لم يبق لتونس إلا لقبها

لم يبق لتونس إلا لقبها

12 مايو 2015
القوانين تحمي الثروة الحرجية (العربي الجديد)
+ الخط -
يبدو وكأن تونس تستعين بلقبها "الخضراء" للدلالة على ثروتها الحرجية، من دون أن يكون ذلك حقيقياً. فعلى غرار كثير من البلدان، تتضاءل المساحات الخضراء بفعل عوامل عدة.

تتميّز تونس بأشجار الصنوبر الحلبي التي تنتشر في منطقة الشمال الغربي، حيث المساحات الزراعية والغابات ذات التربة السمراء. يقول مدير إدارة الغابات يوسف السعداوي لـ "العربي الجديد" إن "الغابات تمثل 2،8 في المائة من إجمالي مساحة تونس، وهي مساحة صغيرة بالمقارنة مع دول حوض المتوسط التي تصل النسب فيها إلى نحو 20 في المائة"، لافتاً إلى أننا "ما زلنا بعيدين جداً عن المعدلات المسجلة في هذه المنطقة". يضيف أن البلاد تتميز بغابات الفرنان التي تمتد على مساحة 60 ألف هكتار، بالإضافة إلى أشجار الصنوبر الحلبي.

ويوضح السعداوي أن المساحات الزراعية تقدر بنحو 4 ملايين هكتار، فيما تقدر مساحة الغابات والمراعي بنحو 6،5 ملايين هكتار، وتبلغ مساحة الأراضي الصحراوية نحو 5 ملايين هكتار، لافتاً إلى أن المساحات الخضراء في تونس قليلة جداً، لأن ثلثي مساحة البلاد عبارة عن مناطق جافة وصحراوية.

لطالما لقبت تونس بـ "الخضراء". وتجدر الإشارة إلى أن الثروة الحرجية في البلاد تشمل النباتات العشبية والحولية والشجيرات والأشجار البرية وغيرها. يقول السعداوي: "خلال السنوات الماضية، تضاعفت الحرائق، وسجلت تونس أعلى نسبة عام 2014 بعدما تضرّر 900،4 هكتار من الأراضي بالمقارنة مع 800،1 هكتار في السابق". ويؤكد أن تونس قطعت شوطاً كبيراً من خلال القوانين التي تحمي الثروة الحرجية والغابات، وتجريم الاعتداء على الطبيعة، ما مكّن من مراقبة التجاوزات ورصدها، وقد رفعت ثلاثة آلاف قضية ضد المعتدين على الغابات.

في السياق، يقول رئيس "جمعية التراث والبيئة" أحمد الطرابسي لـ "العربي الجديد" إن "تونس تعرف بنباتات العرعار وإكليل الجبل والزعتر والكبار والطلح وأشجار البلوط والزان والبلوط الأخضر والبلوط القرمزي والكالتوس والصنوبر الحلبي والصنوبر الثمري والعفص والسرول". ويرى أن تونس الخضراء لا يجب أن تبقى مجرد لقب، مؤكداً أنها تعد الأكثر شهرة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط في مجال زراعة الزيتون، وتخصص أكثر من 30 في المائة من الأراضي لزراعة أشجار الزيتون.

تقول بعض الجمعيات البيئية إن مشاركة تونس في الحرب على الإرهاب ألحقت أضراراً بالثروة الحرجية، وخصوصاً جبل الشعانبي. وتعدّ محمية الشعانبي من أكثر المناطق تنوعاً، وتضم نحو 262 نباتاً، وقد أتلفت مساحات هامة من غابات الصنوبر الحلبي والعرعار والبلوط الأخضر وإكليل الجبل والحلفاء.

في السياق، تقول مديرة "الوكالة الوطنية لحماية المحيط" نبيهة مبارك كاهية لـ "العربي الجديد" إن "الوكالة تبذل جهوداً للنهوض بالمحميات ومراقبتها وحماية الجبال والمستنقعات، كمحمية إشكل في محافظة بنزرت وبوهدمة بسيدي بوزيد"، مبينة أن كليهما تضررتا كثيراً خلال السنوات الماضية بسبب اعتداءات بعض المواطنين على المحميات. تتابع: "شددنا الرقابة على المحميات، ووضعنا الحراس. لكن للأسف، تونس لم تعد خضراء. فالمساحات المزروعة إلى تراجع في ظل الفوضى العمرانية والنفايات، علماً أن التونسيين يقتنون النباتات ويعتنون بها".

من جهته، يؤكد كاتب الدولة للبيئة (في حكومة المهدي جمعة السابقة) منير مجدوب لـ"العربي الجديد" أن "المساحات الخضراء للفرد الواحد كانت ما بين 4 و5 أمتار مربعة في فترة التسعينيات، وقد ارتفعت خلال عامي 2008 و2009 إلى 14 متراً مربعاً للفرد الواحد". ويؤكد أن جهود الدولة في دعم المساحات الخضراء تراجعت خلال الفترة الممتدة ما بين 2010 إلى 2014، مبيناً أن الأراضي المتاخمة للمدن شهدت استغلالاً للأراضي الزراعية لناحية استثمارها في البناء العشوائي.

يتابع مجدوب "أننا حاولنا استرجاع العديد من المساحات الخضراء والعناية بالمنتزهات، علماً أن تونس العاصمة تضم ثلاثة منتزهات فقط، وعملنا على تشديد الرقابة عليها. ونواجه بعض المشاكل في المساحات التابعة للبلديات لأنها مفتوحة للعموم". ويثمّن تجربة بعض المصارف التي أنشأت مساحات خضراء وتعهدت بصيانتها، داعياً بقية المؤسسات إلى الاقتداء بهذه التجارب، معتبراً أن جهود الدولة لا تكفي لوحدها، محمّلاً المواطن مسؤولية العناية بالبيئة "حتى يتمتع أطفالنا بحياة أفضل ويعيشوا في ظل تونس الخضراء".

إقرأ أيضاً: التونسيون يهجرون الريف