أهالي "الفوعة وكفريا" في القصير استمراراً للتغيير الديمغرافي

أهالي "الفوعة وكفريا" في القصير استمراراً للتغيير الديمغرافي

11 مايو 2017
وصلت الدفعة الأولى من أهالي الفوعة وكفريا إلى القصير(Getty)
+ الخط -
قالت مصادر محلية إن "النظام السوري قام بإسكان دفعات من أهالي الفوعة وكفريا في مدينة القصير، بريف حمص الجنوبي"، عقب تطبيق مراحل من اتفاق "المدن الأربع" الذي نصّ على خروج آمن لكل من أهالي ومسلحي بلدات كفريا والفوعة بريف إدلب، والزبداني ومضايا بريف دمشق.

وأفاد الناشط محمد الحمصي، لـ"العربي الجديد"، بأن "النظام نقل المهجّرين من سكان بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام إلى مدينة القصير بريف حمص الجنوبي منذ أيام، لتتحول بذلك القصير من المدينة ذات النسيج الطائفي المتنوع، إلى مدينة تحتوي بداخلها على مقاتلين من حزب الله اللبناني، بالإضافة لمهجري بلدتي كفريا والفوعة من الطائفة الشيعية".

ويتزامن ذلك مع تأمين حدود لبنان من قبل مليشيا "حزب الله"، حيث تتمتع القصير بموقع جغرافي هام بالنسبة للحزب، لمحاذاتها لمناطق نفوذه داخل لبنان، بالإضافة إلى أن مدينة القصير باتت تعد أحد المعابر الهامة لمقاتلي الحزب ولأسلحته التي يقوم بنقلها عبر الطريق الواصل بين لبنان والقصير، ويعتبر توطين سكان كفريا والفوعة في القصير وسيلة تأمين للمنطقة وللمعبر الاستراتيجي الذي يمر بها.

وقال الناشط الحمصي إن "هذا التغيير في الخريطة السكانية لأهالي القصير لم يكن وليد اليوم، بل إنه مخطط أنجزه حزب الله بالتنسيق مع النظام السوري منذ عام 2013، عند سيطرة الحزب على مدينة القصير، حين تمكن الحزب من طرد كتائب المعارضة من المدينة، ولتسيطر عناصر حزب الله، بحواجز ثابتة، على أرجاء المدينة، ولتنتشر بالمدينة مقرات ومراكز عسكرية كبيرة، بعد طرد سكانها إلى مدن حمص وحماة".

ويقول أبو عبد القادر، وهو أحد سكان مدينة القصير سابقا، لـ"العربي الجديد"، إن قوات حزب الله منعته من العودة إلى منزله الكائن في الحي الجنوبي لمدينة القصير، عقب نزوحه من المدينة في عام 2013، أثناء اندلاع المعارك بين المعارضة و"حزب الله" حينها.

وأضاف أن "مدينة القصير باتت تحمل طابعاً طائفياً شيعياً بامتياز، وذلك عقب عملية نقل مهجري كفريا والفوعة إليها، رغم أن المدينة كانت تضم العديد من الطوائف بداخلها، منها الطائفة السنية والشيعية والمرشدية، إضافة إلى عدد من العائلات من الطائفة العلوية، وعائلات من معتنقي الديانة المسيحية".

وأشار إلى أن "عددا من العائلات السنية والمسيحية ما زالت تقطن في مدينة القصير ممن لم تنزح إلى خارج المدينة أثناء سيطرة الحزب عليها، ولكنها تُعامَل معاملة فظّة وتحت رقابة وتشديد أمني كبير، وذلك خاصة أثناء عمليات نقل الأسلحة والمقاتلين من وإلى لبنان، مع السماح لمقاتلي نسور الزوبعة، وهو الجناح العسكري للحزب السوري القومي الاجتماعي الموالي للنظام السوري، بالإشراف على المنطقة التي تقطنها الغالبية المسيحية، عقب اتفاق سرّي بين "حزب الله" والحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان في مطلع عام 2014".

وأكدت مصادر ميدانية، رفضت التصريح عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، وصول أكثر من 20 حافلة تقل سكان الفوعة وكفريا المهجرين إلى مدينة القصير، على أن تستكمل عملية النقل في الأيام القادمة، ويتوقع وصول قرابة الخمسين حافلة خلال هذه الفترة.

هذا التغيير الديمغرافي لم يكن الأول من نوعه في محافظة حمص السورية بشكل خاص، فقد عمل النظام على تهجير سكان أحياء حمص القديمة، عقب سيطرته عليها، ليوطن بدلاً عنهم عائلات من جنسيات إيرانية، وهم عائلات مقاتلي "الحرس الثوري" الإيراني في سورية، وكذلك تم بيع الكثير من العقارات بعقود مزورة لكبار التجار والضباط من القرى والمناطق الموالية للنظام، مثل القرداحة، مسقط رأس رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومدينة جبلة.

وقد أكد ناشطون لـ"العربي الجديد"، أن "المنازل التي سكن فيها أهالي كفريا والفوعة تم بيعها بأسعار رخيصة الثمن وبعقود مزورة، دون موافقة مالكيها الأصليين، وتحت رعاية وتنسيق من حزب الله مع مؤسسات النظام الحكومية".

فيما اعتبروا أن "عملية التهجير القسري لأهالي مدينة القصير خارج المدينة وجلب سكان جدد من طائفة محددة إليها، يشكل خطراً كبيراً سيهدد المنطقة الوسطى في سورية، خاصة مع توسع كبير لإيران وحزب الله في محافظة حمص على وجه التحديد، وبداية زحفهم للوصول إلى السيطرة وامتلاك عقارات جديدة في مدينة حماة وريفها أيضاً".

الجدير بالذكر أن عدد سكان مدينة القصير بلغ قرابة المئة وخمسين ألف نسمة، بقي بداخلها ما يقارب 40 ألف نسمة، فيما هُجّر الآخرون إلى مناطق في لبنان وفي محافظات سورية أخرى، فيما يتركز وجود قوات حزب الله اللبناني ومقراته في المناطق الغربية للمدينة الواقعة غربي نهر العاصي.


دلالات