استفتاء كردستان العراق يثير قلق العوائل من تبعات الانفصال

استفتاء كردستان العراق يثير قلق العوائل من تبعات الانفصال

19 سبتمبر 2017
علاقات توتر بين المؤيدين والمعارضين(باتريك هرتزوغ/فرانس برس)
+ الخط -


ينشغل الأكراد بقضية الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق، لكن تشابك الجذور والأنساب بين القوميات والمذاهب في بلاد الرافدين، يجعل فكرة الانفصال تهديداً يمزق وحدة وسكينة الكثير من العوائل العراقية الكردية والعربية، ويقضي على شراكات كثيرة على مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية.

شيماء عبد الرحمن (38 عامًا)، موظفة حكومية، تقول لـ"العربي الجديد"، "تزوجت قبل سبعة أعوام من رجل كردي، والأمور بيننا تسير على ما يرام، لكن بعد إثارة موضوع انفصال الإقليم أصبحت أخشى أن يهدد ذلك علاقتنا، أو يحدث ما لا تحمد عقباه في حال اندلعت حرب غالبا ما تدفع ثمنها العوائل الآمنة والناس البسطاء".

وتابعت "أذكر جيداً كيف انتهت الكثير من العلاقات بين العوائل في الحرب الطائفية التي اندلعت عام 2006، وما تلتها من أحداث دامية فككت العلاقات الأسرية والقرابة نتيجة الاقتتال الطائفي بين السنة والشيعة بسبب هوس الأحزاب المتناحرة، ومازال دخان تلك الحرب متصاعدا".

وتؤكد عبد الرحمن أن "انفصال الإقليم يترتب عليه حسابات أخرى لم تكن ضمن حساباتي، وعندما أسأل نفسي ماذا ستكون هوية أبنائي هل تبقى عراقية، وهل سيبقى زوجي كردي عراقي أم أنه سيحمل جنسية أخرى؟ هذا يجعلني أنا وزوجي في حيرة وجدال دائمين".

ويقول أبو إبراهيم (47 عامًا)، يعمل في القطاع الخاص، إن "مشروع انفصال الإقليم يلقي بظلاله داخل عائلتي لأن زوجتي من القومية الكردية وترغب بالعيش داخل إقليم كردستان، وعملي في بغداد يمنع انتقالي إلى الإقليم، غير أنها ترغب بترك العاصمة والعودة إلى دهوك مسقط رأسها، وإذا أعلنت الدولة الكردية في شمال العراق وهو أمر ترغب به زوجتي، فأنا أجده غير مناسب لي قطعاً لأن تجارتي التي أسستها في بغداد لا يمكن أن أستغني عنها، وهذا ما يجعلني بين مطرقة الحفاظ على عائلتي وسندان تجارتي".





ويقول سعدون الشيباني (42 عامًا) لـ"العربي الجديد"، "إن مجرد الحديث عن انفصال إقليم كردستان وتأسيس الدولة الكردية يجعلنا نحن النازحين في موقف صعب، بعضنا لا يستطيع العودة إطلاقاً إلى مدينته كما لا يستطيع أيضاً البقاء داخل الإقليم في ظل توتر وقلق دائمين يثيره بعض ضعاف النفوس".

ورأى أن "التوتر ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى قتال وصراع قومي يأخذ سيناريو ليس قديماً وإنما بعنوان متغير من حرب بين الطائفتين الشيعية والسنية إلى حرب طاحنه بين القوميات، وبالطبع ليس هناك أسهل من التضحية بدم المواطن العراقي بغض النظر عن قوميته أو طائفته أو دينه".

وتقول الناشطة والباحثة الاجتماعية، سولاف محمود لـ"العربي الجديد"، "يغفو العراق على تراكم الأحداث المخيفة، ما أن تنتهي واحدة حتى تظهر أخرى أقوى من سابقتها، وأعتقد أن موضوع انفصال إقليم كردستان العراق جاء في الوقت غير المناسب إذ ما زال العراقيون يئنون من الحرب والنزوح وتدمير مدنهم بعد دخول داعش في يونيو/حزيران عام 2014".

وبيّنت محمود أن "أزمة الانفصال تحدث تشظياً في بنية العلاقات بين الأسر المختلطة وحتى غير المختلطة نتيجة تأجيج الصراع القومي أو المكاني، وبالرغم من ذلك فإن هناك كثيرين يفضلون الحفاظ على القومية الكردية ضمن الهوية العراقية لعدة أسباب منها ارتباطهم التاريخي بالعراق الذي يتشاركون فيه مع القوميات والطوائف الأخرى من العرب والتركمان والأيزيديين والكلدان والآشوريين والصابئة وغيرهم، فضلاً عن روابط الأخوة والمصاهرة والصداقة وأيام الدراسة التي رسخت في نفوسهم مفهوم الانتماء لوطن واحد اسمه العراق، ووفق هذه الرابطة الانتمائية يرى هؤلاء أن من الصعب ترك كل ذلك والانفصال عنه حتى وإن كانت النتيجة دولة مستقلة".

وأكدت أن "مخاوف العوائل الواقعة ضمن حلقة الانفصال خاصة من القاطنين في المناطق المتنازع عليها في محافظات نينوى وكركوك وديالى، والتي تزداد حدتها لدى المتصاهرين من عرب وأكراد، لأن ذاكرتهم ما زالت تحتفظ بفواجع الأمس القريب والتي راح ضحيتها أعزاء لهم قضوا في حرب طاحنة أتت على الأخضر واليابس وزعزعت مستقبلهم".