باكستان غائبة عن مكافحة المخدّرات

باكستان غائبة عن مكافحة المخدّرات

23 أكتوبر 2016
المخدّرات تهدّد أمن المنطقة (نور الله شرزادا/فرانس برس)
+ الخط -

مكافحة المخدّارت شعار صرفت من أجله ملايين الدولارات في أفغانستان وجوارها، وقد عقدت مئات الاجتماعات خلال السنوات الماضية من دون نتيجة. ويرى البعض أن الجهود المبذولة في هذا الإطار هي مجرّد حبر على ورق، في وقت يعزو آخرون أسباب فشل هذه الجهود إلى الفساد في الإدارات المعنية، وعدم التنسيق بين الأطراف، بالإضافة إلى الأوضاع الأمنية السيئة في البلاد.

ولا شكّ في أنّ غياب التنسيق بين الإدارات والأطراف المعنية يمنع الحدّ من تجارة المخدرات، عدا عن اتهام دول في المنطقة بدعم كبار مهربي المخدرات وتجارها، كما حصل في الاجتماع الأخير الذي عقد في كابول، وشارك فيه عدد من دول آسيا الوسطى وروسيا وإيران، وغابت عنه باكستان.

ومؤخّراً، توتّرت العلاقات بين أفغانستان وباكستان، واتّهمت كابول إسلام أباد بعدم الجدية في الجهود التي تبذل من أجل مكافحة الإرهاب، عدا عن مساندة كبار مهربي وتجار المخدرات في المنطقة. ولم يُعرف بعد سبب غياب مندوب باكستان للمرة الثانية عن اجتماع شاركت فيه دول المنطقة، بهدف وضع آلية لمكافحة المخدرات وتنسيق الجهود بينها لهذا الغرض. إلا أن ذلك الغياب أتاح الفرصة لكابول لاتهام جارتها بترويج المخدرات في المنطقة.

وتقول وزيرة مكافحة المخدّرات الأفغانية، سلامت عظيمي، إن باكستان ليست راغبة في مكافحة هذا الداء، الذي يؤدي إلى مشاكل اجتماعية تشمل المنطقة بأسرها، حتّى إنّه يؤثّر على الوضع الأمني في المنطقة بشكل عام، وفي أفغانستان بشكل خاص. من جهته، كان الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني، قد أشار في خطابه الأخير في مؤتمر بروكسل، والذي عقد في بداية الشهر الجاري، إلى أن تجارة المخدرات تؤمّن دخل الجماعات المسلحة.

وترى عظيمي أن المخدّرات باتت إحدى أخطر القضايا التي تهدّد أمن المنطقة، لافتة إلى أن دول المنطقة أدركت أن التصدي لها يحتاج إلى جهود منسقة ومبرمجة. وهذه الاجتماعات تهدف إلى وضع آلية واضحة لمواصلة العمل لمكافحة المخدرات، مشيرة إلى أن غياب باكستان عن هذا الإجتماع، وللمرّة الثانية، يؤكد أنها ليست جادة، بل أنها تدعم هذه الظاهرة لتأمين مصالحها.

بدوره، يقول مسؤول إدارة مكافحة المخدّرات في وزارة الداخلية الأفغانية، باز محمد أحمدي، إن باكستان لا ترفض فقط العمل في سبيل مكافحة المخدرات، بل تستقبل كبار مهرّبي وتجار المخدرات، وتدعم المافيات بصورة مباشرة أو غير مباشرة.




في هذا السياق، يقول الناشط الحقوقي روح الأمين حسن إنّ تجّار المخدّرات والمهرّبين يعملون ضمن مافيا لها قوتها ونفوذها في المنطقة، لافتاً إلى أن الفساد في الحكومة يشكّل غطاء لهم. ويشير إلى أنّ هذه المافيا مدعومة من دول المنطقة، من بينها باكستان التي تسعى إلى الحصول على المال، وهذا لا يخفى على أحد. يضيف أن عدم مشاركة باكستان في الاجتماعات التي تعقد بهدف مكافحة المخدّرات، ومن دون أي مبرر، هو خير دليل.

ويطالب الحكومة الباكستانيّة بمراجعة حساباتها مع دول المنطقة، خصوصاً في ما يتعلق بالملفات الاجتماعية المهمة، خصوصاً مكافحة المخدرات، إذ إنها تدمّر مستقبل كل دول المنطقة. ويلفت إلى أنّ المخدّرات تشكل جزءاً من دخل الجماعات المسلحة، إذ إنها تحصل على مبالغ ضخمة من خلالها، مشيراً إلى أن تجارة المخدرات تعدّ أحد أهم أسباب تدهور العلاقات بين دول المنطقة. في هذا السياق، يؤكد رئيس لجنة مكافحة المخدارات الروسية ويكتور يروانوف أن ملف المخدرات يشكل عقبة في وجه تطور العلاقات بين موسكو وكابول، علماً أن روسيا تطالب أفغانستان بمزيد من العمل. في المقابل، تدّعي الأخيرة أن إمكانيّاتها محدودة، كما أنها مشغولة بملفات أخرى، خصوصاً الملف الأمني الداخلي.

تجدر الإشارة إلى أن المخدرات تعد سبباً أساسياً لاستمرار الحرب في أفغانستان، خصوصاً في المناطق الجنوبية، على غرار إقليم هلمند. ورغم التأثير المباشر للمخدّرات على الوضع في أفغانستان، إلا أن المنطقة بأسرها تدفع الثمن. وكان المندوب الروسي في الاجتماع الأخير الذي عقد في كابول، ألكساندر مانتيتكسي، قد أشار إلى أنّنا في أمسّ الحاجة إلى بذل جهود حثيثة بهدف القضاء على المخدّرات.

95 مركزاً

تدير وزارة الصحة في أفغانستان نحو 95 مركزاً لمكافحة الإدمان في شتى أنحاء البلاد، تتسع لمعالجة نحو 2300 شخص، بالإضافة إلى تخصيص الحكومة ميزانية لعلاج نحو مليون مدمن بقيمة 2.2 مليون دولار سنوياً، بما يعادل أكثر من دولارين لكل مدمن سنوياً. وتطالب أفغانستان روسيا بمساعدتها في مكافحة المخدرات.