سوريّو ألمانيا يبحثون عن مترجمين

سوريّو ألمانيا يبحثون عن مترجمين

01 ابريل 2015
يأتي كثيرون إلى ألمانيا لعلاج أطفالهم (Getty)
+ الخط -

قصدَ طارق مكتب اللاجئين في المنطقة التي يقيم فيها في ألمانيا. طلب حجز موعد له لدى طبيب على أن يصاحبه مترجم. قدم إلى البلاد قبل نحو شهر. حتى الآن، لم يلتحق بالمدرسة لتعلّم اللغة الألمانية. ما زال ينتظر افتتاح دورة جديدة للغة. لكن المترجمة في المكتب لم تبدِ أي تعاون، وطلبت منه أن يتدبر أموره. أما هو، فيعرف أمراً واحداً فقط، وهو أن زوجته حامل ويجب أن يعاينها الطبيب بسرعة، وليس بإمكانه طلب تاكسي أو سيارة إسعاف أو التواصل مع الطبيب مباشرة.

ولدى سؤال المكتب عن أسباب عدم المساعدة، قالت المديرة ليزا تسير مان: "لا نستطيع تقديم كل ما نملك. عليه الذهاب إلى الطبيب وحده. وبعد أخذ ورد، وافقت على أن تشرح حالة السيدة الحامل للطبيب بالألمانية، مع أخذ موعد له".

من جهتها، تقول نائب في البرلمان رفضت الكشف عن اسمها: "لا يوجد ما يكفي من المترجمين. هذه ليست مشكلة ألمانيا وحدها، بل أوروبا. ليس لدينا ما يكفي من الموظفين الذين يمكنهم مرافقة المرضى إلى الأطباء. في الوقت نفسه، يزداد عدد اللاجئين السوريين. هناك مشكلة أخرى تتمثل في عدم معرفتنا بكيفية تواصل المترجمين مع السوريين. يجب بحث الأمر بجدية، والعمل أكثر على تكريس ثقافة الترحيب التي تبدأ بمجرد وصول اللاجئين إلى البلاد".

تجدر الإشارة إلى أنه حين لا يجد اللاجئ التعاون المطلوب من قبل المترجمين، فإنه لن يتمكن من إيصال شكواه إلى المعنيين، لعدم اتقانه اللغة الألمانية.

حالُ طارق يشبه حال كثيرين يُعانون وأطفالهم من أمراض تحتاج إلى علاج خاص أو طويل الأمد. يجدون أنفسهم عاجزين عن فهم اللغة والتقارير الصحية التي ترسل اليهم، ما يجعلهم في حيرة من أمرهم. ماذا تقول هذه الأوراق؟ وهل من أمل لشفائهم؟

المشاكل لا تنتهي هنا. كان شفيق، وهو سوري، قد قدم من ليبيا إلى ألمانيا عبر البحر. جازف بحياته وحياة زوجته وولديه الذين يعانيان من شلل دماغي، أملاً في الوصول إلى هذا البلد. أراد فقط تأمين العلاج لهما. سعى طويلاً لمعرفة ما إذا كان هناك أي أمل في علاجهما. صحيح أنه بدأ بدراسة اللغة الألمانية، إلا أنه ما زال عاجزاً عن قراءة التحاليل الطبية المعقدة التي ترسل اليه.

يقول لـ "العربي الجديد": "بدأت أسأل كثيراً من الناس، إلى أن دلني أحدهم على طبيب عربي قرأ لي التحاليل". يضيف أن "الحقيقة التي قالها الطبيب كانت صادمة. فلا أمل بشفائهما، كما أن وتيرة التحسن ستكون بطيئة. كذلك، أخبرني أنه لا يجب التفكير في الإنجاب مجدداً كون التحاليل تؤكد أن الأطفال قد أصيبوا بالمرض نتيجة خلل وراثي. إلا أنني اليوم أجد نفسي في وضع أفضل. على الأقل، عرفت حقيقة وضع طفليّ، وكيفية العلاج، واحتمالات تحسنهما، بعدما أمضيت ستة أشهر من دون أن أعرف أي شيء".

يُعاني اللاجئون في ألمانيا من مشكلة الترجمة. في أحيان كثيرة، لا يجدون مترجمين متخصصين. علماً أن كثيراً من العائلات السورية، التي يعاني أطفالها من أمراض معينة، أرادت القدوم إلى ألمانيا، علّ هذا البلد يساهم في توفير العلاج لهم.

في المقابل، يشعر بعض الأهالي أنهم يدورون في حلقة مفرغة طالما لا يفهمون اللغة ونتائج التحاليل. في هذا الإطار، يقول السوري محمد رزق: "ربما يكون هناك بطء في العلاج. أو يطلب الأطباء الألمان كثيراً من التحاليل قبل البدء في العلاج. لكن أشعر بالارتياح لأنني في أيدٍ أمينة".

ويصبح الأمر أكثر تعقيداً عندما يحتاج طفلٌ أو مراهق إلى العلاج النفسي أيضاً. قبل أن تغادر الطفلة رنا (اسم مستعار) سورية، كانت في الصف في مدرستها في درعا، تجيب عن أسئلة الامتحانات. فجأة صرخ الأستاذ طالباً منهم إنهاء اجاباتهم لأن الجيش سيدخل المدينة. بعدها سمعت صوت الطيران الحربي وغابت عن الوعي. حين أخذها والداها إلى طبيب القرية، قال إنها تعاني من الصرع. بعدما قدمت إلى لبنان، استكملت الأمم المتحدة وصف الدواء الخاص بالصرع للفتاة، ليكتشف أهلها بعد مجيئهم الى ألمانيا، أن الفتاة لا تعاني من الصرع، بل تحتاج فقط إلى العلاج النفسي مع دواء آخر. لكن المشكلة أن المعالجة النفسية لا تستطيع التواصل معها كونها لا تتكلم الألمانية.