العراق.. سلاح عبر فيسبوك

العراق.. سلاح عبر فيسبوك

11 فبراير 2015
صفحات تجارة السلاح تضع رقم الهاتف للتواصل (الأناضول)
+ الخط -
لا يختلف العالم الافتراضي كثيراً عن عالم الواقع في العراق، فكلاهما حديد ونار وصواريخ ومدافع. فمتصفح موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك"، يجد عشرات الصفحات العراقية لتجارة السلاح علناً، وبمختلف أنواعه، من الفردي إلى المدافع الرشاشة والصواريخ.

وعادة ما تحمل الصفحات أسماء علنية لمحتواها، مثل "بيع وشراء الأسلحة بالعراق"، أو "سوق السلاح في بغداد".

ولعلّ أكثر ما يثير الاستغراب أنَّ أصحاب تلك الصفحات ومرتاديها يتبادلون عناوينهم وأرقام هواتفهم علناً ويتعرفون على أسعار الأسلحة المختلفة بشكل مكشوف. وهو ما يشير إلى ضلوع جهات حكومية ومتنفذة بانتشار التجارة الإلكترونية للسلاح، خصوصاً حين يتضح أنّ ميليشيات وقوات حكومية تشتري السلاح من بعضها البعض عبر الصفحات.

وفي هذا الإطار، يتحدث تاجر السلاح، باسل صبري (40 عاماً)، عن رحلته في بيع وشراء الأسلحة، ويقول: "بدأت هذه التجارة بعد 2003، مع مجموعة من أصدقائي. فقد أصبح الطلب على شراء الأسلحة المختلفة ضرورة لا بد منها بعد أن انطلقت المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي. وكنا نبيع مختلف أنواع الأسلحة بشكل ميداني، كما كانت لدينا أماكن خاصة نعرض فيها أسلحتنا".

ويتابع صبري: "يومها كنا نبذل جهداً ووقتاً للوصول إلى الزبائن، والآن وفّرت لنا صفحات فيسبوك كلّ ذلك، وأصبح التواصل مع الزبائن أكثر سهولة عبر تبادل أرقام الهواتف والاتفاق على سعر السلاح، ثم تحديد مكان معيّن للاستلام والتسليم". كما توفّر الصفحات مجال بيع آخر، ويقول صبري: "نسمح لمَن يرغبون ببيع أسلحتهم بالإعلان عنها على صفحاتنا شرط الالتزام بدفع عمولة مالية من 4 إلى 5 بالمئة من قيمة السلاح".

أما عن أنواع الأسلحة، فيقول: "نبيع الأسلحة من أصغرها إلى أكبرها، من مسدسات كاتمة للصوت، ورشاشات كلاشنكوف، وبي كا سي، ومدافع 14.5 الرشاشة، وصولاً إلى قاذفات صواريخ محمولة على الكتف، ومدافع 51 ملم. بالإضافة إلى مختلف الأعتدة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة. وهي بضائع نظيفة وموثوقة".

لا يبدو على صبري أيّ قلق من الجهات الأمنية بخصوص متاجرته بالسلاح. وبهذا الخصوص، يفصح عن تعامله مع بعض الجهات الحكومية التي باعها الكثير من الأسلحة. ويلفت إلى أنَّ "الأسلحة الثقيلة تشتريها الميليشيات، فيما نبيع الأسلحة الخفيفة، كالمسدسات ورشاشات كلاشنكوف، للمواطنين الساعين لحماية أنفسهم من الهجمات المسلحة".

بدوره، يقول المتابع لتلك الصفحات، فاضل عدنان (30 عاماً): "صفحات تجارة السلاح على فيسبوك تبيع السلاح علناً، وتضع صوراً للسلاح المطلوب مع رقم الهاتف للتواصل مع صاحبه، وكذلك عنوان مكان الاستلام والتسليم. ومع غياب الضوابط القانونية، لن نستغرب إذا ما عرفنا أنَّ قوى أمنية وعسكرية حكومية تشتري السلاح من هذه الصفحات. بل إنّ هناك فرقاً من الجيش العراقي والقوات الخاصة وأجهزة الأمن تشتري ما تحتاجه من أعتدة وأسلحة من هذه الصفحات، وقد شاهدت ذلك بنفسي".

ويلفت عدنان إلى أنَّ "أسعار المسدسات تراوح بين 1000 و2000 دولار أميركي، ورشاش كلاشنكوف الروسي بين 1000 دولار و1500 دولار، أما رصاصة الكلاشنكوف فلا يتجاوز سعرها ربع دولار". ويضيف: "اشتريت بنفسي أكثر من نصف مليون رصاصة كلاشنكوف من أحد عملاء هذه الصفحات".

في المقابل، يكشف ضابط في وزارة الداخلية العراقية، لـ"العربي الجديد"، أنَّ "الحكومة تعلم تماماً بهذه الصفحات وتعرف مخاطرها على المجتمع العراقي". ويضيف الضابط، الذي يرفض الكشف عن اسمه، علماً أنّه يشغل منصباً مهماً في الداخلية، أنَّ سبب انتشار هذه الصفحات يعود إلى أنّ "الكثير من الأحزاب السياسية الحاكمة والميليشيات وحتى الأجهزة الأمنية تتعامل معها وتشتري السلاح عبر وسطاء وتجار فيها".

مسدسات كاتمة للصوت
بالإضافة إلى الرشاشات والمدافع، تعرض الصفحات مسدسات كاتمة للصوت، علماً أنّه السلاح الذي يعاني منه العراقيون أكثر من غيره اليوم. وكان البرلمان العراقي قد صوّت، أواخر الشهر الماضي، على استمرار مشروع قانون منع استعمال وانتشار الأسلحة الكاتمة للصوت، الذي يعاقب بالإعدام كلّ مَن يستخدم السلاح أو يحمله أو يصلحه أو يتاجر به أو يروّج له، وذلك بانتظار إقراره لاحقاً.