حكاية ناشط سوري وثق انطلاقة الثورة... وصار صحافياً

حكاية ناشط سوري وثق انطلاقة الثورة... وصار صحافياً

03 ابريل 2017
الناشط الإعلامي محمد العلي (العربي الجديد)
+ الخط -
تركت الثورة السورية، التي انطلقت في عام 2011 عبر حراك سلمي يطالب بالحرية والكرامة، أثرا عميقا في نفوس السوريين، خصوصاً الشباب منهم؛ ذلك الحراك الذي ووجه بتدمير مدنهم وبلداتهم، وبعنف النظام السوري الشديد مقابل مطالبهم، والدخول في صراع مسلح دموي لم يعرفه العالم منذ الحرب العالمية في القرن الماضي.

من هؤلاء، ابن تلبيسة في ريف حمص، محمد العلي، والمعروف بـ"الناشط الإعلامي أبو القاسم الحمصي أو محمد الحمصي"، الذي انخرط في الحراك السلمي باكرا رغم صغر سنه حينها، وحالته الصحية الصعبة، متمسكا بأحلامه بالحرية وبإكمال دراسته.

العلي معتل الصحة منذ عام 2003، إذ خضع لعدد من العمليات الجراحية منها عملية "قلب مفتوح"، وعملية إعادة تركيب ورك في الحوض، وعملية تركيب جهاز تطويل طرف، لأنه يعاني من شلل جزئي في الطرف السفلي الأيسر، وقصر في الطرف ذاته يصل إلى 15 سنتيمتراً. أجرى بعضها في عام 2011، بالتزامن مع تحضيره للتقدم لامتحان الثانوية العامة، إلا أن تطور الأحداث في حمص خلال العام ذاته حال دون تقديمه الامتحان الأخير، إذ كان منشغلا بأحداث المظاهرات والتحضير لها.

يقول العلي لـ"العربي الجديد": "أول مظاهرة شاركت بها كانت مظاهرة ليلية في مدينة تلبيسة بتاريخ 18\4\2011، استمرت نحو نصف ساعة فقط، لا أستطيع أن أصف لك الأحاسيس التي انتابتني يومها، مزيج عجيب من الفرح والتفاؤل والخوف والتحسب من هجمات الأمن والشبيحة".

وتابع "ازدادت مشاركتي بالتظاهرات عقبها، وبدأت أوثق المظاهرات عبر عدسة جوّالي وأنشر ما أصوره على شبكة أسسناها حينها، تحت اسم عدسات تحت النار، على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي عام 2013 عملت مع إحدى الكتائب العسكرية في المنطقة، كنت أصور وأبث أعمالها لعدة أشهر فقط، ثم انتقلت للعمل المستقل وحتى اليوم أنقل مجريات الأحداث في حمص، وأنا عضو في نقابة إعلاميي حمص".


يوثق مشاهداته نتيجة الحرب (العربي الجديد) 





ويضيف الناشط الإعلامي: "حاولت طوال السنوات السابقة ألا أنقطع عن الدراسة، خصوصاً أن غالبية سنوات دراستي كانت في المنزل بسبب وضعي الصحي، ولعدم تمكني من تقديم امتحان الثانوي في مناطق النظام في بداية الثورة، حصلت العام الماضي على الشهادة الثانوية من وزارة التربية الحرة التابعة للمعارضة، واليوم أحاول أن أتابع دراستي عبر إحدى الجامعات الافتراضية، في مجال الصحافة والإعلام".

وعن وضعه الصحي، يقول العلي إن "وضعي الصحي ما كان عائقا لي يوماً، رغم قساوته كنت صابراً عليه محتسباً غير آبه بكل الآلام، وهو ليس سوى تحدٍّ مكنني من النجاح حتى الآن".

ويضيف أن "كثيراً من المواقف مرت علي خلال سنوات الثورة، لكن الحادثة التي لا يمكن أن أنساها، كانت في 25 مارس/آذار 2012، يومها أصبت في كتفي الأيسر إثر قصف استهدف منطقة الدار الكبيرة في حمص، أحسست يومها كم هو خطير العمل الإعلامي الميداني، لكنها لم تكن إلا تحديا جديدا لمواصلة ما بدأته. ذلك اليوم كان أول يوم لي بالانخراط الفعلي في الثورة".


هاتفه النقال وسيلته لنقل ما يحصل في سورية(العربي الجديد) 


ويلفت العلي إلى "تصوير نحو 30 تقريرا مرئيا حتى اليوم، كما كتبت عشرات التقارير، وزودت الكثير من وسائل الإعلام المرئي والمكتوب بأخبار ومعلومات عن مجريات الأحداث في حمص، كل ذلك عبر أداتي الوحيدة وهي هاتفي المحمول".

ويتحدث عن الأحلام التي تراوده قائلا "الحلم الأكبر أن تنتصر الثورة وتتحقق الحرية والكرامة، وأن أستطيع تأمين كاميرا جيدة لأتمكن من نقل معاناة كل محاصر في حمص ليشاهدها العالم أجمع، علهم يحسون بما يعانيه المحاصَر".

واليوم يمنع الحصار أبو القاسم الحمصي، التسمية التي اعتادها خلال سنوات الثورة، من خضوعه لعملية جراحية لإزالة صفائح من الحوض الأيسر، وهو بحاجة لمراقبة قلبية غائبة عنه منذ سنوات، في وقت يحصل فيه على ما يحتاجه من أدوية بصعوبة بالغة وبأسعار مضاعفة، مما يزيد من معاناته.


 

المساهمون