روايات عراقية تحوّل جراراً زراعياً وعمود كهرباء إلى مزارات

روايات عراقية تحوّل جراراً زراعياً وعمود كهرباء إلى مزارات

15 أكتوبر 2018
الجرار الزراعي الذي أصبح مزاراً (فيسبوك)
+ الخط -
بين فترة وأخرى يتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق صورا من مناطق مختلفة من البلاد تتناول باستهجان ظاهرة  توظيف الدين، واستغلال البسطاء من الناس للتربح. وعرض هؤلاء أخيراً صوراً عن تحول جرار زراعي إلى مزار للتبرك به، وكذلك عمود كهرباء، وقبر جدّة أحدهم، وشجرة في مناطق بغداد.

ويعد الجرار (عربة زراعية) في مدينة الوركاء بمحافظة المثنى (جنوب العراق) من أشهر تلك الأشياء التي تحولت مزارا للبسطاء الذين يأتون إليه لطلب" مرادهم"، وتحقيق ما يبغون.

وقال محمد فيضل، وهو معلم يسكن محافظة المثنى، إن هذا الجرار موجود في مكانه منذ سنوات عدة، مبينا لـ "العربي الجديد" أنه تحول إلى مقصد مهم بالنسبة للبسطاء، بعد أن نشر بعض الأشخاص شائعة تفيد بأن الجرار مبارك، ويمكن أن تتحقق لديه الأماني.

وأضاف "هذا الأمر دفع كثيرين لا سيما النساء إلى زيارته، ونحر الذبائح عنده، وتعليق بعض الأشياء عند طلب الأماني"، مؤكدا أن الأموال التي توضع فيه تذهب إلى جيوب بعض الأشخاص الذين يقومون بحمايته.



وتابع "ليس هذا الجرار وحده هو الذي تدور بشأنه الروايات، بل يوجد عمود كهرباء قريب تحول هو الآخر إلى مكان تقصده النساء من أجل طلب الأماني". وأشار إلى أن هذه الحالة المرتبطة بالجهل تنتشر بكثرة في محافظة المثنى وبقية مدن جنوب العراق، بسبب تفشي الجهل من جهة، وتغاضي الجهات الأمنية عنها من جهة أخرى.

وأكد حميد فدعم، وهو مسؤول محلي في مدينة الوركاء، أنه أبلغ مع مسؤولين محليين آخرين الشرطة أكثر من مرة، موضحا لـ "العربي الجديد" أن بعض عناصر الأمن أخبروه بعدم قدرتهم على إزالة الجرار، خشية إحداث مشاكل هم بغنى عنها. وأوضح أن هذا الأمر مجرد ذريعة، مرجحاً أن تكون "جهات مستفيدة من الضحك على عقول البسطاء واستنزاف أموالهم هي التي تحول دون إزالة هذه الخرافات".



وانتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الظاهرة التي اعتقدوا أنها تستخف بعقول الناس.

وتحدث الناشط على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حسين عن جرار مدينة الوركاء، قائلا "إن جميع الذين يؤمنون به لديهم قصة"، مضيفا "إنهم من البسطاء، البسطاء جدا، وإدراكهم للحياة يتمثل بطريقة التعاطي مع الأمور بحكم بيئتهم".

وبيّن أن هؤلاء البسطاء يخضعون لاستغلال تجار الدين والسياسة، رافضا دعوات عزلهم وإهانتهم، "لأن هذا الأمر يقوي لديهم الشعور بالعدوانية والكراهية"، بحسب رأيه.

وقال الناشط على "فيسبوك" سالم السالم: "إن قصة هذا الجرار قديمة تتمثل بمقتل أحد رجال الدين فيه"، مبينا أن أحداً لم يجرؤ على تغيير مكانه منذ ذلك الحين. وأضاف "أصبح مكاناً للتبرك والزيارة، وطلب المراد من إنسان قتل غدرا".

وأكد الباحث الاجتماعي علي حميد، أن هذه الحالة مماثلة لظاهرة مشابهة انتشرت في مختلف مدن العراق، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن سببها الأول هو الجهل، فضلا عن قيام بعض الأشخاص بالتلاعب بعقول الناس.

وأشار إلى أن تفشي الأمية، وتراجع مستوى التعليم في القرى والأرياف تسبب بتفاقم هذه الحالة التي أصبحت مقلقة بشدة، لأنها تتحكم بالآلاف من البسطاء، فضلا عن استنزافها جيوب الفقراء.

دلالات