ثانويات عليا أو جامعات؟

ثانويات عليا أو جامعات؟

14 يونيو 2017
أهداف الدراسة الجامعية تختلف عن الثانوية (حسين بيضون)
+ الخط -

قبل أن نتحدث عن وظائف الجامعة، لا بد أن نشير إلى أن الكلية والجامعة بالتالي، ليست عبارة عن مدرسة ثانوية عالية، وبالتالي فإن الطالب الذي يدخل إليها لا ينتقل إلى صف أكثر تقدماً من الصف الذي كان عليه في العام السابق، ضمن مسيرة التعليم العام الذي يسبق الدراسة الأكاديمية العالية التي تقدمها الجامعات ومعاهد التعليم العالي.

والفعلي أن الكثير من الأساتذة الجامعيين يتصرّفون مع طلابهم على أنهم طلاب ثانويون لجهة مواد وأساليب ووسائل التدريس، والأهم من ذلك كله هو سيادة الروح التسلطية باعتبارهم أصحاب السلطة الأبوية التي تملك مفاتيح المعرفة من دون الآخرين.

والطالب بدوره يجد أنه من الأنسب في مناخ من هذا النوع أن يتابع ما سبق وتعوّد عليه في المراحل التعليمية السابقة من دون تعديل يذكر. والفعلي أن معظم أعطاب الدراسة الجامعية تتأتى من المرحلة الثانوية التي يحصل الطالب الثانوي على شهادتها من دون تحقيق المخرجات المطلوبة التي يتوجب عليه أن يحملها معه إلى الجامعة. إذ أن تقييم قدرته على الانتقال إلى الدراسة الأكاديمية لا ينطلق من بناء شخصيته العلمية والبشرية وثقته بنفسه وقدرته على استخدام المنهج العلمي في حياته الخاصة والعامة والانفتاح الواعي والمسؤول على الخبرات الإنسانية والحضارية العلمية والأدبية، وعلى تطوير قدراته على تحليل المواقف وتنمية ملكة النقد لديه، بل يعتمد على أسئلة صفية تعتمد ملكة الحفظ لا أكثر ولا أقل، يحصل في نهايتها على شهادة تؤهله للانتقال إلى مرحلة الدراسة الجامعية من دون امتلاك الحدود الدنيا المطلوبة لعملية الانتقال هذه.

يختار الطالب واحداً من أربعة مجالات في المرحلة الثانوية تتراوح بين الآداب والاجتماع والاقتصاد والرياضيات والعلوم، وعندما ينجح في واحد منها يصبح قادراً على ارتياد الجامعة، من دون أن يدرك الفارق بين ما كان عليه وما صار إليه، وهنا تحدث الهوة التي لا تساعده الجامعة على ردمها في المرحلة الجديدة التي يخوض غمارها.

أهداف الدراسة الجامعية تختلف عما سبق. ففي الثانوية يكون الهدف هو الحصول على حق العبور والاختيار، أما في المرحلة الجامعية فيصبح الهدف هو الحصول على إعداد علمي كي يكون مؤهلاً في واحد من الاختصاصات التي قرّر السير في مجراها، وبالتالي القيام بعد التخرج بالمهام الموكولة إليه بكفاءة يتطلبها المجتمع منه. لكن مثل هذه العملية كما هي مطروحة في معظم الجامعات العربية لا تترافق مع بناء الشخصية المميزة للطالب انطلاقاً من تحقيق التوازن الانفعالي والنفسي وامتلاك القدرات على التواصل شفهياً وكتابياً مع بيئته وما يتجاوزها في العالم الواسع، ونسج العلاقات الطبيعية مع الآخرين والقدرة على مواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي من خلال الاستمرار في التعلم المستمر.

*أستاذ جامعي

دلالات

المساهمون