سمسار ومخبر في مصر

سمسار ومخبر في مصر

17 سبتمبر 2018
"في الخدمة" (العربي الجديد)
+ الخط -


تتجه الحكومة المصرية إلى مناقشة قانون يقضي بحبس مالكي الشقق والسماسرة في حال عدم الإبلاغ عن بيانات مستأجري الشقق السكنية المفروشة. والقانون الذي تدرسه وزارة العدل ووزارة التنمية المحلية (المحليات) ووزارة الداخلية إلى جانب عدد من الجهات المعنية، يُرسل خلال الأيام المقبلة إلى مجلس النواب من أجل إقراره.

يوضح مصدر حكومي مطلع لـ"العربي الجديد" أنّ القانون ما زال في "طور المناقشة والإعداد"، من دون الإفصاح عن العقوبات التي تنوي الحكومة فرضها على مالكي الشقق والسماسرة في حال عدم الإبلاغ عن بيانات مستأجر جديد والاحتفاظ بصورة من بطاقة تحقيق الشخصية (الهوية). ويؤكد المصدر أنّ "القانون سوف يرى النور قريباً، وهو يأتي في إطار التخوّف من أن تؤوي تلك الشقق أشخاصاً مرتبطين بالإرهاب"، متوقعاً أن تكون العقوبة السجن والغرامة مالياً معاً.

في سياق متصل، تشنّ الأجهزة الأمنية المصرية بالتعاون مع قوات الأمن الوطني، حملة أمنية موسّعة على الشقق المفروشة في عدد من المحافظات، بهدف إلقاء القبض على عدد من الأفراد الذين تعدّهم إجراميين أو إرهابيين. وقد حظيت القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) بالنصيب الأكبر من تلك الحملات، لا سيّما في المدن الجديدة مثل القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والمعادي و15 مايو والقطامية. وشمل ذلك كذلك عدداً كبيراً من شقق وفنادق منطقة وسط القاهرة، تحديداً في عابدين وقصر النيل والسيدة زينب، وهو الأمر الذي أثار غضب الأهالي وأصحاب الفنادق، في ظل عدم إظهار بطاقات تحقيق الشخصية وأذونات النيابة العامة. يُذكر أنّ البعض يخشى أن يكون هؤلاء من اللصوص والخارجين عن القانون، الأمر الذي أثار حفيظة بعض الأهالي في أثناء عملية المداهمة التي استهدفت مناطق إقامتهم.




ويخشى عدد من السماسرة تطبيق القانون عليهم، خصوصاً أنّ أكثر من 70 في المائة منهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، ويخشون أن يضللهم أحد سواء من المستأجرين أو المالكين، الأمر الذي يضعهم تحت المساءلة القانونية. وهو ما يؤكده فتحي صابر وهو سمسار في منطقة المنيل، قائلاً إنّ تلك المهنة "باتت تمثل خطراً كبيراً علينا". لكنّه يضيف لـ"العربي الجديد" أنّها "الوسيلة الوحيدة لكسب العيش والتي تعلمتها قبل أكثر من عشرين عاماً بعدما تركت قريتي في الأقصر بصعيد مصر"، مشيراً إلى أنّ "ما يحدث من تشديدات خاصة بالشقق المفروشة خلال الأعوام الثلاث الأخيرة، أمر لم أشهده طوال عملي في هذه المهنة". ويتابع صابر أنّ "مالكي الشقق والسماسرة لا يريدون الإبلاغ خوفاً من الضرائب، في حين أنّ ثمّة سماسرة كثيرين يبلغون رؤساء المباحث من دون أن يتحرّك البعض. ونقل الضباط من مكان إلى آخر أمر يُضعِف العلاقة بين السمسار والشرطة، والجريمة في النهاية تقع على المواطن الفقير من أمثالنا".

ويرى سمسار آخر رفض الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد"، أنّ "عدد الشقق الكبير يصعّب متابعتها دورياً وكذلك التفتيش الخاص من قبل الأمن، إلا في حال وجود بلاغ". يضيف أنّ "بواب العمارة يعمد إلى تأجير الشقق في غياب أصحابها من دون التحقق من شخصية المستأجر، وكثيرون من السماسرة لا يجيدون القراءة والكتابة. بالتالي، نحن معرّضون إلى الحبس وتسديد الغرامات في حال تطبيق القانون".




من جهته، يقول سمسار اكتفى بالتعريف عن نفسه باسم عبد الستار لـ"العربي الجديد"، إنّ "الطلاب والمغتربين لا يبلغون أجهزة الأمن المختصة عن عقود تأجير شققهم، خوفاً من الحملات الأمنية المستمرة على تلك الشقق"، شارحاً أنّ "ثمّة حملات أمنية دائمة تنفذها أجهزة الأمن، ممثلة بالأمن العام وفرع الأمن الوطني، للتحرّي عن مستأجري الشقق. وهو ما يجعل هؤلاء المستأجرين وكذلك مالكي تلك الشقق في حالة قلق دائمة". ويلفت إلى أنّ "كثيرين يُلقى القبض عليهم من دون أيّ سند قانوني، ومنهم من يُصار إلى حبسه من دون ذنب. بالتالي، فإنّ الجميع يرفض إبلاغ الأمن". ويتابع عبد الستار أنّ "الشقق المفروشة تمثّل حلاً لأزمة الإسكان، في ظل عدم توفّر شقق للإيجار العادي"، متسائلاً: "ثمّة شقق تؤجّر ليوم واحد، فكيف يتم إبلاغ الأمن عنها؟ وأحياناً تؤجّر لمدّة شهر أو بحسب الراغب في السكن". ويتحدّث عن "عشرات السماسرة من عملاء للأمن، بالتالي فقد تتلقى الشرطة بلاغات وهمية كيداً لسمسار آخر. وهي مشكلة منتشرة في عدد من أحياء القاهرة، وربّما يلقي الأمن القبض على السمسار (الضحية) من دون أيّ ذنب".

دلالات