العراق: "المحيبس" لعبة رمضانية تعود للعصر العباسي

العراق: "المحيبس" لعبة رمضانية تعود للعصر العباسي

بغداد

محمد الملحم

avata
محمد الملحم
01 يونيو 2018
+ الخط -


تعد لعبة "المحيبس" عادة رمضانية قديمة في العراق يعود تاريخها للعباسيين، ويكثر الإقبال عليها خلال هذا الشهر، لأنها تجمع بين متعة المباراة ولقاء الأهالي بمختلف مكوناتهم وانتماءاتهم.

وتعتمد اللعبة على إخفاء المحبس، وهو الخاتم في يد أحد أعضاء الفريق، الذي يتألف من عشرين أو ثلاثين عضوا، وينبغي على الفريق الثاني (الخصم) محاولة اكتشافه واستخراجه من بين 60 يد مقبوضة، كما تتطلب استخدام عبارات وكلمات خلال اللعب، إلى جانب أدب الجلوس وحسن التعامل مع الخصم، وصولا إلى هتافات المشجعين التي تزيد من حماسة اللاعبين.

وتبدأ هذه اللعبة بعد صلاة التراويح في شهر رمضان وتنتهي باقتراب موعد السحور أحياناً، ويعود تاريخها إلى مجلس أحد الخلفاء العباسيين، إذ يحكى أنها ظهرت بعد إخفاء أحد جلسائه لخاتم الخلافة وبدء تخمين مكان وجوده، فانتشر الخبر وراق الأمر للكثيرين، فلعبوها ومن ثم انتشرت إلى خارج القصر ببغداد.

وفي السياق، يقول وليد السامرائي (56 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "كانت هذه اللعبة في فترات ماضية تقام في المقاهي والطرقات والساحات، أما اليوم فلها دوري ينظم من قبل محترفي هذه اللعبة، ويضم فرقاً من جميع محافظات العراق، وكل فريق يضم (100) لاعب أثناء مباريات الدوري، أما إذا كانت خارج منافسات الدوري، فيكون عدد اللاعبين (30) فقط، ويمكن أن يزيد العدد أو ينقص قليلاً، وهناك فرق تميزت في بغداد لوجود لاعبين يتمتعون بالخبرة في هذه اللعبة كفرق (الكاظمية، الكفاح، الأعظمية، الشعلة)، ومن فرق المحافظات العراقية تكون بالمقدمة فرق (كربلاء، النجف، الحلة، الكوفة، الديوانية، ديالى).

وتعتمد هذه اللعبة على الفراسة، فالمحترف ينظر إلى عيون اللاعبين ووجوههم وحركات أيديهم وبذكائه وفطنته يستطيع الحصول على "المحبس" من يد الخصم، حيث يتغير الأخير غالباً حين يخبئ "المحبس" في يده، وتظهر على ملامحه بعض التغيرات، وهناك لاعبون مشاهير ومميزون يستطيعون بفراستهم جلب "المحبس" من الخصم بسهولة، مثل اللاعبين جاسم أسود وكريم الخطاط، وخالد عليوي، وسالمين، وصلاح أبو سيف، وعبد الله بروص وفاضل الكرادي وسالم النقاش، ومن الشباب حجي سهيل ومحمد الدجيلي في الوقت الحاضر، حيث يمكنهم كشف المحبس بسرعة.

من جهته، يقول الحاج سهيل نجم مراد، والمشهور بـ(الحاج سهيل)، لـ"العربي الجديد": "يبدأ دوري اللعبة من أول يوم رمضان وينتهي بفوز أحد الفرق المتنافسة على لقب بطل العراق في آخر يوم من رمضان، وهذه البطولة تضم (32) فريقاً من كافة محافظات العراق، ونعتمد على العدد الفردي في البطولة (16 في 16) ثم (8 في 8) ثم (4 في 4) حتى يصعد للنهائي فريقان للمنافسة على لقب بطل الدوري".

ويضيف مراد: "نعتمد على أنفسنا في إقامة هذا الدوري دون الحصول على أي دعم حكومي، علماً أن لهذه اللعبة خصوصية ونكهة بغدادية خاصة وعراقية عامة، حيث يعود تاريخها للعباسيين، بعكس اللعب الأخرى التي ليس لها أصل عراقي ولها لجان ومؤسسات وأندية، بعكس ما كانت عليه قبل العام 2003، حيث كانت اللجنة الأولمبية تولي الاهتمام بهذه اللعبة وكانت مسجلة آنذاك ضمن ألعاب القوى الخفيفة".

ويوضح مراد أن الدوري "يضم (32) لاعبا من كل فريق، والمباراة الواحدة تنتهي بـ(12) نقطة، والوقت المقرر لكل نزلة هو (5) دقائق، وإذا بقي (3) لاعبين ولم يحصلوا على المحبس تضاف للوقت دقيقتان. وأطلق على دوري هذا العام (بطولة النخبة) 2018، وبدأت في الأول من شهر رمضان وتنتهي في آخر يوم منه".

 


في المقابل، يوضح فؤاد البغدادي، أحد مطربي فن المربع البغدادي، لـ"العربي الجديد"، أنّ علاقة المربع البغدادي ولعبة "المحيبس" وثيقة ومتلازمة جداً، لأن اللعبة تأخذ وقتاً طويلاً، فيكون دخولنا في الوقت الذي يقوم الفريق فيه بإخفاء المحبس ويسمى (التبياتة)، حيث يقوم الكابتن بإخفاء "المحبس" في أيدي اللاعبين معتمداً على ستارة خلفه للخلاص من أعين الفريق الخصم، هنا يبرز دور "المربعات البغدادية" في تلطيف الجو وإضفاء البهجة على أجواء المكان، وكذلك توزع الحلويات مع سماع المربع البغدادي ليحلو السمر في أجواء بغدادية، فللمربع خصوصية من حيث اللهجة والنكتة التي يطلقها مطرب المربع.

 

 

دلالات

ذات صلة

الصورة

مجتمع

انعقد إفطار منطقة المطرية الشهير هذا العام تحت شعار "السنة العاشرة جيرة وعشرة.. لمة العيلة الكبيرة"، وارتدى عشرات الحضور القمصان السوداء المزيّنة بشعار فلسطين..
الصورة
المعروك: أكلة رمضان التراثية في شمال غربي سورية / العربي الجديد

منوعات

يعتبر المعروك وجبة رئيسية في رمضان عند معظم السوريين، سواء بعد الإفطار أو على مائدة السحور، حيث تنتج الأسواق هذه الأكلة الشعبية بأشكال مختلفة.
الصورة
فلسطينيون من الضفة الغربية عند حاجز قلنديا 1 (العربي الجديد)

مجتمع

تعقّد سلطات الاحتلال وصول الفلسطينيين المسنّين من الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة، لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان.
الصورة

مجتمع

تستعدّ العاصمة اليمنية صنعاء لاستقبال رمضان، بنشر الجمال والبهجة في كل ركن من أركان المدينة، حيث تتحوَّل الشوارع إلى لوحات فنية تتوهج بألوان الفوانيس.