الانفصال والتصحّر يأكلان غابات السودان

الانفصال والتصحّر يأكلان غابات السودان

12 مايو 2015
تراجعت المساحات الخضراء إلى أقل من 1% (فرانس برس)
+ الخط -
بات السودان يُصنّف ضمن الدول ذات الغطاء الأخضر الشحيح، علماً أنه كان يصنّف ضمن المتوسطة، بعدما شهدت الثروة الحرجية تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية. وتراجعت مساحة الغابات من 60 في المائة إلى 10 في المائة، لتتقلص المساحات الخضراء من 5.9 في المائة إلى أقل من 1 في المائة. الأسباب كثيرة، منها انفصال جنوب السودان وإنشاء دولته المستقلة عام 2011، وبالتالي انتقال 20% من الثروة الغابية إليه، فضلاً عن موجات الجفاف والتصحر التي تضرب البلاد، وازدياد معدلات النزوح بسبب الفقر والحرب والتمدد السكاني، عدا عن الحرائق وقطع الأشجار وغياب سياسة واضحة من قبل الدولة في ما يتعلق بالثروة الغابية وعدم وضعها ضمن الأولويات.

لطالما عرف السودان المحميات الطبيعية التي عدّت بمثابة قبلة للسياح العرب والأجانب، فضلاً عن المهتمين بالبحث في الحياة البرية. وتضم البلاد عدداً من المحميات، أهمها حظيرة الدندر (جنوب شرق)، ومحمية الردوم في جنوب غرب دارفور، وغابة امبارونة في ولاية الجزيرة، وغابة السنط في العاصمة الخرطوم.

وساهمت اتفاقية لندن الخاصة بإنشاء الحظائر البرية في أفريقيا عام 1933 في إنشاء مناطق محمية في السودان الذي يمتاز بثروته النباتية، وأنواع نادرة من الحيوانات (على سبيل المثال يضم 12 نوعاً من الثدييات من أصل 13 في أفريقيا). وتعد حظيرة الدندر من أقدم الحظائر في أفريقيا. إلا أن الصيد العشوائي وإحاطتها بالقرى أدى إلى انقراض بعض الحيوانات وهروب أخرى إلى البلدان المجاورة. على الرغم من ذلك، ما زالت تحتفظ برونقها وتعدّ مقصداً للسياح الأجانب، وخصوصاً أنها تضمّ مجموعة من الحيوانات كالجاموس الأفريقي ووحيد القرن والفيل والزرافة والغزال.

في السياق، تقول الباحثة الزراعية عوضية عبد المطلب إن "المحميات الطبيعية تعد إحدى العوامل الأساسية لمواجهة التغير المناخي في ما يتصل بأخطار الفيضانات والجفاف"، لافتةً إلى أن "التراجع المريع في المساحات الخضراء يهدد البيئة، وتخسر البلاد نحو 2.2 في المائة منها سنوياً".

من جهتها، دقت الهيئة القومية للغابات ناقوس الخطر، مطالبة الحكومة بوضع القضية ضمن أولوياتها، خصوصاً أنها تهدّد البيئة. وحذّر المدير العام للهيئة محمد علي من التناقص الكبير في الغابات في ظل موجات الجفاف المتكررة، فضلاً عن ضعف إمكانات الهيئة المالية والبشرية، ما جعلها عاجزة عن الاهتمام بالغابات. وأكد أن تراجع الغابات مرتبط بزيادة عدد السكان، وبالتالي زيادة التعدي على الغابات.

وكان وزير البيئة والغابات حسن عبد القادر هلال قد لفت إلى أن الغابات هي بمثابة العمود الفقري للبيئة، وتساهم في زيادة الإنتاج الزراعي والحد من الفقر، وزيادة معدلات كسب العيش. وأكد أنها تلعب دور محورياً في معالجة كثير من المشاكل الناتجة عن التغييرات البيئية، كامتصاص الغازات الدفيئة ما يحد من التغيرات المناخية ويحمي البيئة الزراعية والسكانية والبرية. وقال إننا "نسعى إلى زيادة الغابات إلى 20 في المائة (من إجمالي مساحة البلاد)، ويجب وضع خطة طوارئ والحد من الاعتماد على قطع الأشجار، واستخدام الطاقة الشمسية والرياح".

من جهة أخرى، أشار هلال إلى تراجع التمويل الدولي للمشاريع الغابية، التي انخفضت من 28 مشروعا في ثمانينيات القرن الماضي إلى ثمانية مشاريع في الوقت الحالي.

في السياق، يقول الخبير الزراعي بله علي عمر إن المساحات الزراعية في السودان تقدّر بنحو 200 مليون فدان، يستغلّ منها 12% فقط، أي ما يعادل 30 مليون فدان، بينما يعمل في القطاع 63 في المائة من السكان. ويؤكد أن قطاع الغابات تراجع بشكل كبير خلال العقود الثلاثة الماضية، وخسرت البلاد أكثر من 100 مليون فدان بسبب التغير المناخي والتصحّر والحروب الأهلية، فضلاً عن صراع الموارد بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات، بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن اكتشاف النفط، الأمر الذي أسهم في إزالة جزء من الغابات في المناطق التي تمر فيها الأنابيب.

ويرى الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة حيدر الصافي أن الغابات والأشجار تلعب دوراً كبيراً في امتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون، الذي يؤدي إلى زيادة الاحتباس الحراري. ويلفت إلى أن أي تراجع في الثروة الغابية يؤثّر بشكل مباشر على وفرة المياه والإنتاج الزراعي، وبالتالي المناخ.

إقرأ أيضاً: استثمار التصحّر في السودان