سجن "العقرب" المصري.. الموت برداً أو تعذيباً

سجن "العقرب" المصري.. الموت برداً أو تعذيباً

07 ديسمبر 2015
مقر سجن العقرب (تويتر)
+ الخط -


"اللهم دفئا وسلاما على قلوبهم وأجسادهم". دعوة أطلقتها يمنى خيري، ابنة القيادي بجامعة الإخوان المسلمين، خيري جاد، المعتقل بسجن العقرب شديد الحراسة، تتوسّل فيها إلى الله فتح الزيارة الممنوعة عن نزلاء السجن منذ أشهر؛ علّها تتمكن من إيصال ملابس وأغطية شتوية لوالدها.

وقالت "خيري" على حسابها على "فيسبوك": "الشتاء الماضي، حيث كانت الزيارة مسموحة، وإدخال الملابس الثقيلة والأغطية مباحا، لما كنا نسأله عامل إيه في البرد؟ كان يقول لنا: إن برد الزنزانة ما ينفعش معاه لا بطاطين ولا ملابس، وإن الهواء كان بيعدِّي كل الهدوم رغم إنه كان يلبس أكتر من رداء على بعض ويتغطى بالبطاطين".

وأضافت: "هذا الشتاء لا معاهم بطاطين ولا لبس شتوي. السنة دي الزيارات مقفولة بقالها ما يقارب الشهرين. السنة دي لابسين بِدَل السجن الرديئة المهلهلة وقاعدين على خرسانة الزنزانة اللي بتبقى أشبه بالفريزر في الشتاء".
وشاركت الشابة المصرية روايتها عن والدها المعتقل على وسوم منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بينها #مقبرة_العقرب وكذا #افتحوا_الزيارة.

حلّ الشتاء في مصر، وانخفضت درجات الحرارة إلى 10 درجات مئوية أو أقل، في القاهرة ومعظم المحافظات شمالي البلاد.
سجن العقرب، الذي يعرف بـ"غوانتنامو مصر"، سجن شديد الحراسة، يقع ضمن مجموعة سجون طره جنوب القاهرة، على بعد 2 كم من بوابة منطقة سجون طره الرسمية جنوبي القاهرة. محاط بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، كما أن مكاتب الضباط تقع بالكامل خلف الحواجز والقضبان الحديدية.

واقترح فكرة سلسلة السجون شديدة الحراسة، مجموعة من ضباط الشرطة المصريين، عقب عودتهم من بعثة تدريبية في الولايات المتحدة الأميركية، واعتبرتها وزارة الداخلية المصرية حينها، فكرة خلاقة وكافية لسد ما اعتبرته "عجزا في سياستها مع الجماعات المسلحة بشكل خاص".
وفي عام 1991 بدأ وزير الداخلية المصري الأسبق، حسن الألفي، ومجموعة من مساعديه، في تنفيذ الأفكار الأميركية؛ فكانت البداية في سجن العقرب، واستغرق بناؤه عامين، ليتم الانتهاء منه في 30 مايو/أيار 1993.

الصحافي المصري، محمد أبو الغيط، تخلى عن مطالبته بالحرية لوالد زوجته، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، سيد شهاب، واكتفى بالمطالبة بـ#الزيارة_لدكتور_سيد و #البطاطين_لدكتور_سيد.

وقال أبو الغيط على حسابه على "فيسبوك" إن، "الأمس 6 ديسمبر/كانون الأول، يذكره بمرور ستة أشهر على آخر زيارة لوالد زوجته، عميد كلية الهندسة بجامعة حلوان سابقا، في 6 يونيو/حزيران الماضي، كان وقتها في سجن استئناف طره، بعدها نقل إلى العقرب ومن حينها منعت الزيارة عنه تماماً".
يضيف أبو الغيط "القانون ينص على زيارة أسبوعية للمحبوسين احتياطياً، وكل أسبوعين للصادر بحقهم أحكام، ويشمل ذلك أي إنسان حتى القتلة والمغتصبين والخونة"، ويستطرد "خلال الستة أشهر الماضية، كل ما نسمع أن الزيارة اتفتحت يروح أفراد من العيلة ويستنوا لساعات طويلة- ومنهم والدة زوجتي، بلا جدوى، مرة واحدة فقط نجحت العائلة في أن ترسل له أدويته بأسلوب غير رسمي".


وفي تقرير سابق لها بعنوان "الموت البطيء يلاحق معتقلي سجن العقرب المصري"، رصدت منظمة هيومان رايتس مونيتور، تعرض المعتقلين في مصر إلى معاملاتٍ قاسية، من الضرب المبرح والتعذيب لمحاولة انتزاع اعترافات، والذي راح ضحيته ما يزيد عن 200 معتقل منذ أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، بالإضافة إلى احتجاز في أماكن غير آدمية، والإهمال الطبي وتردّي الخدمات الصحية المقدمة داخل السجون للمعتقلين المرضى بأمراض مختلفة كالقلب والسرطان وأمراض أخرى خطيرة، ما تسبب في وقوع عشرات الموتى ضحية لذلك.

ووصلت عدة استغاثات متكررة للمنظمة من داخل سجن العقرب ومن أهالي المعتقلين بالسجن تروي تفاصيل الانتهاكات الممارسة ضدهم، ومنها ما تعانيه الأسر خلال الزيارات من منع إدخال الطعام والدواء والمستلزمات الخاصة، والطوابير الطويلة والإهانات المتكررة والتفتيش الشبيه بالتحرش، والحرمان من التواصل مع المعتقل، حيث يحول بينهم لوح زجاجي وتكون الزيارة من خلال سماعة هاتف مراقبة، فضلًا عن منع إدارة السجن لزيارة عدد كبير من أهالي المعتقلين مرات عديدة دون سبب"، بحسب التقرير.

ومات العشرات في سجن العقرب شديد الحراسة، آخرهم كان محمد السعيد، المتهم في قضية أنصار بيت المقدس، الذي توفي في زنزانته في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي نتيجة للإهمال الطبي. وسبقه القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، فريد إسماعيل ورئيس مجلس شورى الجماعة، عصام دربالة، والقياديان السابقان بجماعة الجهاد الإسلامي مرجان سالم ونبيل المغربي، وعضو جماعة الإخوان عماد حسن.
وأشارت تقارير حقوقية مصرية إلى نقل عدد من السجناء في العقرب، إلى مستشفى السجن خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث كان كل منهم في وضع صحي حرج، ومنهم، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق محمود الخضيري، والقياديان بحزب الاستقلال مجدي قرقر ومجدي حسين، وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان رشاد البيومي.

أما المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري -منظمة حكومية- فقد نظم زيارة لسجن العقرب شديد الحراسة في أغسطس/آب الماضي، وخرج بتقرير وفيديو مصور، ظهر فيه أعضاء وفد المجلس يتناولون وجبات غذاء فندقية، وأعلنوا خلو السجن من التعذيب، ووجود ساحات رياضية وكافة الخدمات الاجتماعية والصحية والعلاجية، وهو التقرير الذي انسحب على إثره بعض أعضاء المجلس من حضور جلساته اللاحقة، اعتراضا عليه، وتوالت عليه أيضا ردود أفعال محلية ودولية غاضبة، وصدرت ضده عشرات التقارير التي تكذّب ما ورد به.


اقرأ أيضا:طبيب مصري بـ"العقرب": قتل السجناء استراتيجية حكومية