الجامعات العربية وقضاياها

الجامعات العربية وقضاياها

07 يونيو 2017
طالبة جامعية في بيروت (جوزيف براك/ فرانس برس)
+ الخط -
نشأت الجامعة العربية الأولى في تونس (القيروان) ثم في مصر (جامع وجامعة الأزهر). حدث هذا في العصور الوسطى. ثم جرى التعرف على الجامعة الحديثة في بيروت، التي أرسى المبشرون البروتستانت عام 1866 أسسها الأولى وسميت الكلية السورية الإنجيلية ثم الجامعة الأميركية، وتلاهم المبشرون اليسوعيون في العام 1875 وأسموها جامعة سان جوزف أو القديس يوسف. بعدها بفترات وجيزة نشأت جامعات دمشق والقاهرة وغيرها.

الجامعات الخاصة الأولى أنشأها البروتستانت والكاثوليك وتلاها قيام جمعيات سنية بيروتية (جامعة بيروت العربية) أو مارونية (الروح القدس – الكسليك) بإنشاء جامعاتها، جميعها لم تكن تبغي الربح . كانت وراءها مشروعات سياسية وثقافية وفكرية منها ما يتعلق بالهوية.
طوال العقود التي تلت الاستقلالات ظلت الجامعات الرسمية التي تنشأ بقرارات حكومية وتمويل إدارات رسمية سيدة الموقف، واستمر الوضع على هذا المنوال عندما ارتفعت الصرخات مطالبة بتعميم التعليم العالي وفتح أبوابه نحو الأعداد الكبرى من الراغبين، معها خرجت الجامعات من العواصم إلى المحافظات لكنها بقيت ضمن طغيان الاتجاه الرسمي.

وظل الوضع على ما هو عليه حتى سنوات الثمانينيات والتسعينيات عندما أخذت تنشأ جامعات أهلية أو خاصة كثيرة نمت كما ينمو الفطر، حتى أن وزير الثقافة اللبناني السابق، الدكتور غسان سلامة، وصف حال هذه الجامعات بأنها ليست سوى "بوتيكات – محلات تجزئة صغيرة في الأحياء غالباً - لبيع الشهادات". الآن بتنا جميعاً أمام هذا الأمر الواقع، بعد أن أضيفت إليه موجة الجامعات الأميركية والأوروبية والإيرانية والتركية والصينية و... باختصار مجتمع أكاديمي مدولن - من دول - وكلٌّ يطمح بالحصول على حصة منه.

لا بد من القول إن المنطقة العربية تشهد مخاضاً بالغ الخطورة وبالتأكيد لدى الجامعة ما تستطيع تقديمه – إذا ما قررت لعب دورها- نقداً للأحوال الطافية على السطح وطموحاً نحو استعادة كيانية كانت قائمة قبل الزلزال الراهن. هذا في المبدأ العام، أما على صعيد هذه المؤسسات، فهي مضطرة إلى متابعة رحلة العمل على تطورها والسعي إلى الدخول في ميادين الأعمال البحثية ورفع مستوياتها تباعاً وكذلك زيادة وتيرة مكننة أدائها الإداري وعملها الأكاديمي، بما يقود إلى إحداث نقلات في مناهجها عبر العمل على إعداد مواد خاصة بها بدلاً من نقل و"سرقة" المقررات، وتوسيع نطاق استعمال الحاسوب بين الأساتذة والطلاب، ومضاعفة التعاون الأكاديمي على المستويات العربية والدولية ومع المراكز الأممية (يونيسكو) والعالمية (الاتحادات الجامعية في أميركا وأوروبا وآسيا) وتبادل الأساتذة والأبحاث المشتركة.

وكي تقوم بدورها المجتمعي لا بد لها من تدريب وتأهيل جيل من الباحثين الشباب يستطيع بما يملكه من مهارات تواصلية وفنية الخوض في غمار جهود تقود إلى تقديم حلول للكثير من المشاكل الراهنة.

(أستاذ جامعي)