أهالي الشمال السوري يتبرعون بمنازلهم للمُهجرين

أهالي الشمال السوري يتبرعون بمنازلهم للمُهجرين

10 يونيو 2018
تركوا كل شيء خلفهم (فرانس برس)
+ الخط -



لا يزال بعض الأهالي في الشمال السوري يتبرعون بمنازلهم للمهجرين للإقامة فيها من دون مقابل مادي، بعضهم يعتبر الأمر رداً للجميل، وبعضهم الآخر تقوده الرأفة بمن فقدوا كل ما يملكونه، وخرجوا بملابسهم فقط، مع غياب الأمل بالعودة، خصوصاً بعد تعرض منازلهم للنهب و"التعفيش" من قبل عناصر قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له.

قدم أبو أحمد (60 عاماً) منزله في ريف إدلب الجنوبي إلى العوائل المهجرة منذ ثلاث سنوات، ويقول "تعرّضنا للقصف المتكرر، وتركت أنا وعائلتي البيت أكثر من مرة نحو مناطق متفرقة في إدلب، وعشت تجربة التهجير برفقة أولادي وأحفادي، واستقبلنا بعض الناس وفتحوا لنا بيوتهم واستضافونا، ولم يطلبوا المال مقابل إقامتنا لديهم، ولم يطلبوا حتى معونتهم في تأمين الغذاء لنا، وهو شيء يبعث السرور في النفس".

ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "كل هذا الترحيب الذي لقيته جعلني أترك بيتاً أملكه ملاذاً للعوائل المهجرة للشمال السوري، عرفاناً لما لقيته من كرم واستقبال جيد خلال تعرضي للموقف ذاته، الذي هو أقل قسوة من حال المهجرين اليوم".

أما علي سعدو (50 عاماً) فيروي لـ "العربي الجديد" أنه يملك منزلاً في مزرعة على أطراف بلدة صغيرة قرب مدينة معرة النعمان، يتيحه لإقامة عوائل مهجرة إلى الشمال السوري ممن يعرفهم، وأصدقاء له. ويشير إلى إقامة العائلة المهجرة فيه ريثما تجد منزلاً، لتفسح المجال لعائلة أخرى، وتصل في بعض الأحيان فترة إقامتها إلى شهرين.

ويقول سعدو "لم يكن بمقدوري استغلال إنسان خرج إلى المجهول، ونرى ما يحدث الآن، مع ارتفاع إيجارات المنازل، والمنزل المفروش الذي لم يكن يتجاوز إيجاره الثلاثة آلاف ليرة سورية صار المستغلون يطلبون مائة أو مئتين دولار (كل دولار يساوي نحو 440 ليرة سورية) لتأجيره، وهذا من وجهة نظري استغلال وجشع لا أكثر".


أما أمين عبد الرحمن، أحد أهالي مدينة خان شيخون في ريف إدلب فيقول لـ"العربي الجديد"، "منذ ثلاث سنوات دخل العديد من المهجرين ممن ينتمون لبعض التنظيمات إلى المدينة، وحدثت حالات استيلاء بالقوة على منازل بعض من هاجروا إلى أوروبا أو تركيا، وكان لي منزل تبرعت به لإحدى عوائل ريف حماة الشمالي للسكن فيه مؤقتاً، وهذا ما دفعني بعد خروجهم للاستمرار بالتبرع بالمنزل للمهاجرين، خوفاً من سطوة المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى المدينة. وكان الحل الذي اتخذته بمثابة مساعدة للمهجرين وخلاص بالنسبة لي من ضياع منزلي".

في المقابل، يتحدث عبد الكريم سيد، أحد المهجرين، لـ "العربي الجديد"، عن استضافته في بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي قائلاً "أفرغوا لنا بيتاً لنقيم فيه ريثما نتجه إلى الشمال، وعلى الرغم من أن العديد من البيوت في البلدة مدمرة إلا أنهم رفضوا أن ندفع أي مقابل مادي"، متابعاً "عندما وصلنا إلى بلدات تقع قرب الحدود مع تركيا وجدنا الأسعار خيالية للمنازل، تتجاوز مئتي دولار أميركي لبعضها، شيء تسبب لنا بصدمة. لم نشهد أسعار كهذه من قبل، وهناك أناس اضطروا للإقامة في أحد تلك المنازل الغالية ريثما يجدون مأوى لهم".