أمطار الدمار والموت في السودان

أمطار الدمار والموت في السودان

06 اغسطس 2018
جميع الولايات تأثرت (محمود حجاج/ الأناضول)
+ الخط -
ضربت أمطار غزيرة تحولت إلى سيول، أجزاء واسعة من السودان، خلال الأسبوعين الماضيين، ولم تستثنِ ولاية من الولايات الثماني عشرة، فتسببت في خسائر بشرية بالإضافة إلى تدمير منازل ومدارس ومؤسسات حكومية عامة.

فقبل أن يستيقظ السودانيون من صدمة مصرع 3 تلميذات في العاصمة الخرطوم، في انهيار سور مدرسة خاصة، على رؤوسهن، حلت صدمة أكبر الخميس الماضي، بمقتل 7 عمال نفايات، بعدما جرفتهم سيول الأمطار في منطقة أم درمان (غرب الخرطوم ) فماتوا غرقاً قبل أن تصل إليهم فرق الإنقاذ.

ازداد الأمر سوءاً ليل الجمعة، بعدما تسببت الأمطار الغزيرة في مصرع مواطن في الخرطوم، جرفت السيول سيارته فمات غرقاً، فيما توفيت طفلة بصعقة كهربائية، ومات 3 أشخاص في ولاية كسلا (شرق البلاد)، بانهيار منازلهم عليهم بعد أمطار غزيرة ضربت الولاية.




وكانت أمطار ولاية كسلا هي الأعنف خلال اليومين الماضين، فقد وجدت 1600 أسرة نفسها في العراء، بالإضافة إلى الخسائر في الأرواح، بعد انهيار منازلها، فيما حذرت جهات الاختصاص من فيضان نهر القاش الموسمي، إذ ارتفعت معدلات مياهه فوق كلّ المعدلات السابقة، يقابله ارتفاع في معدلات الأمطار التي وصلت إلى 102 ملم.

في ولاية الجزيرة (وسط السودان)، أعلنت غرفة طوارئ السيول والأمطار، عن ارتفاع عدد ضحايا السيول والأمطار إلى 8 أشخاص وإصابة اثنين فضلاً عن نفوق نحو 160 رأساً من الماشية، في الوقت الذي تتفاقم فيه الأوضاع الصحية والبيئية.

وفي ولاية غرب كردفان (غرب البلاد)، أودت الأمطار والسيول بحياة 9 أشخاص، من بينهم 5 أطفال. وانهار في الولاية نحو 2500 منزل انهياراً كلياً أو جزئياً، كما انهارت 12 مدرسة و36 متجراً، بينما بلغ عدد الأسر التي تعيش في العراء1537، تنقصهم المواد الغذائية ومياه الشرب النقية، بينما تتدهور الأوضاع الصحية تدريجياً، ما أدى إلى نقل 202 طفل إلى المستشفيات. يحذر أهالي المنطقة من خطورة الموقف تحديداً في مدينة النهود حيث يواجه المتضررون مخاطر جمة، وأطلق الأهالي نداء عاجلاً إلى مختلف المنظمات والهيئات الإنسانية للوقوف إلى جانبهم.

يقول الأستاذ في جامعة "غرب كردفان" نصر الفاضل، إنّه تفاجأ مثل مئات الأشخاص بالسيول تقتحم منزله بلا سابق إنذار، حتى أنّها دخلت من خلال النوافذ، فاضطر إلى حمل أطفاله ووضعهم أعلى خزانة الملابس حتى لا يغرقوا. يضيف الفاضل لـ"العربي الجديد" عبر الهاتف، أنّه بعد إنقاذ أسرته ونقلها إلى منزل آمن، عاد إلى منزله الذي هدم ولم يبقَ منه سوى غرفة واحدة. يؤكد أنّ الكارثة الإنسانية كبيرة جداً وتحتاج إلى جهد أكبر.

من جهته، يقول، الناشط في قضايا المنطقة، أحمد حمدان، لـ"العربي الجديد" إنّ الأوضاع الإنسانية في مدينة النهود تحتاج إلى تدخل عاجل من الحكومة المركزية لتقديم الدعم. يشير إلى أنّ المشكلة الكبرى تتمثل في انهيار مدارس وتصدّع بعضها، ما يعرّض حياة التلاميذ وعامهم الدراسي، للخطر. يحمّل حمدان الجهات المختصة في الولايات، مسؤولية ما يحدث من خسائر سنوية نتيجة سوء التخطيط الهندسي في المدن السودانية، خصوصاً الطرقات التي غالباً ما تشهد انسداد مصارف المياه الرئيسية فيها.

لكنّ مفوض العون الإنساني في الحكومة المركزية، أحمد آدم، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ الجهود التي بذلتها الحكومة وسلطات الولايات، وجهود منظمات المجتمع المدني والحراك الشعبي، كلّها ساهمت إلى حد كبير في تخفيف الأضرار. يضيف آدم أنّ أمطار هذا العام جاءت غزيرة، إلى حدّ بعيد، في كلّ أنحاء البلاد، ويعرب عن أمله في أن تكون نعمة لصالح الزراعة والرعي والمخزون الجوفي.

يكشف آدم، أنّ مجموع الأسر المتضررة وصل إلى 10 آلاف أسرة في 9 ولايات، معظمها في ولايتي كسلا وغرب كردفان. ويشير إلى أنّ التحدي الأكبر بعد تجاوز المرحلة الأولى وإرسال المساعدات الغذائية والطبية، يتمثل في إعادة بناء المنازل: "هذا ما يحتاج إلى جهود كبيرة حكومية، وشعبية، خصوصاً أنّ فصل الخريف لم ينتهِ بعد". يوضح أنّ المجلس القومي للدفاع المدني يتابع عن كثب الموقف لحظة بلحظة، ويؤكد أنّ الوضع الغذائي للسكان المنكوبين جيد ولم تظهر حتى الآن أيّ أمراض. وينفي آدم حاجة السودان حالياً إلى مساعدات إنسانية دولية، لكنّه يستدرك: "قد نحتاج إلى مساعدات في مرحلة إعادة إعمار المنازل".



170 عربة إسعاف
تكفلت وزارة الصحة السودانية بتوفير مختلف المعونات الصحية لدرء آثار الخريف ومكافحة الأوبئة. وقال وزير الصحة، بحر إدريس أبو قردة، إنّ وزارته وفرت 170 عربة إسعاف جرى توزيعها لكلّ ولايات السودان، بالإضافة إلى الأدوية، والمبيدات، وأجهزة مكافحة البعوض، مع توفير أجهزة للكشف عن سلامة مياه الشرب.

المساهمون