كوبنهاغن: دعوات لإغلاق المدارس الإسلامية وإجماع لتغيير قوانين تأسيسها

كوبنهاغن: دعوات لإغلاق المدارس الإسلامية وإجماع لتغيير قوانين تأسيسها

26 اغسطس 2017
طلاب مسلمون في الدنمارك(ناصر السهلي)
+ الخط -
تتجه كوبنهاغن نحو تغيير جذري في قوانين تأسيس "المدارس الأهلية الحرة" (الخاصة) المستمر منذ 150 عاما مع ازدهار النظام الديمقراطي وتعديلاته الدستورية الواسعة. ومنح القانون الفرصة للأهل والمجتمعات المحلية لتأسيس المدارس الخاصة كنوع من ممارسة حق تقرير السبل التربوية لمستقبل الأطفال.

ويرى بعضهم أن المقترح دليل على "تزايد نفوذ اليمين المتشدد في الدنمارك ورفع سقف مقترحاته، مع رفض برلماني ليمين ويسار الوسط، لكن سرعان ما يظهر تأييد المعسكرين لتلك المقترحات"، وفقا للناشط في مجال الدمج مالك البطران. وتتركز تهمة المدارس المسلمة تحديدا بما يسمى "تشجيع التشدد والتطرف بين النشء".

ويربط هؤلاء بين عرض الصحافة انتشار ما يسمى "معاداة السامية" لدى مدرسي بعض المدارس، خصوصا تعبير بعضهم عن مواقف معارضة للاحتلال الإسرائيلي ومؤيد للمقاومة (خصوصا حركة حماس) على وسائل التواصل الاجتماعي، واندفاع زعيمة المعارضة، الاجتماعي الديمقراطي من يسار الوسط، ميتا فريدركسن، للمطالبة بـ"إغلاق جميع المدارس الإسلامية الخاصة، التي يكون فيها نسبة الطلبة من خلفية مهاجرة بنحو 50 في المائة".


استهداف مقصود


بحسب مدرسين ومدراء مدارس إسلامية تحدثوا لـ"العربي الجديد" فإن مقترح فريدركسن عبر عن "تنافس محموم مع اليمين المتشدد على أبواب انتخابات بلدية وبرلمانية بعد أن أصبح حزب الشعب الدنماركي يحتل المرتبة الثانية برلمانيا".


ويصف أستاذ تربية إسلامية في مدرسة خاصة، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" مقترح إغلاق المدارس بعد عقود من العمل، بأنه محاولات "لإسكات المدرسين الذين لديهم بالتأكيد مواقف من المحتل، وهذا أمر يخصهم في وسائل التواصل، والمفاجئ هو انسياق السياسيين خلف الصحافة الشعبوية المثيرة للكراهية ضد المسلمين".

واستهدفت الصحافة، خصوصا "بي تي" ذات التوجه الشعبوي، عددا من المدارس، ومنها مدرسة القدس في كوبنهاغن، متهمة مديرها، وليد الحجي، "بنشر بروباغندا لمنظمة حماس الإرهابية".

الحملة تستهدف المدارس المسلمة(ناصر السهلي) 



ويبدو أن استمرار الحملة ضد مدارس المسلمين، خلال أغسطس/آب، دفع بالسياسيين، ومن بينهم فريدركسن، وحزب فينسترا الذي يتزعم حكومة يمين الوسط، إلى الاقتراب أكثر نحو مقترحات اليمين المتشدد في استهداف المدارس الإسلامية الخاصة.


واستند يسار ويمين الوسط في طلب إغلاق المدارس وتوزيع تلاميذها، بضعة آلاف، إلى مدارس أخرى، على سؤال "الاندماج، فهل تساهم هذه المدارس بالفعل في نشر تعاليم الديمقراطية وقيم المجتمع؟ من الواضح بأنها كل الوقت تثير جدلا حول مواقفها من الديمقراطية والمساواة والنظرة إلى اليهود، ولا يبدو أن الإشراف على تلك المدارس قد انتبه إلى ما يجري سابقا"، بحسب زعيمة يسار الوسط المعارض، ميتا فريدركسن، في طلب الإغلاق.


بعض أولياء الأمور، مثل أم عبد السلام التي يرتاد اثنان من أبنائها مدرسة خاصة، يرون في الجدل "عودة إلى نقاش مستمر منذ سنوات من ضمن تصاعد الكراهية ضد المسلمين واستهداف دينهم". ومقابل ذلك ينفي يسار الوسط أنه يستهدف المسلمين "الأمر مرتبط بمن ينشر بروبغاندا التطرف وخلق مجتمعات هامشية لا تؤمن بالقيم الديمقراطية"، كما تثير فريدركسن في نقاشها حول الهدف من التشديدات المقترحة.


وفي ردها على سؤال صريح "ماذا عن المدارس اليهودية الخاصة، التي لديها أيضا خصوصيتها الثقافية والدينية؟"، قالت فريدركسن للتلفزة الدنماركية": "في هذه الأوقات ليس لدينا مشكلة مع هذه المدارس".

 

التعديل الدستوري وشيك(ناصر السهلي) 




تعارض مع حقوق الإنسان... فتغيير قانوني


أثار مقترح فريدركسن جدلا باعتباره "خرقا دستوريا، ومخالفة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، بحسب وزارة التعليم التي رأت بأنه "لا يجوز التمييز على أساس المعتقد أو الأصل بطلب الإغلاق".

ويبدو أن الاستشارات القانونية التي قدمت إلى يسار ويمين الوسط، المصران على مقترح الإغلاق دفع اليوم السبت بموقف جديد، يؤديه بعض أقطاب اليسار، من حزب الشعب الاشتراكي، بمقترح "تعديل القانون المستمر منذ 150 عاما حول تأسيس المدارس الحرة".

ويقضي المقترح الذي يبدو أنه سيلقى تأييدا تشريعيا، بأن "ترسل المدارس الخاصة شرحا وافيا إلى وزارة التعليم حول كيفية إعداد التلاميذ للعيش في ظل الديمقراطية، ويُرفض الطلب إذا ما كانت المدارس تضع القوانين الدينية فوق القوانين العلمانية، ويُرفض توظيف أشخاص كانوا يعملون في مدارس خاصة سابقا، مع إمكانية تجريد المدارس القائمة من المنح المالية السنوية المقدمة من الدولة"، وفقا لما عرضته اليوم السبت وزيرة التعليم، ميتا ريسآيا، من التحالف الليبرالي بعد مفاوضات مع مختلف الأحزاب، خصوصا حزب الشعب اليميني المتشدد والحكومة التي تعتمد على قاعدته البرلمانية.


أولياء الأمور يجدون المنع متلازما مع تصاعد الكراهية ضد المسلمين(ناصر السهلي) 



وعبرت فريدركسن عن دعمها للتغيير المقترح للدورة البرلمانية الجديدة في هذا الخريف، والمفاجئ أن حزب الشعب الاشتراكي يندفع لتأييد هذا التعديل، بينما حزب راديكال من يسار الوسط يرفضه وينتقده "لأنه يحمل تحيزا وتحاملا وتعميما على المسلمين".



المساهمون