محي الدين خلادي: إسكان اللاجئين السوريين هدفنا المقبل

محي الدين خلادي: إسكان اللاجئين السوريين هدفنا المقبل

12 سبتمبر 2015
نحن حاضرون في 15 بلداً (العربي الجديد)
+ الخط -

يتحدث المدير التنفيذي لجمعية الإغاثة الإسلامية في فرنسا محي الدين خلادي لـ"العربي الجديد" عن عمل الجمعية في إغاثة اللاجئين، خصوصاً السوريين، وهي التي تتواجد في 15 بلداً

ماذا تفعل جمعية "الإغاثة الإسلامية" من أجل اللاجئين السوريين؟
نحن حاضرون في الداخل السوري بالقرب من النازحين الذين يصلون من دمشق والحسكة ودير الزور. كما نعمل مع اللاجئين في الأردن ولبنان. ومع الوصول الكثيف للاجئين السوريين إلى أوروبا، باشرنا توزيع المساعدات الغذائية. كذلك، نعمل في هذا الملف مع جمعية "أطباء العالم"، وحركة "تضامن"، و"الإغاثة المسيحية". نتولى تقديم مساعدات غذائية لنحو 150 سوريّاً لاجئاً جرى إسكانهم في ضاحية باريس "نويي ـ بليزانس". كما تقوم منظمتنا بجولات اجتماعية تبحث فيها عن لاجئين سوريين يقيمون في العراء، ولا مأوى لهم، لتوفر لهم الطعام. كذلك نوجههم إلى أماكن مخصصة لمساعدتهم. واليوم نجهّز فريقين سيتوجهان إلى مقدونيا وصربيا بالتشاور مع سفارتي فرنسا في البلدين من أجل مساعدة اللاجئين، خصوصاً السوريين.

- لماذا التركيز على دول البلقان؟
لأنها دول عبور، وصربيا ومقدونيا لا تملكان الوسائل أو الإمكانات لمواجهة تدفق اللاجئين، رغم العمل الرائع الذي تقوم به منظمات "الصليب الأحمر المقدوني" و"الإغاثة المسيحية" و"أطباء بلا حدود"، وكثير من المنظمات غير الحكومية. لكن كل هذا غير كاف. وقد تسبب إعلان المجر عن تشييد جدار على حدودها بغليان الأمور، فقرر جميع اللاجئين العبور قبل الانتهاء من تشييد هذا الجدار. نعرف أنّ الأمر لن ينتهي هنا، فبمجرد تشييد الجدار مع صربيا، سيمرّ اللاجئون عبر كرواتيا. وقد طرحت المجر المشكلة لأنها بلد عضو في اتفاقية شينغن، أما كرواتيا فليست كذلك حتى اليوم.

في تونس التي استقبلت الآلاف من اللاجئين من ليبيا، قمنا بعمل إغاثي على الحدود بين البلدين، وقدمنا خبرتنا في هذا الميدان. لكن دولة مقدونيا ترفض إقامة معسكرات على أراضيها (رغم أنها الآن قبلت بمعسكر عبور)، لأنها ما زالت مصدومة من استقبالها 100 ألف لاجئ من كوسوفو، في بداية الألفية الثالثة، وهم الذين استقر بهم الأمر هناك، ولا تريد أن تعيد التجربة.

- هل من تنسيق بينكم وبين منظمات وجمعيات أخرى؟
في فرنسا، ننسّق مع جمعيات فرنسية، خصوصاً منظمة "الصليب الأحمر الفرنسي"، التي دعتها السلطات الفرنسية لفعل شيء من أجل اللاجئين. وقبل هذا كانت هي المسؤولة عن إدارة معسكر سانغات للاجئين، الذي تم تفكيكه، سنة 2003، وصدمت المنظمة من قرار التفكيك، ولا تريد، هذه المرة، أن تعيد ما جرى في سانغات، بل تريد إشراك العديد من المنظمات معها. وقد دعتنا للقاء شارك فيه رئيس جمعيتنا رشيد لحلو، فتقرر عدم إقامة معسكرات بل التوجه لبناء مساكن حقيقية أو إصلاح ما هو غير مسكون، كالثكنات أو الفنادق المغلقة. وفي جمعيتنا بدأنا نتجه نحو قطاع الإسكان أيضا، وليس فقط تقديم الغذاء والملابس. كذلك، ننسق مع دوائر في وزارة الداخلية الفرنسية من أجل تلقي مساعدات ضرورية من الدولة.

