إقبال ضعيف على بلديات تونس

إقبال ضعيف على بلديات تونس

19 يوليو 2017
هل تصوّت في الانتخابات المقبلة؟ (تسنيم نصري/ الأناضول)
+ الخط -
انطلقت عملية تسجيل الناخبين في الانتخابات البلدية التونسية في 19 يونيو/ حزيران الماضي، على أن تستمرّ حتى 10 أغسطس/ آب المقبل. وعلى الرغم من أنّ الانتخابات البلدية التي تنظّم في 17 ديسمبر/ كانون الأول هي الأولى من نوعها بعد الثورة وبعد محطات طويلة من التأجيل والخلاف، فإنّ الإقبال على التسجيل، اليوم، بحسب ما يفيد مراقبون يأتي ضعيفاً جداً دون المأمول.

نحو خمسة ملايين ناخب تونسي مدوّنة أسماؤهم في السجل الانتخابي منذ انتخابات 2011 و2014، إلا أنّ جانباً من هذا السجل لم يعد صالحاً للانتخابات البلدية بسبب تغييرات عدّة في أوضاع المسجّلين، إمّا نتيجة وفاة أو تغيير مقر الإقامة أو السفر. ونظراً إلى تلك التغيرات، فإنّ المعنيين بالانتخابات مطالبون بإعادة التسجيل لتأكيد مكان إقامتهم الصحيح حيث يدلون بأصواتهم.

تجدر الإشارة إلى أنّ إجراءات التسجيل تختلف هذه المرّة عمّا كان في انتخابات 2014، خصوصاً تلك المتعلقة بضرورة تطابق مكان تسجيل المعني مع عنوانه المدوّن على بطاقة الهوية، مع وجوب تأمين وثائق إضافية في حال وجوب إثبات عنوان فعلي مختلف عن عنوان بطاقة التعريف الوطنية. وقد رفض بعض التونسيين الإجراءات الجديدة المتعلقة بتطابق مقرّ السكن مع العنوان المدوّن على بطاقة الهوية، إذ إنّ الانتخابات الماضية سمحت للناخبين باختيار الدوائر والمكاتب الانتخابية التي يرغبون في التصويت فيها بغضّ النظر عن محل السكن أو مسقط الرأس، وذلك على خلفية البعد الوطني الذي تميزت به الانتخابات التشريعية. ويشير مراقبون لعمليات تحضير الانتخابات إلى أنّ المعايير الجديدة المؤكدة للتسجيل بحسب مقرّ الإقامة قد تزيد من تعقيد أوضاع عشرات آلاف التونسيين، خصوصاً أنّ عناوين الإقامة المسجلة على الهوية تكون عادة بحسب مكان الولادة.

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قد أشارت، في وقت سابق، إلى أنّ عدد الناخبين غير المسجلين في الانتخابات السابقة بلغ نحو ثلاثة ملايين، بالتالي على هؤلاء إنجاز عمليات التسجيل للمشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم الذي يمكّن المواطن من انتخاب من يمثله على المستوى الجهوي والمحلي. وقد وضعت الهيئة في تصرّف المواطنين الراغبين في التسجيل نوعَين من مكاتب التسجيل، إمّا مكاتب ثابتة يبلغ عددها 642 مكتباً في مقرات الهيئة الفرعية للانتخابات ومقرات البلديات والمعتمديات بالإضافة إلى مكاتب البريد والمراكز التجارية ومحطات النقل الكبرى، وإمّا مكاتب تسجيل متنقلة، أي أنّ أعوان التسجيل يتنقلون داخل البلديات ويتصلون مباشرة بالمواطنين لحثّهم على التسجيل خلال المهرجانات وعلى الشواطئ وفي الأرياف. وبالنسبة إلى رجال الأمن والعسكريين الذين يشاركون للمرة الأولى في تاريخ تونس في الانتخابات البلدية، فإنّ عملية التسجيل لا تختلف عن المواطن العادي، غير أنّ مراكز خاصة سوف تخصَّص لهم.

شهر مرّ على انطلاق عملية التسجيل في الانتخابات، غير أنّ إحصاءات هيئة الانتخابات تشير إلى أنّ العدد دون المأمول بالمقارنة مع الانتخابات البلدية التي أجريت في عام 2010 والتي بلغ فيها عدد المسجلين ثلاثة ملايين و104 آلاف و615 شخصاً، بينما وصل عدد الذين أدلوا بأصواتهم إلى مليونَين و591 ألف و271 ناخباً.

جمعية "عتيد" أي الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات، هي الجمعية الأبرز في مجال مراقبة الانتخابات، وهي تراقب عملية التسجيل للانتخابات البلدية 2017 منذ بدايتها. وتوضح رئيسة الجمعية، ليلى الشرايبي، لـ "العربي الجديد" أنّ "الجمعية رصدت ضعفاً كبيراً في حملة التوعية التي تنظمها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بالتزامن مع غياب للمجتمع المدني. كذلك لاحظت ضعفاً كبيراً في التسجيل للانتخابات، في حين لم تشهد مكاتب عدّة أيّ تسجيل". تضيف الشرايبي أنّ "الجمعية لاحظت غياب الإشارات واللافتات التي تدلّ على بعض مكاتب التسجيل وتوقيت عملها، بالإضافة إلى التأخر في تركيز مكاتب التسجيل وتجهيزها". وتؤكّد أنّ "عدم التسجيل يعني عدم اهتمام الناس بالشأن العام، بالإضافة إلى ضعف إقبال رجال الأمن والعسكريين على التسجيل على الرغم من أنّ الدولة منحتهم للمرّة الأولى حقّ التصويت في الانتخابات البلدية".

من جهته يؤكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نبيل بفون، "الإقبال المتواضع على التسجيل في الانتخابات بالإضافة إلى غياب الأحزاب السياسية وكذلك المجتمع المدني في ما يخصّ تنظيم حملات توعية حول أهمية الانخراط في العملية الانتخابية". يضيف بفون لـ "العربي الجديد" أنّه "على الرغم من الجدال الكبير الذي أثارته مشاركة رجال الأمن والعسكريين في الانتخابات البلدية، قبل مصادقة مجلس نواب الشعب التونسي في يناير/ كانون الثاني 2017 على قانون الانتخابات المحلية والبلدية وإقراره السماح لهؤلاء بالتصويت في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواها، فإنّ إقبال هؤلاء على التسجيل في الانتخابات البلدية كان دون المأمول".

دلالات