عنف في مدارس روسيا

عنف في مدارس روسيا

14 فبراير 2018
داخل أحد الصفوف (أليكسي فليبوف/ فرانس برس)
+ الخط -
في الآونة الأخيرة، انشغل الرأي العام الروسي باعتداءات وأعمال عنف شهدتها مدارس في البلاد، بما فيها واقعة مروعة في مدينة أولا أودي، إذ نفّذ تلميذ في مدرسة ثانوية اعتداء بالفأس أسفر عن إصابة سبعة أشخاص، إضافة إلى اعتداء في إحدى مدارس مدينة بيرم، أدى إلى إصابة 15 شخصاً، وذلك إثر شجار تطور إلى اشتباك بالسكاكين.

وتبيّن أنّ منفذ الهجوم في بيرم مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً، وكان يشارك في إحدى المجموعات المعنية برصد الاعتداءات في المدارس حول العالم، ومناقشتها. وبعدما حمّلت السلطات الروسية المجموعات المروجة للعنف على الإنترنت مسؤولية تكرار الاعتداءات في البلاد، أعلنت هيئة الرقابة الروسية "روس كوم نادزور"، نيّتها حجب مثل هذه المجموعات عن شبكة "فكونتاكتي" للتواصل الاجتماعي، وهي الشبكة الأكثر شعبية بين المراهقين الروس، إذ يبلغ عدد مستخدميها ما دون 16 عاماً نحو سبعة ملايين.

يقول متخصّصون في علم النفس إنّ شبكات التواصل الاجتماعي مجرّد عامل مساعد، إذ إنّ مظاهر العنف ترتبط بأسباب نفسية لدى المراهقين. في هذا السياق، يوضح المعالج النفسي يفغيني إدزيكوفسكي أنّه لطالما شهدت المدارس في روسيا أعمال عنف نتيجة محاكاة المراهقين لمختلف الأنماط السلوكية، لافتاً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في ترسيخ أنماط سلوك جديدة.

ويقول إدزيكوفسكي لـ "العربي الجديد": "لا يمكن وصف الوضع الراهن بأنه موجة من العنف، بل إن مثل هذه الأعمال تحدث دائماً نتيجة معاناة المراهقين من مشاكل تتعلّق بتحقيق الذات ضمن أطر مقبولة اجتماعياً".



وفي ما يتعلّق بالإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، يقول: "لدى بعض الأشخاص أنماط سلوكيّة خاصة وأخرى يسعون إلى تقليدها. في عهد الاتحاد السوفييتي، لم تكن وسائل الإعلام لترصد إطلاق النار أو العنف في المدارس أو حالات الانتحار. أما اليوم، فقد باتت مواقع التواصل الاجتماعي عاملاً مساعداً".

مع ذلك، يوضح إدزيكوفسكي أن هذه المواقع في حدّ ذاتها لا تزيد من نسب المراهقين الأكثر قابلية لارتكاب أعمال العنف، لافتاً إلى أنه تجب مواجهة الأمر من خلال خفض السن القانونية للمسؤولية الجنائية، وهي 14 عاماً في الوقت الحالي. يضيف: "أصبح سن ارتكاب الجرائم أقل من سن المسؤولية الجنائية، ولا يتحمل الجناة من الأطفال أي مسؤولية تدريجية. من الأفضل معاقبة المراهق في سن 13 بالسجن لعام واحد حتى يستخلص دروساً، بدلاً من ثماني سنوات بعد بلوغه السن القانونية. ويمكن فرض غرامات مالية كبيرة بحق أولياء الأمور".
من جهتها، تقول المعالجة النفسية فيتا خولموغوروفا إنّ أعمال العنف في المدارس لم ترتفع، مشيرة إلى أنّ المراهقين يميلون إلى محاكاة المظاهر التي تنتشر بين الكبار. وتوضح لـ "العربي الجديد": "تؤكد الإحصائيات أن أعمال العنف لم تزدد، لكن شبكة الإعلام المتطورة تنقل الحوادث، ما يؤدي إلى صدى كبير".

وإلى أسباب العنف لدى المراهقين، تقول: "هناك توجّه للعنف في المجتمع بشكل عام، ونمط السلوك هذا موجود لدى جميع الفئات العمرية. ويتولّى الكبار تسوية الخلافات بينهم عن طريق المحاكم والمؤامرات والتلاعب، بينما يكون الحل لدى المراهقين بالعنف المباشر أو اختيار الأضعف ومضايقته لإثبات الذات". وتشير إلى أن المراهقين الذين يقدمون على أعمال العنف ينتمون إلى عائلات تعاني من مشاكل، فيسعون إلى التعويض في المدرسة.



وعن دور مواقع التواصل الاجتماعي، تقول: "في بعض الأحيان، يحدد المراهق هويته من خلال أشخاص آخرين، وهناك قادة لمجموعات العنف يستوحي المراهقون أعمالهم منهم".
ولا تبدو البيانات الإحصائية حول عدد الجرائم التي يرتكبها الأطفال في روسيا دقيقة. وبحسب إحصائيات، تراجعت نسب جرائم المراهقين بنحو ثلاثة أضعاف خلال الفترة الممتدة من عام 2000 وحتى عام 2015، ناهيك عن انخفاض نسبتهم بين إجمالي عدد الجرائم. في المقابل، تُظهر دراسة نُشرت في مجلة "عموم روسيا لعلم الجريمة"، زيادة في خطورة الجرائم التي يرتكبها المراهقون، بما فيها ارتفاع عدد الجرائم المرتكبة نتيجة تعاطي المخدرات بنسبة أكثر من ثلاثة أضعاف ما بين عامي 2010 و2015، وزيادة نسب تكرار الجرائم، وتراجع متوسط أعمار الجناة، وغيرها. 

نسب المراهقين تنخفض

تفيد صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية بأن تراجع العدد الإجمالي للجرائم بين المراهقين لا يرتبط بتحسن الوضع الاجتماعي بل بانخفاض عدد السكان في عمر المراهقة بنسبة 46 في المائة بشكل عام، إثر انخفاض عدد المواليد خلال السنوات التي تلت تفكك الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن الماضي.

المساهمون