- بالعودة إلى اللاجئين السوريين الموجودين في العراء في باريس، ماذا يمكن لجمعية الإغاثة الإسلامية أن تفعل من أجلهم؟
استنتجنا منذ بداية يونيو/ حزيران الماضي ارتفاع نسبة العائلات السورية التي تعبر دول البلقان. والآن مع قرار ألمانيا وبلجيكا وفرنسا استقبال اللاجئين، فإن عائلات سورية كثيرة ستصل. وهنا نحتاج لإجراءات، وعلى السلطة السياسية أن تتخذ قرارات. نحن رحّبنا بدعوة "الصليب الأحمر الفرنسي" للتعاون، وعدم إعادة تجربة الماضي، لكن يجب توفير الوسائل، أي كل ما تمتلكه الدولة من مساكن وثكنات فارغة وفنادق مغلقة. ونحن لدينا إلمام ومعرفة بتحويل هذه الإقامات وجعلها قابلة للسكن. ومن هنا سنعمل على إسكان هؤلاء اللاجئين. كذلك، نعمل في مجال إصدار البيانات والنداءات. ومن ذلك نشرنا بياناً في صحيفة "ليبراسيون" نطالب فيه بقرار سياسي منصف للاجئين السوريين. وفي ما يتعلق بمستقبل عملنا، فقد أصدرنا أوامر إلى فرقنا العاملة في الإغاثة الإسلامية على مستوى العالم وفرنسا كي تكون في مستوى "استقبال عاجل للاجئين".

- كيف أثّر غرق الطفل السوري عيلان عبد الله على تعاطف الأوروبيين مع أزمة اللاجئين؟
جاء التعاطف بمستويين، أولاً على المستوى الفردي، وثانياً على مستوى الرأي العام والرأي السياسي. الصورة يمكن أن تُغيّر الكثير. الانفعال موجود، وأنت تعلم أنّ الكثير من القرارات تُتّخَذ تحت تأثير الانفعال. نحن شددنا منذ شهور عديدة على أنّ السوريين لاجئون، وليسوا مهاجرين. يتعلق الأمر، إذاً، بمبادئ وأسس الاتحاد الأوروبي. وفرنسا لديها مبادئ ويجب عليها أن تحترمها، وإلا فلن تكون فرنسا. وهذه اللحظات هي لحظات تاريخية يتوجب فيها على السياسي أن يكون على موعد مع التاريخ. ومع ذلك، فالقرار الفرنسي مخيّب للآمال، فلبنان وحده يستقبل على أراضيه مليوناً و200 ألف لاجئ سوري، وهو ما يعادل 27 مليون شخص في فرنسا، أي ربع السكان. وحين يقول الساسة الغربيون إنّهم لا يستطيعون استقبال كل بؤس العالم، لا أحد يطالبهم بفعل ذلك، لأنّ دول الجنوب هي ببساطة من يستقبل 75 في المائة من بؤس العالم (تركيا ولبنان ومصر والأردن وغيرها).

- الجميع الآن يتحدث عن اللاجئين السوريين، أليس ثمة قلق مشروع من نسيان الفلسطينيين؟
نحن حاضرون في 15 بلداً، ولدينا حضور قوي في الأراضي الفلسطينية، في رام الله وفي قطاع غزة. نعمل بصرامة وجدية، ونرسل أموالاً تصل في خمسة أيام إلى غزة. مبدأ عملنا شفّاف، وأؤكد لك أنّ العمل هناك لم يتعرّض لأي إعاقة. كذلك نجهز الآن لحملة من أجل غزة، بعيداً عن وسائل الإعلام. والعام الماضي نظمنا حملة إعلانات كبيرة من أجل فلسطين في المترو والباصات، وهو ما جرّ علينا اتهامات في شبكات التواصل الاجتماعي بالعمل لصالح حركة حماس. نحن لسنا مع حماس ولا ضدها، بل نقف في حيادية مطلقة، في صف أهل فلسطين الذين يحتاجون مساعدة. لدينا أولويات وقضايا لها طابع الاستعجال، كاللاجئين السوريين، لكنّ مهماتنا مستمرة في كل أماكن تواجدنا. كما أن رؤساء المهمات يرسلون لنا باستمرار مشاريعهم واقتراحاتهم من سورية وفلسطين وأفريقيا الوسطى وتشاد وغيرها.

مدير تنفيذي للإغاثة الإسلامية
محي الدين خلادي حاصل على دكتوراه في الإحصائيات من جامعة غرونوبل الفرنسية. مارس التدريس والبحث العلمي قبل أن يلتحق بـ"جمعية الإغاثة الإسلامية". وفي الجمعية تولّى عدة مناصب، قبل أن يتم تعيينه مديراً لتنمية الموارد المالية عام 2002. وعام 2007 عيّن مديراً تنفيذيا للجمعية. وهو منصب سمح له، ضمن مهام عديدة، بتطوير المهام العملياتية للجمعية في حقل الإغاثة، ما جعلها من أهم المنظمات الإنسانية والإغاثية على المستويين الفرنسي والعالمي.

إقرأ أيضاً: فرنسيون يرفضون استقبال المهاجرين