نساء يُقتلن.. مسيرة في اللد لإنهاء العنف

نساء يُقتلن.. مسيرة في اللد لإنهاء العنف

30 سبتمبر 2016
من الوقفات الاحتجاجية (العربي الجديد)
+ الخط -
نظّمت اللجنة الشعبيّة في اللد (جنوب شرق مدينة يافا) وقفات احتجاجيّة يوميّة أمام مقر شرطة اللد في وسط البلد، تمهيداً لمسيرة اليوم، وذلك بعد تفاقم أعمال العنف والقتل في البلدة التي يعيش فيها نحو عشرين ألف عربي من أصل 60 ألف شخص. وارتفعت نسبة قتل النساء، ما يشير إلى معاناة عائلات كثيرة من العنف، في مجتمع يواجه أزمات عدة في ظل تجاهل الحكومات الإسرائيلية احتياجاته.

وبحسب إحصائيات صادرة في عام 2015، زادت نسبة قتل النساء بنسبة 60% بالمقارنة مع عام 2014. وتشير إحصائيّات إلى تلقي الجهات المعنيّة 46 شكوى يومياً بسبب العنف داخل الأسرة. وخلال العام الماضي، عولجت أكثر من 13 ألف امرأة نتيجة تعرّضهن للعنف.
تجدر الإشارة إلى تقاعس الشرطة والسلطات المسؤولة عن مكافحة الجرائم الإسرائيليّة، على غرار وزارة الأمن الداخلي وغيرها، عن أداء مهامها. وعلى مدى سنوات طويلة، طالب أعضاء الكنيست العرب، بمن فيهم العضو في حزب التجمّع الوطني الديموقراطي، حنين زعبي (حين كانت في إحدى لجان البرلمان المعنية بشؤون النساء) بالحدّ من العنف المستشري في المجتمع العربي، من خلال اتّهام الشرطة بالتقاعس في كل ما يتعلق بحلّ هذه القضية، وعدم تقديم الملفات الجنائيّة إلى النيابة العامّة.

ويقول عضو حزب التجمّع الوطني الديموقراطي، ومنظّم الوقفات اليوميّة، غسّان منيّر، لـ "العربي الجديد"، إن هذه الوقفات هي ضغط على الشرطة لتأدية عملها، والتحقيق بجدّية في قضايا القتل، واعتقال القتلة. يضيف: "أهلُنا يُقتلون ولا حياة لمن تنادي. تُغلق الملفّات من دون اعتقال القاتل، ما يؤدّي إلى زيادة أعمال القتل". يتابع أن "فريقاً من المتطوعين يعملون معنا على مناهضة العنف في الرملة واللد ويافا". ويطالب الجميع بالمساعدة من أجل محاربة العنف، لافتاً إلى تنظيم وقفات عدة تمهيداً لمسيرة اليوم. ودعت اللجنة الشعبيّة أهالي المنطقة إلى المشاركة من أجل زيادة الضغط على الشرطة، مشيرة إلى التوجه إلى المدارس والأهالي في المنطقة لمد يد العون وإنجاح البرنامج السنوي الذي "سيخدمنا جميعاً في محاربة العنف في بلداتنا العربيّة".



من جهته، يقول عضو المجلس البلدي في اللد، محمد أبو شريقي، إن "بلدتنا حزينة جداً، خصوصاً بعد تشييع امرأة قبل أيام". يضيف: "كأعضاء مجلس عرب، نطالب الشرطة والحراس الأمنيّين الذين يجوبون اللد، بأن تشمل جولاتهم الأحياء العربيّة وليس فقط اليهوديّة، بهدف وضع حد لموجة العنف". وطالب الأعضاء بطرح قضية العنف على جدول الأعمال في الجلسة المقبلة في العاشر من الشهر المقبل. ويلفت إلى أن أعضاء المجلس البلدي، بالتعاون مع اللجنة الشعبيّة، اتّخذوا خطوات عدة لإبرام معاهدة شرف بين أهالي البلدة والشيوخ، وذلك في حال مواجهة أي مشكلة، والعمل على حلّ المشكلة على أحسن وجه. ففي حال السماح بوقوع مشاكل في البلدات العربيّة، وبشكل خاص في اللد، ستنتهي بعضها بوقوع جرائم قتل.

