وردة الجزائرية تستنجد بتبون للخروج من غزة

وردة الجزائرية تستنجد بتبون للخروج من غزة

06 ابريل 2024
تجمع سابق للجالية الجزائرية في غزة للمطالبة بالإجلاء (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وردة خالد، جزائرية عالقة في غزة منذ 2006، تطلب المساعدة للعودة إلى الجزائر مع أطفالها الخمسة بعد تجارب قاسية بسبب الحروب، خصوصًا حرب 2023.
- الحكومة الجزائرية تنشئ خلية أزمة لمساعدة المئات من الجزائريين العالقين في غزة، بالتنسيق مع السفارة الجزائرية في القاهرة، رغم التحديات بمعبر رفح.
- عمليات الإجلاء تواجه صعوبات بسبب رفض إسرائيل منح تصاريح خروج والتكاليف العالية للتراخيص، بينما تقدم جمعية البركة الخيرية الجزائرية دعمًا للعائلات العالقة.

عندما ضاقت بها السبل وأغلقت في وجهها المنافذ، وحال بينها وبين الخروج من غزة إلى أهلها في الجزائر، لم تجد وردة خالد، التي تنحدر من بلدة فرجيوة بولاية ميلة شرقي الجزائر، سوى توجيه نداء أخير إلى الرئيس عبد المجيد تبون، لعله يبذل مسعى لإجلائها وأبنائها الخمسة إلى مسقط رأسها، بعد 18 عاما عاشتها في القطاع الذي يئن تحت وطأة حرب إبادة متواصلة.

تقول الجزائرية وردة خالد في نداء تسلمت "العربي الجديد" نسخة منه: "أعيش في غزة منذ عام 2006، تحملت الكثير من تبعات الحروب والنكبات على كاهلي، لكن حرب عام 2023 كانت الأصعب بلا شك. عشت مع أطفالي الخمسة كل أنواع الدمار. وبالرغم من قوتي وصلابتي، إلا أن الظروف المعيشية الصعبة والتأثير النفسي المدمر أصبحا لا يطاقان".

وتضيف: "أرغب في إعادة بناء حياتي وحياة أطفالي ولا يزال أملي قائمًا في العودة إلى بلدي، خاصة وأن أولادي يحملون الجنسية الجزائرية، لذلك أناشد الرئيس تبون المساعدة في جلبنا، أنا وأولادي وزوجي، إلى بلدي. وأناشد الشعب الجزائري أن يمد لي يد العون في هذه الظروف الصعبة".

عالقون بلا أرقام رسمية

على غرار وردة، ما زال مئات الجزائريين في قطاع غزة ممن يحملون الجنسية والجواز الجزائري، عالقين في غزة، رغم أنه لا توجد أرقام رسمية بشأنهم، لكونهم غير مسجلين قنصلياً، لكن الهيئات الرسمية التي تتابع ملفهم، تشير إلى أن عددهم التقريبي يتراوح بين 700 و900 جزائري، غالبيتهم من نساء تزوجن من فلسطينيين خلال فترة دراسة أو عملهم في الجزائر، ووافقن على الانتقال للعيش مع أزواجهم في غزة، وهي زيجات نتج عنها أطفال يسمح لهم قانون الأسرة الجزائري (المعدل في عام 2005) بحمل الجنسية الجزائرية.

هناك عدد آخر من الحاملين للجنسية الجزائرية في قطاع غزة، نتاج زواج مختلط جزائري فلسطيني، يخص عددا من المعلمين الفلسطينيين الذين استعانت بهم الجزائر في السبعينيات والثمانينيات للتدريس، وأقاموا في الجزائر لسنوات، لكنهم قرروا العودة إلى غزة رفقة زوجاتهم الجزائريات وأبنائهم، بعد استقرار الظروف في القطاع، خاصة بعد اتفاقيات أوسلو ثم الانسحاب الإسرائيلي، وقد حافظ أبناؤهم على الجنسية والجواز الجزائري منذ تلك الفترة.

