أحمد يبيع القهوة ويُحرم من المدرسة

أحمد يبيع القهوة ويُحرم من المدرسة

19 سبتمبر 2017
لا يحبّ بيع القهوة (العربي الجديد)
+ الخط -
قد تنتهي الحرب في سورية يوماً ما، وقد يُعاد بناء ما دمر من حجر، وقد يعود السوريون إلى مناطقهم التي نزحوا عنها، لكن ما يصعب إعادة بنائه أولئك الأطفال الذين حرموا من مقاعد الدراسة، وخرجوا إلى سوق العمل مرغمين، سعياً وراء لقمة العيش في أماكن نزوحهم، وعدم قدرة أهاليهم على تأمين مداخيل تساعدهم في تأمين التعليم لهم. وفي النهاية، يكون الأطفال أكبر الخاسرين.

أحمد موسى الشباني (12 عاماً) يسعى طوال نهاره إلى تأمين خمسة عشر ألف ليرة لبنانية (10 دولارات أميركية) من خلال بيعه القهوة بالمصب (إبريق) متجولاً على الكورنيش البحري لمدينة صيدا، جنوب لبنان. هو لم يختر الشارع، بل يحب المدرسة، ويريد متابعة تعليمه، وينوي عندما يعود إلى سورية - إن وافقت أمه- العودة إلى المدرسة. كان في الصف الثالث الأساسي عندما خرج من درعا السورية، بسبب القصف الذي كان يطاول منطقته والذي دمر بيت العائلة وباص النقل الذي كان يعمل عليه والده.

خرجوا جميعاً منذ خمس سنوات، إلى مدينة صيدا، حيث دار جديه لأمه وهما من المدينة في الأصل، ثم استأجروا لاحقًا منزلاً مؤلفاً من غرفة واحدة بمائتي دولار شهرياً في منطقة صيدا القديمة. يقول عنه أحمد: "هذا المنزل يتسع لنا فغرفته كبيرة".

أحمد وأخوه البالغ من العمر ستة عشر عاماً تركا التعليم، ليؤمّنا مصاريف البيت والإيجار الشهري، لأنّ والدهما أجرى عملية القلب المفتوح ولم يعد قادراً على العمل. ويعمل الأخ في بقالة.

يقول أحمد: "في البداية عمل والدي في بلدية صيدا موزعاً للحصص الغذائية والمعيشية على السوريين النازحين ونحن منهم. لكن بعد إجرائه عملية قلب مفتوح ترك العمل، فلم يعد في إمكانه حمل أشياء ثقيلة، وباتت مسؤوليتي مع أخي تأمين طعام العائلة". لكنّ ذلك صعب عليهما: "في بعض الأحيان نستدين حتى نستطيع تأمين ما نحتاجه، لأنّ ما نجنيه أنا وأخي لا يكفي المنزل".

لم يكن أحمد يريد بيع القهوة، لكنّ والده أجبره على ذلك، خصوصاً أنّ جده لأمه يبيع القهوة بالطريقة نفسها منذ 45 عاماً على الكورنيش البحري. حرم الوالد جميع من في البيت من الطعام طوال أيام لأجل شراء مصب القهوة الذي يستخدمه أحمد، فيبيع القهوة بفناجين بلاستيكية بـ500 ليرة (0.33 دولار) لكلّ فنجان.

لكنّ أحمد يبيع القهوة بحزن واضح ودائم في عينيه. هو يهدر طفولته في الشارع، منتظراً عمراً ينقضي ويحوّله إلى رجل، لكن بلا مستقبل مضمون أو حياة كريمة.

المساهمون