منظمات مصرية: لا بديل عن إلغاء قانون الجمعيات الأهلية

منظمات حقوقية مصرية: لا بديل عن إلغاء قانون الجمعيات الأهلية

30 نوفمبر 2017
رفض محاولات البرلمان تحسين صورة القانون (Getty)
+ الخط -
دعت منظماتٌ حقوقية في مصر، إلى ضرورة إلغاء قانون الجمعيات الأهلية الصادر في مايو/ أيار الماضي، رافضة أية مساعٍ لتعديله من قبل مجلس النواب الذي أعد القانون على عجل، في محاولة للقضاء عملياً على منظمات المجتمع المدني، سواء الحقوقية أو التنموية أو الخيرية.

وطالبت المنظمات، في بيان مشترك اليوم الخميس، باستبدال القانون بالمشروع الذي شهد توافقاً بعهد وزير التضامن السابق، أحمد البرعي، في يوليو/ تموز 2013، ونقاشاً حقيقياً حول مواده بين ممثلين عن الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، والمنظمات الحقوقية، والمنظمات الخيرية، والتنموية، ووزارات التضامن، والخارجية، والتعاون الدولي، باعتباره الأقرب لنصوص الدستور، والمعايير الدولية للحق في تكوين الجمعيات.

وقالت المنظمات، في بيانها، الذي يتزامن مع مرور عام على موافقة البرلمان المصري على قانون الجمعيات، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، إن البرلمان أقر القانون من دون مناقشة وافية، وأحاله بدوره إلى رئيس الجمهورية، الذي صدق عليه بعد 6 أشهر كاملة- في واقعة غير مسبوقة– ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية.

وأضاف البيان: "لطالما أعلنت العديد من الجمعيات، والمنظمات الحقوقية، والأحزاب السياسية المصرية، عن رفضها للقانون، لانعكاساته المرتقبة على العمل الأهلي، وتأثيره الاقتصادي على التنمية، والاستثمار، وإرسال مذكرة قانونية بواسطة مركز القاهرة للدراسات إلى رئيس الجمهورية لبيان مواطن الاعتراض بمواد القانون".

وتابع البيان أن "22 منظمة أهلية، و4 أحزاب سياسية، وشخصيات عامة، جددت مطالبها للسيسي بعدم التصديق على القانون، من دون جدوى"، مؤكداً أن القانون "ينفر من العمل الأهلي والتطوعي، لما يضعه للمنظمات من شروط تعجيزية، وبيروقراطية، علاوة على عصفه بمبادئ الدستور، المتعلقة بتأسيس الكيانات الأهلية وفق مبدأ الإخطار، لطبيعة أنشطة الجمعيات".

وشددت المنظمات على أن بعض مواد القانون تشوبها صفة عدم الدستورية، إذ تضمنت شروطاً فضفاضة للتسجيل، منها "عدم ممارسة نشاط يتعارض مع الأمن القومي، والنظام العام"، وأن تبت الجهة المختصة (التي لم تُحدد بعد) في "ما إذا كان نشاط الجمعية يتوافق واحتياجات المجتمع، وخطط الدولة في التنمية من عدمه"، وهو الشرط الذي يمثل عودة صريحة لقانون الجمعيات الصادر عام 1964، والمعروف بقانون "تأميم العمل الأهلي".


وزادت المنظمات في بيانها: "من تاريخ إقرار القانون، انهالت الانتقادات الإقليمية والدولية على مصر، حتى أن المرشحة المصرية السابقة لمنصب مدير منظمة اليونسكو، مشيرة خطاب، أرجعت أسباب عدم حصولها على عدد كاف من الأصوات- في حوار تلفزيوني- إلى سجل مصر المتردي في حقوق الإنسان، وإصدار قانون الجمعيات الأهلية في صورته الأخيرة".

بينما وصفه المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بـ"القمعي"، و"المدمر لحقوق الإنسان في مصر"، وقال عنه المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي بالأمم المتحدة إنه "يدمر المجتمع المدني، ليس فقط على المدى القصير، وإنما لأجيال قادمة. ويعصف بأسس المشاركة المدنية المجتمعية السلمية"، بحسب البيان.

وسرد البيان: "أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، صرح رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، بأن من الوارد تعديل قانون الجمعيات الجديد، إلا أن أعضاء برلمانيين– من بينهم رئيس لجنة التضامن في مجلس النواب- نفوا لاحقاً إمكانية تعديل القانون، قبل بدء تطبيقه بشكل عملي، وبيان مشاكله، بدعوى أن اللائحة التنفيذية للقانون لم تصدر بعد، ومن المفترض أن تتعاطى بشكل أفضل مع بعض إشكاليات القانون".

وجددت المنظمات الموقعة على البيان "رفضها التام لكافة الادعاءات الواهية المتداولة عن أن اللائحة التنفيذية للقانون سوف تتلافى عيوب ومشاكل نصوصه، لأن دورها يقتصر من الناحية القانونية على توضيح كيفية تطبيق مواد القانون، وليس من شأنها استحداث أحكام أو مواد جديدة".

ونبهت المنظمات إلى أن تلك الإدعاءات سبق ورددها نظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، دولياً، بعد تمرير قانون الجمعيات السابق سنة 2002، واستمر العمل به لمدة 15 عاماً من دون تعديل "عانت خلالها الجمعيات الأهلية من ويلات مواده، حتى جاء القانون الحالي، ليقضي على تلك الجمعيات تماماً".

وأضاف البيان أن "قانون الجمعيات الحالي لا يحتاج إلى تعديلات، أو لائحة تنفيذية بغرض تحسينه"، وأنه "لا بديل عن إلغاء القانون، كونه استند إلى فلسفة تُعادي العمل المدني، وتجعله تابعاً تماماً للدولة، وتحت سلطة جهاز أمني ذي سلطات مُطلقة لمتابعة شؤونه، وتهديد العاملين في العمل الأهلي بعقوبات تصل إلى السجن لمدة 5 سنوات، إلى جانب غرامات مالية طائلة".

واختتمت المنظمات الحقوقية، بيانها، بالقول إن "القانون القمعي، الذي لا يوجد له مثيل في أعتى الدول المعادية للمجتمع المدني كروسيا، وبيلاروسيا، وأثيوبيا، وإسرائيل، يقضي على العمل الأهلي الحقوقي، والخيري، والتنموي، في أكثر أوقات مصر احتياجاً له، بعد تحرير سعر صرف العملة المحلية، وتضاعف أسعار السلع والخدمات على المواطنين، وارتفاع وتيرة الإرهاب، وثقافة العنف".