"داعش" وتجّار الحروب

"داعش" وتجّار الحروب

19 سبتمبر 2014
ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالعراق بسبب الاحتكار (فرانس برس)
+ الخط -
استغل بعض التجّار العراقيين سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على بعض المناطق وسط وشمال العراق، وصراعه مع القوات الحكومية، لجني ثمار احتكارهم لبعض السلع والذي بلغ نحو مليارين ونصف المليار دولار بعد رفعهم الأسعار.
أما المواطن العراقي، خاصة من نزح من تلك المناطق، فبدأ المواجهة للبقاء حيا، مما دعا الحكومة العراقية إلى اتخاذ جملة إجراءات وجد خبراء أنها ساعدت نسبيا في السيطرة على السوق من هيمنة "تجّار الحروب".
الخبير الاقتصادي مظهر صالح قال لـ"العربي الجديد" إنه قبل نحو شهرين، وبسبب الاقتتال الدائر في مناطق شمال ووسط البلاد بين القوات الحكومية وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية، لجأ بعض التجار إلى احتكار عدد من السلع وتخزينها، خاصة الأدوية والمواد الغذائية وقطع الغيار الاستهلاكية. وأشار صالح إلى أن هؤلاء تمكنوا من فرض سيطرتهم على مفاصل السوق، ورفعوا أسعار بعض السلع كالأرز الذي كان سعر الكيلو منه 2200 دينار عراقي، ليرتفع إلى 2500 دينار (نحو دولارين) والسكر من 1400 دينار إلى 1750 ديناراً، وبحسب قياسات السوق فإن احتكار بعض السلع تسبب بارتفاع الأسعار بشكل عام. محمد فيصل من سكان بغداد ويعمل سائق أجرة قال لـ"العربي الجديد" إن "داعش" بعدما أربك الوضع الأمني امتد لإرباك السوق من خلال من وصفهم بـ"تجار الفرصة"، الذين استغلوا فرصة تردي الوضع الأمني، ورفعوا أسعار المواد الغذائية الأساسية ومواد البناء وغيرها، مما جعل المواطن يقنّن من شراء حاجياته.
نزح هوكار مصطفى، من سكان قضاء تلعفر جنوب شرق محافظة نينوى، إلى محافظة كربلاء بعد سيطرة التنظيم على مدينته. يقول لـ"العربي الجديد"، إن المساعدات التي تُقدم لهم من قبل مجلس المحافظة والأهالي والمنظمات الإنسانية لا تكفي؛ لأن بعض العوائل رفضت سكن المخيمات ولجأت إلى استئجار منازل مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فضلا عن أن بعضهم كان يجني رزقه بشكل يومي، وبعد التهجير بات لا عمل لهم ولا أموال تكفيهم.
 
من جانبها، أكدت وزارة التجارة على لسان وكيلها يحيى العيثاوي لـ"العربي الجديد" أنها شكلت لجنة طوارئ بمشاركة عدد من الجهات الحكومية؛ للسيطرة على السوق وتفويت الفرصة على التجار الذين يريدون استغلال الأوضاع. وذلك من خلال تسيير فرق تفتيش لمراقبة الأسعار والتجار، فضلا عن التسريع في منح إجازات الاستيراد وفتح منافذ حدودية إضافية في وسط وجنوب العراق والتقليل من الضرائب، خاصة بالنسبة للسلع الغذائية.
ويلفت إلى أن تلك الإجراءات ساعدت على خفض الأسعار والحفاظ على التوازن في العرض والطلب داخل السوق. وأوضح مدير مكافحة الجريمة الاقتصادية في وزارة الداخلية العميد حسين الشمري لـ"العربي الجديد" أن المديرية نشرت أكثر من 250 فرقة لمراقبة السوق العراقية، "وبالفعل تم تشخيص عدد من الحالات التي ثبت بالأدلة أنها تسببت بإرباك السوق والإضرار باقتصاد البلاد، من خلال ضبط بعض التجار وهم يبيعون بضاعتهم بأسعار تفوق تسعيرة السوق على الرغم من توفرها في مخازنهم".
وتابع الشمري أن المحافظات التي تسيطر عليها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية تشهد أيضا احتكارا لبعض السلع؛ بسبب غياب الرقابة وصعوبة وصول السلع بسبب الأوضاع الأمنية، لكن ذلك لا يمكن قياسه على السوق العراقية بشكل عام. أما الخبير الاقتصادي لطيف محمد فأكد أنه لا توجد قيود على السلع المستوردة، مما فتح الباب للتجار لاستيراد كميات كبيرة من البضائع المختلفة وتخزينها، الأمر الذي مهد لهم الحصول على أرباح خيالية، لتصل بحسب إحصاءات هيئة الجمارك ووزارة التخطيط إلى مليارين ونصف المليار دولار. وأضاف أن تلك الأرباح توقفت بسبب إغراق السوق بالسلع بعد إجراءات الحكومة "المتأخرة"، التي ساعدت نوعا ما على استقرار السوق.