا، أم أن نلعب كما يحلو لنا. الضوابط أنهكت طفولتنا، وجعلت الأهل في غضب دائم. لم يكن في استطاعتهم الاستمتاع بالتفاصيل مع أطفالهم، وقد غرقوا في كم المحاذير والقواعد التي تُردّد معظم الوقت، وتُبنى على أساسها الأحكام. ولحظات الفرح كانت أقل. وهذه اللحظات يخشاها كثيرون. كأن لا يحق لهم أن يفرحوا أو يستمتعوا بالوقت. كأن أي لحظة سعادة ستنتهي سريعاً وتحمل معها أخباراً سيئة. وإذا صودف أن التقوا أشخاصاً قادرين على الاستمتاع، قد يتمنون أن يكونوا مثلهم، لكن من دون أن يكون ذلك ممكناً. سنوات الماضي طغت على الحاضر...

المساهمون