الأرقام وجهة نظر!

الأرقام وجهة نظر!

01 أكتوبر 2018
نجت من الزواج المبكر (أليسون جويس/ Getty)
+ الخط -
أرادت لمى الزواج من شاب يعجبها في القرية. المصاحبة ليست واردة لأنّ "حكي الناس" كثير والناس يعرفون بعضهم بعضاً في تلك القرية اللبنانية. المهمّ، تقدّم الشاب لخطبتها.

تزوّجت لمى، وأنجبت طفلَين قبل أن تكمل الثامنة عشرة من عمرها. أمّا نهى التي لم تكمل بعد السادسة عشرة من عمرها، فقد أجبرها أهلها على الزواج من شاب يكبرها بسنوات عدّة. نهى كانت قد لجأت مع أهلها، من سورية إلى لبنان. وأهلها، بسبب انعدام الأمن والأمان، ظنّوا أنّهم يقدّمون لها إطاراً حامياً عبر تزويجها. الزواج المبكر، كما في حالة لمى، والتزويج القسري، كما في حالة نهى، وجهان للمشكلة نفسها.

عند تناول حجم الزواج المبكر والتزويج القسري، تطالعنا أرقام ودراسات لا تتسق مع بعضها البعض بالضرورة، في ما يتعلق بحجم مثل تلك الممارسات في لبنان. يشير تقرير أعدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في عام 2016 إلى أنّ ستة في المائة من الشابات اللبنانيات اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين 20 و24 عاماً، تزوّجنَ عندما كنّ دون 18 عاماً.

وما نسبته واحد في المائة منهنّ تزوّجنَ عندما كنّ دون 15 عاماً. تقتصر أرقام "يونيسف" على اللبنانيات اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين 20 و24 عاماً. لكن ماذا بشأن من هنّ دون 18 عاماً أو اللواتي تخطّينَ 24 عاماً وكنّ قد تزوّجنَ مبكراً؟ أمّا نسب التزويج القسري، لا سيّما بين اللاجئات من سورية، فوصلت إلى 24 في المائة في عام 2017، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.



وكانت دراسة أعدّتها دائرة الإحصاء المركزي في عام 2009 حول الزواج المبكر، قد أظهرت أنّ نسبة الزواج المبكر ترتفع في الأطراف أو الأرياف أو المناطق الأكثر فقراً. وتناولت عيّنة الدراسة أكثر من 7500 امرأة من لبنان، ليتبيّن أنّ نسبة الزواج المبكر قبل 18 عاماً وصلت إلى 10.5 في المائة في ضواحي بيروت و7.7 في المائة في جبل لبنان. أمّا منطقة شمال لبنان، فقد سجّلت أعلى نسبة تزويج للقاصرات قبل 15 عاماً، مع 3.3 في المائة.

هذه الأرقام بما تعكسه من وقائع حول الزواج المبكر و/ أو التزويج القسري في لبنان، قد تبدو متناقضة مع المواقف والاتجاهات الشعبية في السياق. في استطلاع للرأي أعدّه التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني أخيراً، تبيّن أن 97 في المائة من اللبنانيين يظنّون أنّ عمر الزواج الأفضل لدى الإناث هو 18 عاماً وما فوق، و99 في المائة منهم يظنّون أنّ سنّ الزواج الأفضل لدى الذكور 18 عاماً وما فوق.

هذا التناقض يجعل من الرقم وجهة نظر. وهنا الخطورة. فعل الاعتداء على حقوق النساء والفتيات في لبنان، وأيّ بلد آخر، ليس وجهة نظر، بل أمر واقع ولا مجال للتعامل معه باستخفاف. وهنا تقع مسؤولية من يحمل لواء النضال لتحصيل تلك الحقوق.

(ناشطة نسوية)