المقاهي تحيي ليالي رمضان الإسكندرية

المقاهي تحيي ليالي رمضان الإسكندرية

01 يوليو 2016
ارتياد المقاهي في ليالي رمضان عادة قديمة (فرانس برس)
+ الخط -

تشهد المقاهي والكافيتريات في الإسكندرية نشاطاً وإقبالاً متزايدَين خلال ليالي شهر رمضان الفضيل، إذ يقصدها المصريون من مختلف المناطق. وهي أصبحت متنفساً حقيقياً لهؤلاء الذين يلجأون إليها بهدف ملء فراغ والهروب من مشكلات الحياة وضغوطها.

لا يخلو شارع ولا حيّ في المدينة الساحلية (شمال مصر)، من المقاهي التي يحلو فيها السهر، والتي غالباً ما تتميّز بزينة رمضانية لافتة من فوانيس وغيرها، الأمر الذي يولّد جواً استثنائياً خلال أيام الشهر الكريم ولياليه. ويتنافس أصحاب المقاهي الشعبية على توفير وسائل الراحة والتسلية للزبائن الذين تجتذبهم من مختلف الأعمار، الذين يتوافدون إليها بعد الإفطار ليبقوا فيها حتى اقتراب موعد السحور.

غالباً ما يستفيد أصحاب تلك المقاهي من الشوارع المحيطة بمنشآتهم، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب وكبار السنّ والعائلات من أهالي المنطقة والجوار، وتقديم الخدمات والمشروبات لهم. كذلك يقدّمون لهؤلاء عدداً من البرامج الترفيهية من قبيل عرض أفلام ومسلسلات رمضانية ومباريات وبرامج رياضية على شاشات كبيرة تُنصب خصيصاً في المكان.

حسن محمود (طالب)، من مرتادي مقهى "الحسن" في منطقة محرم بك، يقول: "إن كانت المقاهي تحظى بإقبال طوال أيام السنة، فإنّ الإقبال خلال شهر رمضان يأتي متزايداً بعد صلاة التراويح ولغاية السحور". ويشير إلى أنّ "لجلسات المقهى في رمضان نكهة وخصوصية مميزتَين. وهذه عادة تعلّمتها من والدي منذ الصغر، إذ كان يصطحبني معه كلّ يوم إلى أحد المقاهي الشعبية حيث يقابل أصدقاءه".

من جهته، يرتاد سامي عبد العال (موظف)، مقهى "فاروق" في منطقة بحري. هو يواظب على ذلك طيلة أيام السنة، "إلا أنّ في شهر رمضان ثمّة طقوساً خاصة لذلك". فهو يحرص على قضاء أطول وقت ممكن مع أصدقائه هناك، في لعب الطاولة واحتساء بعض المشروبات وتدخين الشيشة بعد الإفطار. ويشير إلى أنّه في بعض الليالي الرمضانية، يصطحب معه أسرته إلى واحد من المقاهي التي تستقبل العائلات. "هناك، نقضي وقتاً ممتعاً ونتناول السحور بعيداً عن الروتين والمنزل".

أمّا بالنسبة إلى أشرف ياسين (عامل في ورشة نحاس)، وهو من مرتادي مقهى "بطة" في منطقة الورديان، فإنّ ليالي رمضان لا تروق له إلا في المقهى مع مجموعة من أصدقائه العاملين في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى تناول المشروبات الخاصة بهذا الشهر.




إلى ذلك، للكافيتريات على كورنيش الإسكندرية زبائن من نوع خاص، فهي تجتذب الشباب وطلاب الجامعات ولا يقتصر مرتادوها على أهالي منطقة معينة، بحسب ما يشير محمود دياب، الذي يدير واحدة منها في منطقة كامب شيزار المطلة على الكورنيش مباشرة. يقول إنّ الزبائن يتبدّلون دائماً، بخلاف المقاهي الشعبية في المناطق السكنية. ويوضح أنّ "الكافيتريات في المناطق السياحية لا تعتمد على زبائن ثابتين في العادة، لذلك تضطر إلى تغيير ديكورات المحلّ بصورة دائمة وتقديم أفضل العروض والمشروبات للمنافسة وجذب انتباه المتمشين على الكورنيش.

أحمد فهمي، واحد من مرتادي كافيتريات منطقة سموحة حيث تتوفّر المحال والمراكز التجارية. بالنسبة إليه، "كافيتريات منطقة سموحة ومقاهيها تتّسم بالروح الشبابية بعيداً عن الأصوات العالية في المقاهي الشعبية. وبعضها ينظّم برامج مميزة في سهرات رمضان التي تمتد حتى صلاة الفجر".

في هذا السياق، يقول رئيس شعبة أصحاب المقاهي في الغرفة التجارية في الإسكندرية، شعبان البوري، إنّ المقاهي تعتمد على زبائن الفترة المسائية في أيام رمضان لتعوّض خسائر عدم العمل خلال الفترة الصباحية، مؤكداً أنّ السهر حتى الفجر من شأنه تعويض تلك الخسائر وتحقيق أرباح إضافية.

من جهتها، ترى الباحثة الاجتماعية نجلاء عبد المنعم، أنّ "ارتياد المقاهي في ليالي رمضان عادة مصرية قديمة. كان كبار السنّ يقصدونها، إلا أنّها في الفترة الأخيرة تحوّلت إلى المكان الأكثر جاذبية للناس بمختلف أعمارهم. وقد ازداد الأمر في الأيام الحالية، بسبب ارتفاع نسب البطالة بين الشباب واستمرار الأفكار السلبية المرتبطة بالراحة والتكاسل المتزامنين مع شهر الصيام". وتوضح أسباب لجوء المواطنين خصوصاً الشباب إلى المقاهي في ليالي رمضان بنسب كبيرة، قائلة إنّ "البعض يراها فرصة للترفيه قليلة الكلفة بالمقارنة مع الأماكن السياحية التي ترتفع فيها الأسعار بطريقة مبالغ فيها ولا تتناسب مع إمكانيات كثيرين من أبناء المجتمع الذين يعانون من الملل في شهر رمضان. فهم يقضون نهاراتهم إمّا في النوم أو من دون إنجاز أي أعمال تذكر. وفي الليل، يقضون وقتهم إمّا أمام التلفزيون في البيوت وإمّا في المقاهي".