تعمّد تعطيل علاج ثلاثة مقدسيين أصيبوا برصاص الشرطة الفلسطينية

تعطيل علاج ثلاثة شبان مقدسيين أصيبوا برصاص الشرطة الفلسطينية للتنازل عن شكواهم

09 مايو 2018
المقدسي معتصم دندن بعد إصابته برصاص الشرطة الفلسطينية (فيسبوك)
+ الخط -
تطورت قضية إصابة ثلاثة شبان مقدسيين برصاص الشرطة الفلسطينية، فجر الجمعة الماضية، في بلدة أبو ديس، على إثر نفي عائلة الشبان اتهام الشرطة لأبنائهم بتعاطي المخدرات وشرب الخمر، واتهام الشرطة بالمماطلة في علاجهم للضغط على الأسرة للتنازل عن شكواها.

ويروي طلال دندن، والد شريف وغسان اللذين أصيبا برصاص الشرطة برفقة ابن عمهما معتصم، أن الشبان الثلاثة كانوا يسهرون بنفس المكان نهاية كل أسبوع بعد إنهاء برنامجهم الرياضي اليومي الذي ينتهي في الحادية عشرة ليلا، حيث أن المكان شبه خال. وفي تلك الليلة كانت هناك سيارة تسبب ازعاجا للجميع، وينطلق منها صوت موسيقى عالية، وحينما وصلت سيارة الشرطة كانت السيارة مصدر الإزعاج قد غادرت المنطقة، وحينما لم تجد الشرطة إلا مجموعة شبان صغار، فقامت بتفتيشهم وأخذ هوياتهم.

ويواصل: "نادى الشبان الصغار على بعض الموجودين لإنهاء الخلاف، وباشروا الحديث مع الشرطة، وطلب رجل أمن من الشرطي إنزال سلاحه، وفي تلك اللحظة انطلقت رصاصة ارتطمت بالأرض وارتدت إلى قدم معتصم".
ويشير دندن إلى أنه عند سماع صوت إطلاق النار انطلق الشبان إلى الموقع، وقبل وصولهم بدأ الشرطي بإطلاق النار من سلاحه الأوتوماتيكي على الأرض مما أدى إلى تطاير الشظايا على أجساد الشباب. وبعدها غادرت الشرطة المكان بدون تقديم إسعافات للشباب المصابين، فقام بقية الشباب بنقلهم بسيارة خاصة إلى الطوارئ في أبو ديس، ثم نقلوا بسيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني إلى المشفى، وهناك تعرّضوا لإهمال طبي ومماطلة في علاجهم لساعات، وبعدها وصل عناصر من الشرطة الفلسطينية، وطردوا العائلة خارج المشفى، ومنعوهم من التواصل مع أبنائهم المصابين الذين باتوا قيد الاعتقال".

أصيب معتصم برصاصة حية في قدمه، بينما أصيب شريف بشظايا الرصاص في أنحاء جسده، وغسان أصيب بشظايا في عينيه ورقبته ويديه، ووصلت إحدى الشظايا إلى شبكية العين.

واشتكى طلال دندن من المماطلة المتعمدة في تقديم العلاج للشبان الثلاثة، وتأجيل استخراج الشظايا، في صباح اليوم التالي حتى الظهر، بحجة أن غرفة العمليات مشغولة، وعند الظهر تم تأجيلها مرة أخرى حتى العصر، وأجريت العمليات عند السابعة مساء، بعد أن ضغطت العائلة احتجاجا على عدم علاجهم، "أجبرت على توقيع فاتورة تكاليف العلاج، وأبلغني نائب مدير المشفى أن الشرطة لم تكتب في تقريرها أن الشباب أصيبوا خلال عملية أمنية".

بعد تلقي الشبان الثلاثة الإسعافات الأولية تم نقلهم إلى الغرف، وهناك تم تقييد كل منهم في سريره، ووسط ضغط الأقارب تم فك القيود وسمح للعائلة بزيارتهم، وبعد ست ساعات حولت الشرطة شريف ومعتصم إلى السجن، وبقي غسان لمعاناته من نزيف في عينه بسبب شظية أصابتها، وعرض بعد ذلك على طبيب للعيون طلب تحويله إلى مستشفى مختص.

وبسبب الحالة الصحية لغسان، تقرر الإفراج عنه، وسمح لوالده بنقله إلى مستشفى على حسابه الخاص، لكنهم طلبوا منه دفع تكاليف العلاج، لكن الأب أصر على أن تكون تكاليف العلاج مسؤولية الشرطة التي أطلق عناصرها الرصاص، وبعد عدة اتصالات قرروا إرسال مركبة شرطة لنقله إلى بلدة أبو ديس، وقرر وكيل النيابة الفلسطينية تمديد اعتقال غسان لمدة 48 ساعة، وأن الشرطة يجب أن تتحمل تكاليف علاجه. وبعد مماطلة استمرت لعدة ساعات بحجة أن مركبة الإسعاف في الطريق، تبيّن أن الشرطة لم تتصل أصلا بمركبة إسعاف، حسب قول طلال دندن.

احتج أقارب الشبان الثلاثة داخل المستشفى من أجل نقل غسان، يقول دندن: "جاء عناصر من شرطة ضواحي القدس، فقالوا إن حالته الصحية لا تحتمل نقله إلى أبو ديس بسيارة خاصة، ويجب أن ينقل بسيارة إسعاف، لكن أحد الضباط قال إن الطبيب أخبرهم أنه يمكن نقله بسيارة خاصة، وهذا ما جرى".

وتعرّض غسان للإغماء والتقيؤ خلال نقله، ما أجبرهم على نقله إلى مستشفى خاص في مدينة رام الله، وهناك تبين أنه مصاب بنزيف في العين، وعدة شظايا منتشرة في الجسد، وبحاجة إلى عملية جراحية عاجلة.


ويؤكد طلال دندن أنه تعرّض لضغوط عدة للتوقيع على إيصالات مالية للتكفل بالعلاج، لكنه رفض. وحينما جهز غسان، صباح الأحد، لعملية جراحية، لم تتم العملية بسبب تعليمات من أحد الضباط، رغم تحذيرات الأطباء من مخاطر تأجيلها، وتمت المماطلة لعدة ساعات مع محاولة الضباط تحويله إلى مستشفى رام الله، لكن الوالد رفض. وعند العصر، وبعد فوضى أحدثها الأقارب، قام عناصر الشرطة بالاتصال بقيادتهم وأخبروهم بأن الوضع يوشك على الخروج عن السيطرة، ما دفعهم إلى السماح بإجراء العملية الجراحية.

ويعتبر أن "ما حدث من مماطلات في تقديم العلاج للشبان، كان بمثابة ضغوط على الوالد للتنازل عن حقوقه، وعن الشكاوى التي تقدّم بها إلى جهاز الاستخبارات العسكرية، ومحاولة إنهاء قضية إطلاق عناصر الشرطة الرصاص على الشبان"، مشيرا إلى أنه وافق على إثر الضغوط بعد اعتذار الشرطة عن روايتها حول أسباب إطلاق الرصاص، والتكفل بعلاجهم، وإطلاق سراحهم، مقابل أن يتنازل الأب عن شكواه.

ويضيف دندن أنه "تم الإخلال بالاتفاق، وبعد قرار الشرطة بالإفراج عنهم وإغلاق ملفهم، تبيّن أن رحلة علاجهم لم تكتمل. وحسب الاتفاق، كان يجب علاجهم حتى يعودوا إلى وضعهم السابق، لكن هذا لم يتم، ما دفعني إلى عدم سحب الشكوى ومتابعة القضية".

وقال الناطق باسم الشرطة الفلسطينية، لؤي ارزيقات، لـ"العربي الجديد"، إن "الشرطة الفلسطينية تلقت اتصالا يفيد بوجود شبان يتعاطون المخدرات والمسكرات في بلدة أبو ديس، وتحركت للتعامل مع الشكاوى، وعند وصولها وجدت بالفعل إزعاجا كبيرا أحدثه الشبان، وما أن وصل العناصر حتى تم الاعتداء عليهم ومهاجمتهم من قبل الشبان، ما دفعهم إلى إطلاق الرصاص في الهواء، فأصيب ثلاثة من الشبان بشظايا الرصاص، وتمت السيطرة عليهم واعتقالهم، وسيتم تحويلهم للقضاء".

وتنفي العائلة تهم الشرطة، وتؤكد أن الشبان الثلاثة معروفون بحسن السيرة، وليس أي منهم من أصحاب السوابق، فغسان دندن أسير محرر تم اعتقاله مرتين، وهو خريج جامعي بتخصص الخدمة الاجتماعية، ومتزوج ولديه ثلاثة أطفال، بينما يملك شريف مصالح تجارية في بلدة أبوديس، وهو ضابط إسعاف سابق، ومعتصم أسير محرر اعتقل ثلاث مرات، ويعمل سائقا.