أمّا الناشطة الاجتماعيّة مهى ساق الله تلّي، فتتحدث عن حل على المدى البعيد. تقول إن "العنف أصبح جزءاً من حياتنا، وهذا يشمل العنف ضد الأطفال والنساء، ويبدأ الأمر من التربية داخل المنزل". وتوضح أن "جميع الأفعال التي ترتكب هي عبارة عن ردود فعل.
خلال الفترة الأخيرة، بات عدد من المتخصّصين يعملون في إطار منتدى وضع مساراً مدروساً، تتوفر فيه خطط تربويّة في المدارس والحضانات. ومن خلال هذه الوقفة اليوميّة أمام مقر الشرطة المسؤولة عن هذا الأمر، نعدّ ميثاقاً سيوزع على جميع العائلات في الرملة واللد من أجل التوقيع عليه، على أن يتضمن معلومات عن العنف وتأثيره على الأطفال مستقبلاً وعلى عائلاتنا، وليس فقط على النساء".



تشير تلّي إلى أن "هذا العمل لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة الشعور بالعجز. لذلك، بادرنا إلى تنظيم ندوة قبل أيام، شرحنا من خلالها الوضع الراهن في اللد والرملة ويافا، وحاولنا أن نبني خطة مستقبليّة".

أما مديرة مشروع مناهضة العنف في المجتمع العربي "نعم" في اللد، سماح سلايمة، والتي شاركت أيضاً في الوقفات الاحتجاجية، فتقول لـ "العربي الجديد" إن "المرأة التي قتلت مؤخّراً هي السابعة هذا العام، في مقابل 12 امرأة قتلن في عام 2014، و15 امرأة قتلن في عام 2015". وترى أن "أسباب القتل كثيرة، منها النزاع على مال أو عقارات أو مخدرات وغيرها. وخلال السنوات العشر الأخيرة، نلاحظ أن الجرائم باتت ممنهجة، أي أن الراغب في القتل يرسل أشخاصاً ملثّمين، أي عصابات، لتنفيذ الجريمة، ما يجعل كشفها أكثر صعوبة". تضيف أن "التعاطي مع العنف ما زال متخلّفاً، ويتجلى ذلك من خلال المصطلحات المستخدمة أو الخطابات التوعوية. نحن في حرب استنزاف، والشعارات التي تطلق غير كافية في ظل الخسارة التي تحصل".

وفي ظلّ تدهور الوضع المعيشي في اللّد، والملاحقات الأمنيّة، وهدم البيوت، وتدني نسب التعليم بالمقارنة مع مدن فلسطينية أخرى، تتفاقم المشكلة. وتلفت سلايمة إلى أن هذا جزء من السياسة الإسرائيليّة التي لا تشجّع على التطوّر، ولا تكترث إلى عدم وجود مراكز اجتماعيّة متخصّصة، رغم ارتفاع النسب في اللد. في المقابل، يختلف الأمر في البلدات اليهودية، حيث العديد من المؤسسات الاجتماعيّة المعنية بخدمة المواطنين. في ظل هذه الظروف، يزداد العنف ضد الأطفال والنساء. "للأسف، نجد أن الشرطة تتقاعس ولا تعمل على الحد من هذه الجرائم، وربما تريد لذلك أن يحدث في المجتمع العربي حتى يزداد عدد المجرمين".

تضيف أنّه على المدى القريب، هناك فرصة للضغط على الشرطة، متّهمة إياها بعدم حلّ قضايا العنف لدى العرب. وتشير إلى ضرورة إحراجها من خلال مساءلات قانونيّة ومحاكم. برأيها، يجب أن يكون هناك دعم جماهيري قوي، وقد شارك العديد من الرجال، وهذا أمر إيجابي نسبياً.

وتطالب بمعاقبة المجرمين، لافتة إلى أننا "نعي جيدًا أننا نواجه عنصريّة، ولن يكون هناك مساواة في الحقوق. لكن على المدى القريب، نريد القضاء على العنف في مجتمعنا العربي، وبشكل خاص في اللد".

المساهمون