فرنسيون يرفضون استقبال المهاجرين

فرنسيون يرفضون استقبال المهاجرين

07 سبتمبر 2015
لاجئون في فرنسا (Getty)
+ الخط -

ما زال المجتمع الفرنسي، بالمقارنة مع مجتمعات أخرى كألمانيا، يعاني من جمود في موقفه من اللاجئين. في يوليو/تموز الماضي، بين استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "إيفوب" أن 64 في المائة من الفرنسيين يعارضون استقبال المهاجرين. وعلى الرغم من مآسي الصيف وغرق مئات المهاجرين في البحر المتوسط، ما زال 51 في المائة من الفرنسيين يعارضون استقبال اللاجئين، بحسب استطلاع للرأي أجرته المؤسسة في 5 سبتمبر/أيلول الجاري، في حين أن 49 في المائة أيدوا توزيع المهاجرين بين دول الاتحاد الأوروبي، من بينها فرنسا. وتخشى كثير من الجمعيات الفرنسية التي تعنى بمساعدة المهاجرين واللاجئين أن ينسى المواطنون صورة الطفل السوري الغريق عيلان الكردي، قبل تحقيق إجراءات ملموسة على الأرض لتعزيز حقوق اللاجئين وتحسين ظروف استقبالهم في فرنسا، على غرار ألمانيا.

ومن بين الحلول التي يقترحها الاتحاد الأوروبي لحل قضية اللاجئين، هو التوزيع العادل بينها، حتى لا تجد أي دولة أوروبية نفسها وحيدة أمام هذه المستجدات. لكن هذا الحل لا يحظى بإجماع، خصوصاً من قبل تشيكيا وسلوفاكيا وبولونيا والمجر. وعلى الرغم من صرامة المقترح الألماني الفرنسي، الذي ينص على "فرض آلية دائمة ومُلزِمة لتقسيم نحو 160 ألف لاجئ"، والذي سيجعل فرنسا تستقبل 27 ألف لاجئ، إلا أن عدم التوصل إلى اتفاق ملزم سيجعل هذا الحل ناقصاً، ويزيد من العبء الذي تتحمله ألمانيا، والذي لا يبدو أنه في تناقص، في ظل تدفق المزيد من اللاجئين القادمين من المجر والنمسا.
واقترح وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازينوف استبدال تعبير الحصص بـ"آلية تقسيم تضامني"، تعلن فيها الدول الأوروبية عن التضامن في ما بينها، حتى لا تترك اليونان وإيطاليا وحيدتين في مواجهة تدفق اللاجئين.

إلى ذلك، هناك حرص على إطلاق كلمة مهاجرين على الواصلين إلى الشواطئ الأوروبية، وعدم استخدام كلمة لاجئين أو "طالبي اللجوء"، علماً أن الاعتراف بهم كلاجئين يعني تطبيق معاهدة جنيف (عام 1951)، التي تشمل كل شخص مضطهد يخشى البقاء في بلده بسبب أصوله أو آرائه السياسية أو ديانته. وتجدر الإشارة إلى أن معظم المهاجرين ينحدرون من القرن الأفريقي أو الشرق الأوسط. في هذا السياق، ترى رئيسة المركز الوطني للأبحاث العلمية، والمتخصصة في قضية الهجرة، كاترين فيتول دي فيندن، أن ما نعيشه الآن هو "أزمة لجوء وليس أزمة هجرة". وتوضح أن القسم الأكبر من اللاجئين ينحدر من سورية، بعدما اضطر نحو أربعة ملايين سوري إلى الخروج من بلدهم، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
 
اقرأ أيضاً: ألمان يستقبلون لاجئين في منازلهم

وكان مراسل صحيفة "ليبراسيون" في بلجيكا، جان كاتريمير، قد كتب مقالاً بعنوان "توقفوا عن الحديث عن المهاجرين"، وقال فيه إنه ليس صدفة الحديث عن مهاجرين أو مهاجرين سريين، وليس عن لاجئين. فالطفل السوري عيلان ليس إلا ضحية إضافية لبؤس العالم وقد جذبه الفردوس الأوروبي، بالنسبة للفرنسيين. بينما الحقيقة، بحسب كاتريمير، هي أن الغالبية الساحقة من الذين يريدون الذهاب إلى أوروبا لم يفكروا، قبل سنوات، في مغادرة بلادهم. هؤلاء لا يهاجرون إلا أنهم يفرون من الحرب والمجازر والاضطهاد والاغتصاب والتعذيب والموت. وسأل: "هل فكر أحدهم في وصف المعارضين السياسيين أو اليهود الذين اضطهدوا في عهد النازية بالمهاجرين؟". أضاف أن "عيلان الكردي لاجئ. والاعتراف بهذه الحقيقة يعني رفض العنصرية اليمينية الزاحفة".

وفي وقت يستطيع طالبو اللجوء في ألمانيا العمل حتى لا يقال إنهم يعيشون على حساب السلطات، ما يساهم في تعزيز الاندماج، ويعلن 66 في المائة من الألمان عن استعدادهم لفتح أبوابهم أمام اللاجئين، يرفض 56 في المائة من الفرنسيين استقبال هؤلاء المهاجرين. وفي وقت يتعين إيجاد حلول لعشرات الآلاف من هؤلاء اللاجئين الذين وصلوا إلى القارة الأوروبية، يتحدث أحد زعماء حزب "الجمهوريين" اليميني، إيريك كيوتي، عن "التشدد الذي سينقذ أرواحاً"، لافتاً إلى أن الكرم سيؤدي إلى مزيد من الضحايا، على الرغم من قوله إن لديه قلباً مثل الآخرين. ويشير إلى أرقام "فظيعة" تواجهها أوروبا، من بينها وصول 500 ألف مهاجر منذ بداية العام الجاري، وموت أكثر من 2500 شخص. ويكمن الحل في أن تعمد أوروبا إلى منع المهاجرين من مغادرة تركيا أو الشواطئ الأفريقية، وإطلاق عمليات عسكرية تحت إشراف الأمم المتحدة ضد المهربين، وقطع طرقات الهجرة، ومطالبة الدول التي ينحدر منها هؤلاء بتعاون أكبر. وفي ما يخص الوضع في فرنسا، يرى كيوتي أنه "خارج السيطرة، وقد فقدت الحكومة المبادرة".

اقرأ أيضاً: الإعلام الفرنسي يتأخر بنشر صورة الطفل السوري الغريق