نوفمبر الجزائري... ذكرى صرخة الكرامة وانتفاضة البندقية

نوفمبر الجزائري... ذكرى صرخة الكرامة وانتفاضة البندقية

01 نوفمبر 2017
احتفالات بانتصار المقاومة (تويتر)
+ الخط -


لنوفمبر/تشرين الثاني في الجزائر نفس ثوري وروح مقاومة، فهو شهر عودة ذكرى الشهداء وصرخة الكرامة وانتفاضة البندقية ضد فرنسا التي كانت تصادر الأرض والإنسان واللغة والدين والهوية، في هذا الشهر قرر المقاومون إطلاق شرارة المسيرة نحو الحرية والاستقلال.

ويحتفل الجزائريون اليوم بذكرى الفاتح من نوفمبر، الذي يخلد لعيد الثورة التحريرية وتعلو الأناشيد لتذكر بالرفاق والشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لتراب وطن، كما يتم تنظيم عدة فعاليات تاريخية وثقافية وفنية، وتتزين الشوارع بأعلام الجزائر وصور الشهداء، كما تقام ندوات لاستحضار المحطات البارزة من اندلاع ثورة التحرير يكرم خلالها عائلات الشهداء، بالإضافة إلى عرض أفلام وثائقية تربط الجيل الحاضر بماضيه وتاريخه.

وقد دأب الكثير من أبناء هذا الوطن بمناسبة الفاتح من نوفمبر، على تنظيم احتفاليات كبرى تكون أبرز رسائلها  للشباب الجزائري لصون الذاكرة الوطنية التي تمسك بها الجزائريون لأكثر من قرن ونصف من الظلم والطغيان الفرنسي دون أن تنطفئ روح المقاومة.

وتشكل هذه المحطة التاريخية، أيضا فرصة مهمة يعود من خلالها الشباب إلى نضال أحرار تطلعوا إلى الاستقلال فنالوه، بعد أن فجر الظلم التمرد عند الثوار الجزائريين، وزاد الطغيان إشعال فتيلة التصدي للخوف طلبا للكرامة، وكيف علّم الحرمان الأميين الكتابة بالرصاص والقراءة بالبندقية، وزرع الجوع في نفوس الغنى بالنفس والعزة، وزاد الفلاحين شموخا، وتحول المعذبون في الأرض إلى "أنبياء حرية"، وأدرك البؤساء أن الدماء والماء سيان، كلاهما يسقيه التراب.


وفي نوفمبر 1954، حينما كان العالم يرمم ثقوب الحرب العالمية، كان أحرار الجزائر يكتبون تاريخا جديدا ويفجرون بركانا من الغضب، ويسددون طلقة أخيرة لاستعادة الأرض والاسم واللغة والهوية والوطن، لم يقرأوا الكثير من الكتب لكنهم عرفوا اللحظة بعمق واستشرفوا المستقبل ببصيرة، ولم يتعلموا في الكليات الحربية لكنهم كانوا يعرفون إلى أين توجه البندقية وكيف تصنع المعركة.

وقد دفع الجزائريون في حرب التحرير مليونا ونصف مليون من الشهداء وعددا غير قليل من المعطوبين واليتامى، ثمنا للاستقلال الذي يستحق. خلال سبع سنوات من الكفاح شاهد العالم كيف تنتصر البندقية على دبابة الحلف الأطلسي، وكيف تقطع المناجل رؤوس الشر والطغيان، وكيف تتلاعب العبقرية الثورية المتمسكة بالإرادة الحرة، باستخبارات فرنسا المدججة بتكنولوجيا ذاك الزمن، حتى أذعنت فرنسا للجلوس إلى المفاوض الثوري لإنقاذ نفسها من المأزق، وأرغمت على الاستجابة لصوت الحرية الذي صدح عام 1962 في الجزائر.

وبعد ستة عقود وأكثر من ثورة الحرية في نوفمبر 1954، مازال كل شارع من شوارع المدن والبلدات الجزائرية يحتفل بصور الشهداء ويحمل أسماءهم، وفي كل أيام احتفاء بمعركة مصير ولحظة كفاح، لكن نوفمبر هو الذي تطغى فيه صور الشهداء بالجزائر وقادة ثورتها المباركة على كل ساحاتها أكثر من أي شهر آخر.

دلالات