الذرة المشوية تواجه البطالة في مصر

الذرة المشوية تواجه البطالة في مصر

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
02 يوليو 2016
+ الخط -

دفع "غول البطالة" عدداً كبيراً من الشباب المصري إلى بيع الذرة المشوية في محافظات مصرية عديدة، خصوصاً في شوارع القاهرة والإسكندرية وعلى مقربة من المتنزهات والحدائق العامة. فبيع أكواز الذرة يُعدّ مصدر رزق مهماً لهؤلاء، لا سيّما مع سهر الأهالي ليالي شهر رمضان، وهو الأمر الذي شجّع على انتشار هذه الظاهرة. يُذكر أنّ الكوز الواحد يُباع لقاء جنيهَين مصريَّين (نحو 0.25 دولار مصري)، وقد يرتفع السعر في الأحياء الراقية إلى ثلاثة جنيهات (نحو 0.35 دولار).

"درة مشوي!".. على كورنيش النيل، سواء في القاهرة أو المحافظات، وكذلك عند الكباري، ينادي الشباب على أكواز الذرة. فكثيرة هي الأسر المصرية التي تقصد المناطق المطلة على النيل أو البحر ليلاً، لاستنشاق نسمة هواء والهروب من درجات الحرارة المرتفعة في داخل المنازل ومن الرطوبة العالية. ويستغل عدد كبير من الشباب نزهات الأهالي في تلك المناطق، لبيع الذرة المشوية على الحطب أو الجمر، كما يقولون. وتستهوي الذرة كثيرين من المارة، من الفقراء والأغنياء على حدّ سواء، الذين يعجزون عن مقاومتها ومقاومة رائحة شيّها على النار، فيشترونها ويتلذذون بمذاقها.

بالتزامن مع الضربات التي تتلقاها السياحة في مصر، في الفترة الأخيرة، لجأ شباب كثيرون من الذين فقدوا وظائفهم وآخرون لا يجدون فرصة مناسبة لتأمين دخل ما، إلى بيع الذرة. فهي لا تحتاج إلى جهد كبير، والوقت الأنسب لبيعها هو ليلاً، أي ابتداءً من ساعة غروب الشمس وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

علي سعيد من منطقة إمبابة، طالب في كلية التجارة، وهو من بائعي الذرة المشوية. بمجرّد انتهاء العام الجامعي، يلجأ مباشرة إلى بيع الذرة على الكورنيش حيث يزدهر سهر الصيف. يشير سعيد إلى أنّ أشخاصاً كثيرين يختارون الذرة المشوية لتكون سحورهم في رمضان، خصوصاً في النصف الثاني من شهر الصيام. يضيف أنّ "العمل في بيع الذرة غير مكلف وهو مربح، لكنّه لا يسوّي أوضاعي الاجتماعية. فأنا طالب جامعي وأنتظر من الدولة حياة مختلفة وعملاً غير ذلك".

من جهته، يقول محمد عنتر من منطقة بولاق الدكرور إنّه تخرّج من كلية الآداب ويعمل في بيع الذرة المشوية منذ سنوات لتوفير قوت أسرته. ويلفت إلى أنّ "ثمّة إقبالاً كبيراً على شراء الذرة المشوية من قبل الجميع"، مضيفاً أنّها "غنيّة جداً بالألياف ويُقال إنّها تساعد على مقاومة السمنة".

إلى ذلك، نرى بين هؤلاء الباعة تلاميذ مدارس وخرّيجين من حملة شهادات الدبلوم ونساءً أيضاً، يعملون جميعاً في هذا المجال بهدف مواجهة الظروف المادية الصعبة التي يعانون منها والتي تعاني منها أسرهم. يتّخذ هؤلاء لأنفسهم أمكنة على جوانب الطرقات حيث يضعون صناديقهم أو أكشاكهم، ليبيعوا الذرة المشوية التي يحضّرونها. أحمد علي (28 عاماً) عاطل من العمل، يخبر: "أعمل صباحاً في عدد من المهن الحرفية. وفي آخر النهار، أبيع الذرة المشوية. الوضع الاقتصادي صعب، لذا أحاول مواجهته بعملي هذا". يضيف: "لديّ ثلاثة أولاد، والبطالة دفعتني إلى تقليب الرزق للحصول على قليل من المال الإضافي لأعيل أسرتي".



أمّا محمد خيري وهو في الأساس "موظف في السياحة"، فقد دفعه توقّف العمل في هذا القطاع الذي لطالما كان مزدهراً في مصر، إلى العمل بائع ذرة عند كوبري قصر النيل في القاهرة. يقول: "أجني من بيع الذرة نحو 20 جنيهاً (2.25 دولارات) في الليلة الواحدة، تكفي لسدّ جزء قليل من احتياجات أسرتي". يضيف أنّ "الظروف في غاية الخطورة. نحن بلا عمل والبيوت في حاجة إلى المال، لذا نصحني أحد الأصدقاء بهذه المهنة".

من جهته، يقول محمد فوزي تلميذ في الصف الثالث الإعدادي في منطقة شبرا (شمال القاهرة)، إنّ ظروف حياته الاجتماعية دفعته إلى العمل مبكراً، خصوصاً بعد وفاة والده. فهو الابن البكر. ويشير إلى أنّ "منطقة شبرا مكتظة بالسكان، وقد لجأت إلى بيع الذرة المشوية في شارع شبرا حتى أتمكّن من تلبية احتياجاتي ومساعدة والدتي وإخوتي الثلاثة". يضيف وهو يقلب أكواز الذرة على موقد حديدي أشعل فيه بعض الجمرات، إنّ "المهنة جيدة ومدخولها ليس بقليل فيما أنّ رأسمالها بسيط".

في منطقة شبرا نفسها، يعيش عماد هود وهو تلميذ في الصف الثاني ثانوي - صناعي، ويعمل أيضاً في شيّ الذرة وبيعها. يقول إنّها "مهنة جيدة لكن مكاسبها ليست ثابتة. والأسوأ يكون عندما يحضر موظفو البلدية ويصادرون ما لديّ من مواد ومعدات. لكنّني أعود لممارسة البيع من جديد، لأنّ لا دخل لي إلا من هذا العمل". يضيف: "لا أنكر أنّني سعيد بهذا العمل على الرغم من المتاعب. صحيح أنّني أحمل شوال الذرة يومياً على كتفي بالإضافة إلى الفحم، لكنّني أرى في ما أقوم به عملاً حراً، أرحم من انتظار أيّ فرصة أخرى". ويلفت إلى أنّ "زبائني يتنوّعون ما بين شبان وشابات وأطفال وأسر. ويكون مكسبي خلال فصل الصيف جيّداً وكذلك في شهر رمضان".

دلالات

ذات صلة

الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة

مجتمع

انعقد إفطار منطقة المطرية الشهير هذا العام تحت شعار "السنة العاشرة جيرة وعشرة.. لمة العيلة الكبيرة"، وارتدى عشرات الحضور القمصان السوداء المزيّنة بشعار فلسطين..
الصورة
المعروك: أكلة رمضان التراثية في شمال غربي سورية / العربي الجديد

منوعات

يعتبر المعروك وجبة رئيسية في رمضان عند معظم السوريين، سواء بعد الإفطار أو على مائدة السحور، حيث تنتج الأسواق هذه الأكلة الشعبية بأشكال مختلفة.
الصورة
فلسطينيون من الضفة الغربية عند حاجز قلنديا 1 (العربي الجديد)

مجتمع

تعقّد سلطات الاحتلال وصول الفلسطينيين المسنّين من الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة، لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان.