البقاء في اللعبة

البقاء في اللعبة

30 مايو 2017
قد يأتي يوم فانديتا (محمد عابد/ فرانس برس)
+ الخط -
بعض الفرق الرياضية تلعب في البطولات الوطنية منذ أكثر من قرن ولم تحقق البطولة بعد. أكبر إنجازاتها الصعود مجدداً إلى مصاف أندية الدرجة الأولى، بعد هبوط يتكرر في أحيان كثيرة. الأمثلة كثيرة تبدأ من البطولات الضعيفة إلى أقوى البطولات الأوروبية والأميركية. فرق معدودة تحتكر البطولات، أما الفرق الأخرى فتبدو تكملة عدد لا أكثر.

ليس الأمر كذلك. فلنُسقط هذه المقاربة على دولة من الدول مثلاً. هناك تشهد على طبقة تحكمها منذ الأزل وتتحكم في رقاب الشعب، أكان يعدّ نصف مليون نسمة أو حتى تسعين مليوناً. هذه الطبقة تحكم باختلاف أساليب حكمها، فبعضها وراثي بالعائلة وآخر بالمحاصصة وغيرها بالقوة وما شابه واختلف. تخنق أحلام المواطنين وآمالهم، وتكرّس استبعادهم ليس عن أمل المشاركة في الحكم يوماً ما فحسب، بل عن رفع الرأس للمطالبة بأيّ شيء يبدّل هامشاً صغيراً في أوضاعهم حتى. تلك الطبقات هي النجوم الحاضرة في ملاعب الحُكم. هي التي تحتكر الإعلام وتجيّر الاقتصاد لصالحها. هي التي تبدّل القوانين وتتدخل حتى في العلاقات الاجتماعية بين المسحوقين.

وفي المقابل، يجد الشعب نفسه يلعب ما يشبه لعبة الكبار، يهيئ الحكام له أنّه ذو سلطة فيمارسها على من هو أصغر منه. يتماهى مع لعبة الكبار، لكنّه في الوقت عينه يخضع لسلطانها، كما فريق صغير يسحق أمام كبير بعشرة أهداف من دون ردّ. أساساً كيف يتجرأ على مثل هذا الردّ؟ لكنّه في المقابل يأكل فريقاً أصغر منه أكلاً على أساس تفاوت في السرعة والقوة والتكتيكات والتقنيات. ليس الأمر كذلك في فهم أوسع يقول إنّ من الممنوع أساساً على الشعب أن يصل أبعد مما هو مرسوم له. من يرسمه؟ الطبقة الحاكمة نفسها، ترسمها بحنكة حكومات تركّبها وتصوّرها على أنّها حرة ونزيهة وديموقراطية وكلّ ما في قاموس المنظمات الإنسانية من محاسن.

مع ذلك، فالمعركة مستمرة، وبقاء الفريق بالرغم من عدم كسبه أيّ بطولة -بل عدم قابليته لذلك أساساً إذا ما اعتمدنا الاستقراء منهجاً- هو المهم. النفس الطويل حاسم حتى لو بدا أنّ الفريق خسر كلّ شيء، وأنّ الشعب لا يورث إلاّ الفقر والعبودية لأبنائه والأجيال التي تأتي بعدهم.
النفس الطويل يعني البقاء والاستمرار ولو في أسوأ الظروف، ولو لم تتحقق "الفائدة" المباشرة. هذا الأمر يبقي احتمال الفوز أو التغيير قائماً على غموضه.

يقول جوزيه ساراماغو في "كلّ الأسماء": "المرء لا يحتاج لكي يموت إلاّ أن يكون حياً". لكن، أليس شرط الحياة أيضاً أن يكون المرء حياً، ولو على كمون، ولو أمضى أكثر من قرن بين الأموات، ولو أدمن القهر والقمع والسلب والطحن؟

هو داخل اللعبة، ولعلّه - لعلّه- يفوز ببطولتها يوماً ما.