مشاكل معبر رفح

منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبداية بروز مؤشرات أزمة نزوح الفلسطينيين بين مختلف مناطق القطاع، شكلت الحكومة الجزائرية عبر وزارة الخارجية خلية أزمة تتابع وضع الجالية الجزائرية، بالتنسيق مع السفارة الجزائرية في القاهرة. وبرغم هذه الجهود المبكرة، لم تنجح السلطات الجزائرية في إتمام عمليات الإجلاء، بسبب تعقيدات ترتبط بالتنسيق بين الجانبين المصري والإسرائيلي بشأن قوائم ورخص الخروج من معبر رفح.

تؤكد مصادر جزائرية مسؤولة تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن "الجزائر في المستويات الدبلوماسية بذلت جهودا كبيرة لإجلاء رعاياها من غزة، لكنها صدمت بمعوقات كثيرة. الجانب المصري يخلي مسؤوليته ويلقي باللائمة على الجانب الإسرائيلي الذي يرفض منح الحاملين للجوازات الجزائرية رخص خروج من معبر رفح، لاعتبارات تتعلق بالموقف وتحركات الجزائر في مجلس الأمن وغيرها ضد إسرائيل".

وتضيف: "إنه شكل من أشكال الانتقام من تحركات الجزائر لإدانة الكيان الصهيوني، لكن هذا ليس السبب الوحيد، نشعر أيضا أنه يمكن للجانب المصري أن يلعب دورا أفضل في المساعدة على إجلاء الجزائريين من القطاع، طالما أن التنسيق قائم بين الطرفين المصري والإسرائيلي".

"سماسرة التراخيص"

تضع هذه الظروف الحاملين للجوازات الجزائرية في القطاع كغيرهم من الراغبين في الخروج من غزة، بين فكّي كماشة سماسرة التراخيص، تقول مصادر مسؤولة تحدثت لـ"العربي الجديد" أن الراغبين في الخروج عبر شركة "هلا" المصرية، عليهم دفع مبلغ لا يقل عن خمسة آلاف دولار لتحصيل رخصة خروج للشخص الواحد، غير أن الأسماء التي ترد عبر السفارات بطريقة رسمية، يتعين عليها دفع ما لا يقل عن 1500 دولار للشخص الواحد نظير خدمة العبور، لكن الترخيص بالنسبة لهؤلاء ليس مضموناً بالضرورة.

يعتقد متابعون للملف أن الحل هو اتصال مباشر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن المسألة. وفي وقت سابق، نجح ما يقارب 60 من حاملي الجوازات الجزائرية من الوصول إلى مصر بطرق مختلفة، حيث تحاول السفارة الجزائرية في القاهرة التعامل مع وضعيتهم ورعايتهم في الوقت الحالي إلى حين تسوية بشأنهم، خاصة وأن بعض الوضعيات معقدة نسبيا من الناحية الإدارية، إذ أن هناك عائلات جزائرية، لكنها تضم أيضا أقرباء لهم لا يحملون الهوية الجزائرية. بينما كانت السلطات الجزائرية قد تمكنت من نقل ستة من رعاياها من غزة عبر مطاري العريش والقاهرة في مصر.

يذكر أنه قبل أيام التقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بعائلات الجزائريين العالقين في غزة، في خطوة طمأنة بشأن المساعي والجهود التي تبذلها السلطات الجزائرية للتمكن من تجاوز العراقيل والصعوبات التي تعترض مسار إجلاء الرعايا الجزائريين العالقين في القطاع، والتنسيق مع السلطات المصرية واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتعهّد الوزير عطاف بأن "الدولة الجزائرية لن تدخر جهداً في سبيل حماية مواطنيها أينما كانوا وحيثما وجدوا، مثلما أثبتت ذلك على الدوام عبر عمليات الإجلاء إلى أرض الوطن التي تكفلت بها بلادنا في السنوات الأخيرة".

من جهتها، ترعى جمعية البركة الخيرية الجزائرية العاملة في غزة، العائلات الجزائرية، وتحرص وفقا لرئيس الجمعية أحمد إبراهيمي الذي تحدث إلى "العربي الجديد"، على إمدادهم بالمساعدات والتموين والخيم إلى غاية انفراج الأزمة، ويؤكد أن الجمعية تتابع أوضاعهم داخل غزة.

المساهمون