التعليم في لبنان بحسب الأحوال المناخية

التعليم في لبنان بحسب الأحوال المناخية

28 يناير 2016
التلاميذ في صف الوزير مقابل أهلهم المعترضين (فرانس برس)
+ الخط -
كلّما توقّعت مصلحة الأرصاد الجوية في لبنان منخفضاً جوياً ما، يترقّب التلاميذ في البلاد ما سوف يعلنه وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب. وقد تحوّل الوزير بالفعل إلى نجم على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً أن قراراته المرتبطة بالطقس البارد تُحوّل كل سوء في الأحوال الجوية إلى مناسبة لعطلة "لا على البال ولا على الخاطر" لتلاميذ المدارس الخاصة والرسمية والمهنيات والمعاهد.

وكان بو صعب قد فرض، حتى اليوم، أربعة أيام عطلة إضافية على القطاع التعليمي في بلد يعترف بـ17 يوم عطلة رسمية، إلى جانب أيام التعطيل القسري التي تفرضها الإضرابات النقابية والقطاعية أو الأحداث الأمنية.

أين نذهب بأبنائنا؟
وقرارات وزير التربية والتعليم العالي التي تصدر عادة عشية يوم العطلة، بناءً على آخر توقعات مصلحة الأرصاد الجوية، كفيلة بفرض تحديات صغيرة على الأسر اللبنانية، لا سيما تلك التي يعمل فيها الوالدان، في ظل الأحوال المعيشية الصعبة.

سمير، وهبة، على سبيل المثال، هما موظفان وقد واجها أزمة في البحث عن مكان يُبقيان فيه ابنهما الصغير حتى انتهاء دوام عملهما، نهار الاثنين الماضي. والدة هبة كانت مرتبطة بموعد طويل خارج المنزل، أما أهل سمير فخارج البلاد. تقول هبة لـ"العربي الجديد"، إنها اضطرت إلى ترك الصغير عند الجيران والعمل لنصف نهار فقط، "حتى لا أبالغ في إزعاج الجارة".

يُذكر أن ذلك يحتّم اختلافاً في مواعيد التنقل في سيارة الأسرة الوحيدة، التي عادة ما يستخدمها الزوجان للذهاب إلى العمل والعودة منه، بالإضافة إلى حسم أجرة نصف يوم عمل على هبة، "في بلد نحتاج فيه إلى كلّ قرش عند نهاية الشهر"، كما يقول سمير.

تعطيل لياقة التلاميذ الذهنية
إلى جانب اعتراض الأهل على قرارات التعطيل، ومقارنتها بما كان يحدث في أيام الحرب الأهلية عندما كان التعليم إلزامياً "حتى تحت القصف وخطر القنص والخطف"، يرى تربويون أن قرارات الوزير في التعطيل لا تصبّ في مصلحة التلاميذ.

ويصف نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، قرارات الوزير، بـ"الشعبوية وغير المدروسة". ويؤكد لـ"العربي الجديد"، رفض أساتذة التعليم الخاص هذه القرارات "التي لا تراعي مصالح التلاميذ التربوية، خصوصاً تلاميذ الشهادات الرسمية". ويشير إلى أن بو صعب كان قد حدّد نهاية شهر مايو/ أيار المُقبل موعداً لإجراء الامتحانات "من دون منح تلاميذ المدارس الرسمية فرصة لتعويض أيام العطلة من خلال حصص إضافية، بعكس مدارس عديدة خاصة سوف تستدعي تلاميذها في أيام العطل الأسبوعية لتعويض أيام العطل". ويرفض محفوض "إصرار الوزير على شمول المدارس الخاصة بقرارات التعطيل، لأن القانون واضح في تحديد سلطة الوزير على المدارس الخاصة بالتعطيل يومَي الاستقلال والعمال فقط، وهو ما يؤكده المستشار القانوني للنقابة، الوزير السابق زياد بارود".

كذلك تؤكد المتخصصة في مجال علم النفس التربوي والناشرة، رانيا زغير، على أن آثار العطل المفاجئة "سلبية للغاية على تلاميذ المدارس". وتعدد زغير لـ"العربي الجديد"، هذه الأثار، ومنها: "خسارة التلاميذ للياقتهم الذهنية والاجتماعية والعاطفية نتيجة كسر الروتين التربوي المُعتادين عليه بإجازات مُفاجئة وغير مدروسة، وخلق نوع من القلق لدى الأهل والتلاميذ". وتسأل: كيف يُمكن تقديم مواعيد امتحانات الشهادات الرسمية وفرض مزيد من العُطل في الوقت نفسه؟".

تجدر الإشارة إلى أن هذه المواقف والآراء تأتي إلى جانب موجة من "التهكّم" تحوّل معها الوزير بو صعب إلى "بطل قومي" بالنسبة إلى التلاميذ. وقد أُلّفت له أغنية راب، تمجّده.

"تجنباً للانزلاق والصقيع"
عمد وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب، إلى تمديد عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وقد أعلن تعليق الدراسة الإثنين في 25 يناير/ كانون الثاني الجاري، "تجنباً للانزلاق والصقيع وتدني درجات الحرارة". وهو ما دعا المدارس الرسمية والخاصة إلى "الالتزام بهذا القرار"، بحسب ما ورد في البيان الصادر عن مكتبه الإعلامي.

اقرأ أيضاً: الإفادات "تنقذ" مستقبل تلاميذ لبنان.. وأزمة السلسلة مستمرّة