سورية نازحة تعيل أسرتها من خلال كشكٍ صغير

سورية نازحة تعيل أسرتها من خلال كشكٍ صغير

28 ابريل 2016
السورية أم عبد الوهاب في دكانها الصغير (مفوضية اللاجئين)
+ الخط -
تسعى أم عبد الوهاب، وهي ربة منزل سورية في الأربعينيات من عمرها وأم لثلاثة صبية وفتاتين شابتين، إلى البقاء على قيد الحياة، وتوفير سبل العيش لها ولعائلتها، في ظل ظروف قاسية بسبب الحصار والقصف والنزوح والحرب الدائرة.

عاشت السيدة السورية سنين مع زوجها وأولادها الخمسة في منطقة السيدة زينب، جنوبي العاصمة دمشق، وعندما اندلع القتال انتقلت برفقة عائلتها إلى مدينة المليحة في الغوطة الشرقية، بحثاً عن مكان آمن يؤويهم، وبعد فترة وجيزة ومرة أخرى بسبب القتال، اضُطروا جميعاً إلى الفرار لمنطقة الدُّخانيّة، شرقيّ العاصمة.

تقول أم عبد الوهاب: "في غضون ساعات قليلة، كان علينا أن نحزم حقائبنا لنقطع مسافة قصيرة بعيداً عن الاشتباكات الدائرة، وكانت وجهتنا نحن ومجموعة من سكان الحيّ إلى أحد مراكز الإيواء، قرب مدينة الكسوة في ريف دمشق"، بحسب المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين.

مثلها مثل بقية المناطق في سورية، عانت هذه المنطقة من قتال مدمر، وتقطّعت بسكانها الأوصال، فقد اشتدّت الاشتباكات هناك في سبتمبر/أيلول 2014، مما اضُطر جميع سكانها، ومن بينهم أم عبد الوهاب وعائلتها، إلى الفرار.

تتذكر أم عبد الوهاب الأيام الخوالي بحسرة وتقول: "كنا نملك سيارة، وكان زوجي يعمل خياطاً في دمشق. ومنذ فترة، طلب منه الطبيب أن يتوقف عن العمل، إذ إن ساقه لم تعد تساعده على القيام بهذه المهنة، وبالرغم من ذلك فإنه يواصل الذهاب إلى العاصمة للبحث عن عمل يمكنه من توفير الطعام لأولادنا".

وبينما لا يزال المزيد من السوريين يفقدون منازلهم وأعمالهم وأحباءهم أو يغادرون البلاد بحثاً عن فرص أفضل في الخارج، هناك كثيرون ينتظرون مستقبلاً غامضاً داخل البلاد، لا سيما أولئك النازحين. كما أن ظروف الحياة اليومية التي فرضتها الحرب وانعدام الأمن جعلا النازحين القاطنين في مركز الإيواء يعيشون تحت وطأة ضغوط نفسية تؤثر على حياتهم اليومية وتجبرهم على البحث عن حلول أخرى، من ضمنهم أم عبد الوهاب التي تجاهد للتكيّف مع هذه الظروف.


"حاولت أن أجد طريقة ما أساعد بها زوجي وأوفر من خلالها مصدراً للدخل لعائلتي"، تقول أم عبد الوهاب وهي جالسة مع ابنها البكر على الفراش في الغرفة التي اعتادوا أن يعيشوا فيها في هذا المركز، وفي الجانب الآخر من الغرفة تكوّمت ممتلكات العائلة التي استطاعوا أن يحملوها معهم خلال رحلة نزوحهم في المرّة الأخيرة من فراش وحقائب بلاستيكية وملابس وأوان مطبخية.

"كنت أملك مبلغاً صغيراً من المال، فقررت أنا وسيدة نازحة أخرى تقيم في هذا المركز، أن نؤسس هذا الكشك الصغير ونبيع فيه البضائع للسكان القاطنين هنا".

يبعد مركز الإيواء الذي تقيم فيه أم عبد الوهاب وعائلتها نسبياً عن مركز المدينة، ومن هنا جاءت فكرة هذا المشروع الصغير. تقول أم عبد الوهاب: "جلبنا الحاجيات اليومية الأساسية التي يحتاجها النازحون هنا ولا يجدونها في المحال القريبة من المركز، حيث إن السوق بعيد، وهذا الأمر يشكل عبئاً عليهم، ويتوجّب السير مسافة ثلاثة كيلومترات على الأقدام لشراء ما يلزمهم، ولا يملكون أية وسائل نقل تساعدهم للوصول إلى سوق المدينة".

أم عبد الوهاب ليست وحيدة هنا، فابنها البكر يساعدها في العمل في هذا الكشك الصغير وفي جلب البضائع من السوق في مدينة الكسوة. ويمكن للزبون، بحسب قولها، أن يجد في هذا الكشك التوابل والبيض ومواد التنظيف. وتنوي في المستقبل شراء ثلاجة صغيرة لحفظ اللبن المصفّى الذي تخطط لصنعه وبيعه.

قدمت أم عبد الوهاب وشريكتها فكرة المشروع لجمعية "الندى"، التي بدورها أثنت على الفكرة ووافقت على دعم هاتين السيدتين بمبلغ مالي يمكنهما من شراء منتجات أخرى لتطوير عملهما.

حاله حال باقي مراكز الإيواء التي تستوعب النازحين السوريين، فإن مركز الإيواء هذا جُهّز بحيث يستقبل النازحين لفترة قصيرة من الزمن، ولكن مع دخول الصراع في سورية عامه السادس بدون وجود حل للأزمة، فإن المنظمات الإنسانية تعمل جاهدة لإيجاد حلول إنسانية دائمة لأكثر من 7.6 ملايين نازح داخل البلاد.

وتسعى مفوضية اللاجئين وشركاؤها في العمل الإنساني إلى تحسين الأحوال المعيشية في مراكز إيواء النازحين، والتخفيف من معاناتهم، وتقديم الدعم اللازم لهم. ووفقاً لمديرة برنامج المنح الصغيرة في جمعية الندى، نور سلطان، فإن الجمعية قررت رفع قيمة المنحة في عام 2016 إلى 500 ألف ليرة سورية، على أن يكون المستفيد مسؤولا عن إعالة خمسة أفراد على الأقل. هذا وتقوم فرق الجمعية بدراسة الجدوى الاقتصادية من المشاريع التي يقترحها النازحون وتوفر لهم المشورة والدعم اللازمين.

المساهمون