قصاص إجازة الصيف

قصاص إجازة الصيف

17 اغسطس 2018
احتمالات الترفيه غير متوافرة للجميع (إريك لافورغ/Getty)
+ الخط -

لعلّ الإجازة الصيفية هي أمنية التلاميذ عقب عام دراسي طويل. لكنّ تلك الإجازة حين تصل لا تحقق لكثيرين من بينهم، وربما لمعظمهم تلك اللحظات التي تخيلوها عنها.

حال معظم التلاميذ كحال مجتمعهم، فهم من الفقراء، سواء انتسبوا إلى المدارس الرسمية المجانية أو شبه المجانية أو حتى الخاصة التي دفع أهلهم الكثير في سبيلها أملاً في أن يتمكن أبناؤهم ذوو التعليم "المرموق" في مستقبلهم من تحقيق ما لم يتمكنوا هم من تحقيقه. وعلى هذا الأساس، فإنّ احتمالات الترفيه في الإجازة الصيفية، لا تبتعد عن كونها احتمالات فقيرة.

كلّ ترفيه صيفي يتطلب من الأهل إنفاق مبالغ باهظة مرفوض، وليس ذلك لأنّهم لا يريدون ذلك لأبنائهم، بل ببساطة لأنّهم لا يملكون مثل هذه المبالغ. يأتي ذلك في الوقت الذي تُرمى مهمة الترفيه عن الأبناء على عاتق الأهل معظم الأحيان، فدول كثيرة لا توفر لأبنائها مرافق ترفيهية مجانية أو شبه مجانية، وتضع الأهل تحت رحمة القطاع الخاص. ذلك القطاع الذي ترتفع أسعاره وتتدنى أوقات ترفيهه إلى أقلّ حدّ، حتى تصبح لعبة واحدة لطفل واحد في مدينة ألعاب في لبنان مثلاً، مدتها ثلاث دقائق لا أكثر، بكلفة تتجاوز ثلاثة دولارات أميركية. فإذا لعب الطفل الواحد 5 مرات في ألعاب متنوعة، كانت الحسبة أكثر من 15 دولاراً أميركياً. كم مرة يمكن أن يأخذ الأهل طفلهم إلى مدينة ألعاب من هذا النوع أسبوعياً؟

مشكلة أساسية للإجازة الصيفية أيضاً، أنّ الأهل عادة لا يحظون بمثلها، فأطول إجازة ممكنة قد لا تتجاوز شهراً واحداً في معظم الأحيان (إجازة موظفي القطاع الخاص وعماله في لبنان لا تتجاوز 15 يوماً)، فإذا تسنى للأهل مرافقة أبنائهم إلى قراهم، إن كان ذلك متوافراً، فلن يكون بإمكانهم البقاء معهم المدة كاملة، وبذلك، يصبح الإنفاق على بيتين، إذا ما افترضنا أنّ أحد الوالدين هو الذي يعمل (عادة الأب) بينما الآخر يبقى مع الأطفال.

الشواطئ العامة خيار محتمل دائماً، لكنّها لا تنجو من مشاكل كثيرة، سواء التلوث، أو ضعف المراقبة على أسعار الأغذية وجودتها، بالإضافة إلى احتمالات الغرق، خصوصاً في الأماكن التي تضعف فيها شروط السلامة العامة ولا يوجد فيها المنقذون. وهو ما يجعل الأهل ينكفئون عنها، خصوصاً بالنسبة لخيار إرسال أطفالهم وحدهم إليها.




الإجازة الصيفية يفترض أن تكون مصدراً للتربية غير المدرسية، بما تضمه من فعاليات جماعية، ونشاطات ترفيهية ورحلات تثقيفية، تساهم في تشكيل شخصية التلميذ وتنشئته الاجتماعية. لكنّ ذلك لا يتوافر في كثير من الأحيان، لتغدو إجازة الصيف قصاصاً للتلاميذ يجعلهم يشتاقون إلى المدرسة نفسها هذه المرة، إذ تنتظم فيها حصص الترفيه على قلتها.

دلالات

المساهمون