مثل حبّة فاصولياء

مثل حبّة فاصولياء

18 مارس 2016
ها هي تعانقه (Getty)
+ الخط -
أخشاها. وإذا ما تملّكتني مشاعر الخوف هذه، أكتفي بكَ ولا أسمي نوع العلاقة التي تربطنا. أنت باسمكَ فقط وأنا باسمي. وأنتَ تجاوزتَ هذا الإطار قبل وقتٍ طويل. تنادي عليّ مثل الآخرين، وتدافع عن حقّك فيّ إذا ما اقترب أحدهم من "ملكيّتك".

وأنتَ حين تهرب من التسميات، لا تعتقني منها فأخاف مجدداً. كنتَ مثلَ حبة فاصولياء وخشيتُ أن ألتهمك. أعرفُ العلوم وأقرأها وأعيد قراءتها وأخاف أن ألتهمك. لم يحصل أي مكروه وانتهت الأشهر المفروضة على كلينا لصالحنا. كأنّك على ورقة بيضاء. أرسم حبة فاصولياء، في أعلاها عينان، تحتهما أنف صغير وفم أصغر. ثمّ أرسم يدين وقدمين فتصيرُ أنتَ.

تقفُ إلى جانبي، اليوم، وتضحك. ثم تقف على كرسي وتعدّ الأيام لتبلغ طولي. أحياناً، تقف على كرسي أكبر وتتجاوز طولي. خدعةٌ ظريفة تصدّقها وتجبرني على أن أفعل. تعالي نتحدّث. ماذا فعلتِ اليوم؟ هل بكيتِ في العمل؟ هل ضايقكِ أحدهم؟ ها قد فرغنا. ألعب معك لعبتي المفضلة. تحبّ العد، فلتعدّ قبلاتي إذاً.

بعد أيام ستقف على المسرح وترقص لأجلي. أراكَ خجلاً تبحثُ عني بين وجوه كثيرة. وإذا ما ناديتني، سينظرن إلى مصدر الصوت، قبل أن ينتبهن إلى أن هذا ليس صوتاً مألوفاً. سترقص لأجل صفةٍ تخلّينا كلانا عنها. في علاقتنا، أنا وأنتَ، لا نحب الرسميات.

ها أنتَ تستعدُّ جيداً لهذا اليوم، وترفض إخباري عن الأغنية التي سترقص على ألحانها. لا تدندنها ليلاً قبل أن تنام. أدندنُ بعضاً من أغنياتنا المشتركة علّني أستفزكَ كي تكشفها، فلا تحرّك ساكناً. أكبرتَ إلى هذه الدرجة؟ أصابعك الصغيرة ما زالت تختفي في راحة يدي. أشدُّ عليها لأنني لا أكتفي بلمسها. تصرخُ في وجهي ولا تفهمني.

يوم الإثنين، ستأتي صباحاً إلى سريري وتندسّ تحت اللحاف وتضع إصبعك في فمك. لو تتخلّص من هذه العادة، مع أني لا أتمنى ذلك صدقاً. أخشى أن تبتعدَ كثيراً عن حبة الفاصولياء. يدفعني خوفي أحياناً إلى تذكيركَ بأن تناديني بأحرف لم تكتمل على لسانك. أنتَ أيضاً تبتسم حين تتكلّم معي، وكأنكَ صرتَ كبيراً. تطلبُ مني أن أضع ذراعي فوق جسدك الصغير. لستَ مرتاحاً. حسناً، سأزيحها قليلاً. لن يطول الأمر قبل أن تقفز على جسدي الذي لن تقتنعَ أنه يتألم. ستقفز كثيراً فأضحك، ثمّ سأخفي ضحكتي. وسنكرّر هذا الأمر.

أُنهي كلماتي بعد قليل. ألمسُ حباً ولا أشبع. ألعبُ معك لعبة العدّ بجميع اللغات وأخزّن القبلات. تعالَ نتحدّث. الأمهات لا يضحّين من أجل أولادهن، إنما يتعلّمن الحب. هن بارعات في الكذب. وإذا ما قلتُ لكَ يوماً إنني تعبت من أجلك، عد بي إلى ذلك الصف، حيث نرسم حبة الفاصولياء ونضعُ ملامحها سوياً.

اقرأ أيضاً: عيون القلب سهرانة

المساهمون