سفينة أكواريوس تفضح غياب التضامن الأوروبي بخصوص اللاجئين

الحكومة الفرنسية ترفض استقبال سفينة أكواريوس

25 سبتمبر 2018
حلّ أوروبي لمعالجة قضية أكواريوس (Getty)
+ الخط -

تعود سفينة أكواريوس من جديد إلى الشواطئ الفرنسية حاملة على متنها 58 مهاجرا. وقد وجّهت نداء إلى السلطات الفرنسية للسماح لها بالرسوّ في ميناء مدينة مارسيليا، لكن مختلف الساسة الفرنسيين، الذين تطرقوا للموضوع، لحد الساعة، يرفضون هذا الطلب.

وقد صرّح وزير الاقتصاد والمالية، برونو لومير، صباح اليوم الثلاثاء، عن رفض الحكومة الفرنسية استقبال أكواريوس، سفينة الإغاثة الإنسانية، التي تديرها منظمة "إس أو إس، ميديتيراني".

وشددت أكواريوس، التي كانت لا تزال تتواجد، أمس الإثنين، في المياه الدولية، المقابلة للساحل الليبي، على أن طلبها من فرنسا "استثنائي".

وبررّ الوزير برونو لومير رفضه استقبال أكواريوس، بما يشبه مواقف رسمية فرنسية سابقة، من أن "القوانين الأوروبية، تتضمن أن قوارب المهاجرين ترسو في الميناء الأوروبي الأقرب. ومارسيليا، اليوم، ليست الميناء الأقرب"، في إشارة إلى إيطاليا ثم مالطا. وأضاف أن فرنسا، لحد الساعة تقول لا. معلّلا الرفض بأنه "إذا أرادت فرنسا سياسة هجرة منسجمة، فيجب احترام القوانين الأوروبية".

وحاول الوزير الفرنسي، وفي رغبة منه في التخفيف من هذا التشدد، تبرئة الذمة، بالقول إن فرنسا تتحمل جزءا من أعباء جسيمة، وخاصة استقبالها كثيرا من طالبي اللجوء، أي نحو 100 ألف شخص في السنة الماضية.

وكرّر الوزير الفرنسي التمييز الواضح الذي شدّد عليه الرئيس ماكرون غير ما مرة، بين طالبي اللجوء وبين الهجرة الاقتصادية. وأعلن عن "الوضوح والتشدد"، باعتبار أن الهجرة تشكل رهانا كبيرا في المستقبل. وأنه "إذا لم يتمّ تحديد قواعد مشتركة، وإذا لم نحترمها، فإننا لن نرفع تحدّي الهجرة".

من جهة أخرى، أعلنت الوزيرة المنتدبة لدى وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، ناتالي لْوازو، أن الحكومة الفرنسية تفكر في حلّ أوروبي لمعالجة قضية أكواريوس الجديدة، رغم أنها لم تستبعد، بصفة نهائية، إمكانية استقبال السفينة الإغاثية. ولم يَفُتها أن توجّه اللوم للجار الإيطالي، الرافض لاستقبال السفن الإنسانية على أراضيه وموانئه: "نقول من جديد لإيطاليا بأن إغلاق موانئها أمام أناس في حالةِ شدّةٍ مخالِفٌ للإنسانية ومخالف للقانون".

وكشفت الوزيرة عن وجود اتصالات مكثفة على الصعيد الأوروبي منذ أمس الإثنين، قد تؤتي ثمارها في غضون هذا اليوم. وعبرت عن أسفها لأنّ "عدة بلدان أوروبية وضعت نفسَها خارج التضامن الأوروبي".

وتأتي هذه القضية الجديدة في موقف تعاني فيه سفينة أكواريوس من متاعب قانونية قد تؤثر، بشكل نهائي، على عملها الإغاثي، خاصة إنقاذ المهاجرين القادمين من ليبيا. فقد قررت حكومة بنما، يوم 22 سبتمبر/أيلول، سحبَ علَمِها من على السفينة. وعللت الحكومة البنمية موقفها بوجود تقارير دولية تؤكد أن "السفينة لم تحترم الإجراءات القانونية الدولية فيما يخص المهاجرين واللاجئين الذين تم إنقاذهم في الموانئ الليبية". كما استحضرت أيضا إقدام جبل طارق على نفس الإجراء، أي سحب العلَم.

ومن جهتها ترفض "إس أو إس ميديتيراني" هذه المبررات، مشددة على أنها "مُلزَمة بألا تعيد المهاجرين إلى ليبيا"، علماً أن "المعاهدات البحرية الدولية تنص على نقل كل شخص تتم إغاثته، بغض النظر عن وضعيته وجنسيته، إلى مكانٍ آمِن، وليبيا لا تعتبر بلدا آمناً".

ولا تخفي "إس أو إس. ميديتراني" وجود ضغوط إيطالية على بنما من أجل وقف هذه السفينة، التي تعتبر آخر سفينة إغاثية، بعد انسحاب كل السفن الأخرى، تساهم في إنقاذ المهاجرين مقابل الشواطئ الليبية.



ولم يَسْلم النقاش السياسي الداخلي الفرنسي من التطرق لهذه القضية، فقد بادرت رئيسة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان، إلى رفض رسو السفينة في ميناء مارسيليا، وهو موقف إيريك سيوتي، من حزب "الجمهوريون"، الذي طالَب، كعادته، بإعادة لاجئي أكواريوس إلى ليبيا. أما حركة "فرنسا غير الخاضعة" فقد طالبت الرئيس الفرنسي باستقبالهم في فرنسا، باعتبار هذا الاستقبال "واجباً إنسانيا".

المساهمون