شابة تونسية تقضي رمضان في الشارع طلباً للتشغيل

شابة تونسية تقضي رمضان في الشارع طلباً للتشغيل

08 يونيو 2016
تواصل يمينة أكثر من 100 يوم اعتصام (العربي الجديد)
+ الخط -
قضت يمينة الفرشيشي، أكثر من 4 أشهر في الشارع، تنام على قارعة الطريق، لتؤازر الشباب المعتصمين أمام مقر وزارة التشغيل، ترفع من معنوياتهم، وتهتم بتوزيع الطعام متى تيسّر.

الفرشيشي صاحبة شهادة جامعية، تنحدر من محافظة القصرين، وهي الفتاة الوحيدة من بين 20 معتصما احتجوا تنديدا بمماطلة السلطات التونسية في النظر بمطالبهم في التشغيل.

وتؤكد يمينة لـ"العربي الجديد"، أنها ودّعت سريرها الدافئ منذ فترة، تصحو وتنام على وقع ضجيج السيارات، ومعاكسات بعض المارة، مبينة أن أسرتها تتكون من 4 بنات أغلبهن عاطلات عن العمل، وأن والدتها تتقاضى منحة بسيطة، كما أن اثنتين من شقيقاتها تعتصمان بدورهما في القصرين للمطالبة بالشغل.

في رمضان، تنام يمينة في الشارع، في ظل غياب أبسط مقومات العيش الكريم، لا ماء ولا كهرباء ولا حتى مكان لقضاء الحاجة. تروي الفتاة التونسية معاناتها، التي هي في الحقيقة معاناة جميع الشباب المعتصمين معها منذ شهر فبراير/شباط، مبينة أنهم لن يُنهوا الاعتصام إلا عندما تصغي السلطات إلى مطالبهم، فقد ملّوا من الوعود الزائفة، ومن تواصل سياسة التهميش.

تؤكد الشابة أنه مضى على اعتصامهم أمام وزارة التشغيل أكثر من 100 يوم، قضوها في العراء، وناموا في البرد، تحملوا الحرارة والجوع، وعانوا من الأمراض، ولكن لا أحد يبالي، بل تم منعهم حتى من إقامة خيام يحتمون بها.

وتضيف أنها تضطر في حالات كثيرة إلى الاختباء ليلا تحت الغطاء، خشية المضايقات التي قد تتعرض لها من قبل بعض المارة، كما أنها تواجه عدة صعوبات في تغيير ملابسها وخمارها، كونها محجبة، فتضطر إلى زيارة مقهى قريب.

وتكشف يمينة، أنهم يواجهون عدة صعوبات في تأمين الإفطار بعد مشاق يوم من الصيام، فلا وسيلة يطبخون عليها طعامهم، ولا ماء. مبينة أن الشباب، ونظرا لقلة الموارد المالية، كادوا ينامون بلا طعام، حتى إنهم يضطرون إلى جلب المياه من أحد أشغال البناء بالقرب من اعتصامهم. ورغم الطعم الغريب للماء، فإنهم يضطرون إلى شربه مُكرهين.

وتوضّح أن أغلبهم ينحدرون من أسر متواضعة، ومن مناطق مهمشة، وأن التشغيل أملهم الوحيد لإنقاذ أسرهم وحفظ كرامتهم التي تم امتهانها. مبينة أن كثيرا من الشباب من أصحاب الشهادات الجامعية يعملون في أشغال كالبناء والدهانات، ولكنها أعمال ظرفية لا تؤمّن مقومات العيش الكريم، ولا يمكن من خلالها التفكير في تكوين أسرة أو إنجاب أطفال.

وتعرّضت الفتاة المعتصمة مؤخرا إلى ضربة شمس، ومرضت في مناسبات كثيرة جراء سوء التغذية وغياب أبسط مقومات الحياة، لكنها مصرّة على مواصلة الاعتصام مع شباب القصرين.

تقول يمينة: "هم بمثابة أشقائي، عشنا ظروفا مماثلة في القصرين، جمعتنا البطالة ووحّدنا الألم، أهلي يساندونني ولا يمانعون في بقائي في الاعتصام، وهم يعرفون أنني أنام في الشارع، ولكنهم مطمئنون لأن لدي إخوة يحمونني".

وتبيّن أن قضاء الليل في الشارع أمر صعب، وأنها تعبت من النوم في العراء، ولكنها صامدة، تحاول أن ترفع من معنويات زملائها الشباب، تمسك بالميزانية التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وتحاول أن تقسمها لتأمين الحاجيات الضرورية، تتدخل متى اقتضى الأمر، خاصة عند حصول مناوشات مع الأمن، ولكنها لا تخفي أن المعاناة أصعب مما نتخيل.

المساهمون