نقاش تونسي يتجدد بشأن مجلة الأحوال الشخصية

نقاش تونسي يتجدد بشأن مجلة الأحوال الشخصية

07 مايو 2016
إحدى جلسات النقاش (العربي الجديد)
+ الخط -
يتجدد الجدل في تونس بشأن مجلة الأحوال الشخصية، فبعد مرور 60 عاماً على صدورها (1956-2016)، وبعد تقييم قانونيين بأنها مجلة كانت سابقة لعصرها، واصفين إياها بالثورة الناعمة لأنها جاءت ضدّ الأفكار الظلامية، وحملت مكاسب عدة للمرأة التونسية، إلا أن مختصين ومشايخ يرون أنها مخالفة للشريعة الإسلامية، خصوصاً فيما يتعلق بفصل منع تعدد الزوجات.

وتحت شعار" مجلة الأحوال الشخصية.. الثورة مستمرة" تناقش أربع كليات قانونية تونسية، اليوم السبت، بدعم من هيئة الأمم المتحدة، مجلة الأحوال الشخصية في المكتبة الوطنية بتونس العاصمة.

وأوضح عميد كلية العلوم السياسية والاجتماعية بتونس، لطفي الشاذلي لـ"العربي الجديد" أنّ إصدار المجلة شكّل ثورة على كل ما هو ظلامي في المجتمع التونسي، طرحت المساواة بين المرأة والرجل، ودعت للشراكة العائلية والأسرة المتماسكة، وتطورت على مدى 60 عاماً.

واعتبر أن المجلة جاءت وليدة استعداد كبير في المجتمع التونسي آنذاك، مؤكداً أن علماء تونسيين ساهموا وناضلوا من أجل صدورها كالشيخ الطاهر الحداد، وسياسيين من النخبة قادهم الزعيم الحبيب بورقيبة.

ولفت إلى ظهور دعوات، بعد الثورة التونسية، تطالب بالتراجع عن بعض المكتسبات، في حين أن هناك من طالب بتدعيم المكاسب التي تضمنتها المجلة، معتبراً أن من بين هذه المطالب مثلاً تعدد الزوجات، معتبراً أن هؤلاء لا يمثلون المجتمع التونسي.

وأكد أن المجلة كانت منفتحة على الحضارة وقدمت قراءة جديدة في الدين الإسلامي وفي بعض الأحكام، ومنها منع تعدد الزوجات، وهي قراءة ممكنة للإسلام، بحسب العلامة الفاضل بن عاشور، الذي يعتبر أن الإسلام دين سمح، ومنفتح على الزمان والمكان. كما بيّن أن المجلة لا تزال في محور الفكر والسياسة لتكريسها مبدأ المساواة في صفحاتها ومنها المساواة في الإرث. ودعا إلى تنقيح المجلة وفصولها كما حدث عامي 1966 و1993.

وقالت الأستاذة الجامعية بكلية الحقوق والعلوم السياسية رشيدة الجلاصي لـ"العربي الجديد" إن هذا الملتقى حمل شعار "مجلة الأحوال الشخصية...الثورة مستمرة"، لأن المجلة كانت فعلاً ثورة حقيقية، مبينة أنه لا بد بعد مرور 60 عاماً على انطلاقتها من تقييم واسع لها، واستشراف ما يمكن أن تطرحه على ضوء تطوّر المجتمع التونسي.

واعتبرت أن الأصوات التي تنتقد بعض فصول هذه المجلة وتدعو إلى تعدد الزوجات، تخلط بين الفقه الإسلامي والدين الإسلامي، مؤكدة أن الفقه الإسلامي نظر في مسائل عدة، مثل حمل المرأة بعد الطلاق، ونسب الطفل، والطلاق بسبب الجن، والطلاق بالإرساليات القصيرة وغير ذلك، معتبرة أن المجلة قطعت مع تلك المسائل، ويبقى السؤال عمّا إذا كانت اليوم مناسبة تماماً للعصر؟

من جهته، أوضح رئيس جمعية ملتقى الأئمة ورئيس جمعية الطلبة التونسيين بالأزهر الشريف الشيخ محمد الهنتاتي، لـ"العربي الجديد" أهمية النظر في ايجابيات وسلبيات هذه المجلة، معتبراً أنه حان الوقت لمناقشة بعض فصولها بالحجج والبراهين، لتضمنها مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية، كما أنها تعتبر ترجمة حرفية لمجلة الأحوال الشخصية الفرنسية.

وأضاف أن الاجتهاد يكون في النصوص الظنية وليس في النصوص القطعية التي لا خلاف فيها، مبيناً أن هناك مشاكل حقيقية في العزوف عن الزواج وفي ارتفاع نسبة العنوسة في تونس، وأنه يمكن حل هذه المشاكل بتمكين الرجال من تعدد الزوجات.

وأكد انه ضد تجريم تعدد الزوجات، وإنما مع تقييده، مبيناً أنه يجب الاقتداء في هذه المسألة بمنهاج الشرق لا الغرب، معتبراً أن تعدد الزوجات يغلق باب الزنا، ويخفض نسبة العنوسة المرتفعة في تونس.

المساهمون