نشاطات التخييم... بريطانيون يستغنون عن السفر إلى الخارج

نشاطات التخييم... بريطانيون يستغنون عن السفر إلى الخارج

03 يوليو 2021
من هواة التخييم (جيوف كاديك/ فرانس برس)
+ الخط -

تغيّر مفهوم التخييم الذي كان يعدّ في الماضي ضرورة ملحّة للصيادين الذين يقضون لياليهم بعيداً عن عائلاتهم ومنازلهم، والتجار الذين ينقلون البضائع من بلد إلى آخر، والجيوش التي كانت تنظّم قواعدها بعيداً عن الأحياء السكنية وما زالت.  
ما نعرفه عن التخييم أنّه جزء من حياة الغجر والبدو الرحّل. ونشأ مصطلح "القافلة" (كرفان) في القرن التاسع عشر في بريطانيا. وبدأ يتحوّل إلى وسيلة للترفيه في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.  
ويُقبل كثيرون في بريطانيا على التخييم، وقد ينتعش هذا القطاع أكثر فأكثر في ظلّ التغيّرات التي فرضها تفشي فيروس كورونا

يُعرَف البريطانيون بحبهم للاستكشاف واللجوء إلى الطبيعة والحياة البرية. من هنا، يختار البعض التخييم بدلاً من السفر، وخصوصاً الحريصين منهم على البيئة والحد من استخدام الطائرات. وقد يبقى التخييم الخيار الأضمن والأوفر في البلاد خلال هذا الصيف. وتشير الأرقام إلى أنّ المبالغ التي أنفقها البريطانيون على التخييم في عام 2019 بلغت 2.2 مليار جنيه إسترليني على 13.1 مليون إجازة تخييم وكرفانات. وبشكل عام، كانت نسبة الرحلات المحلية 51 في المائة في مقابل 49 في المائة للرحلات خارج البلاد. 
وفي بريطانيا أكثر من 12000 موقع مسجل خاص بالتخييم. ويفضّل البعض التخييم في المرتفعات الجبلية أو على مقربة من الشواطئ أو في الغابات وعلى ضفاف الأنهار. ولا تقتصر سياحة التخييم على نصب خيمة تقليدية على أرضية عشبية فقط، إذ يمكن للراغبين في التخييم نصب خيمة أو حجز بيت فوق الأشجار أو غير ذلك.  

الصورة
التخييم وسيلة جيدة لترفيه البريطانيين (دايف روشون/Getty)
التخييم وسيلة جيدة لترفيه البريطانيين (دايف روشون/Getty)

ويعد توماس هيرام هولدينغ، الخياط البريطاني المتنقل، أول من روج للتخييم في بريطانيا. بدأ شغفه بالتخييم عام 1853 عندما كان في التاسعة، حين سافر عبر مروج أميركا الشمالية مع والديه في عربة قطار. ولدى عودته إلى المملكة المتحدة، اختبر العديد من المغامرات بما فيها رحلة الزورق والتخييم في المرتفعات في جميع أنحاء أيرلندا، بالإضافة إلى ركوب الدراجات الهوائية.  

وكان السفر من خلال الدراجة على وجه الخصوص يتطلب خياماً أخف وزناً ويسهل نقلها. وفي يوليو/ تموز 1987، قبل أن ينطلق إلى أيرلندا، صمّم خيمة صغيرة وخفيفة الوزن تناسب طريقة تنقله. وفي وقت لاحق، في عام 1899، أنشأ "مجموعة فانتوم" للذين يحرصون على ركوب الدراجات والتخييم. وهذه المجموعة اليوم تُوصف بأنّها كانت النقطة الرئيسية في ثورة الوزن الخفيف. وأنشئت أول مجموعة تخييم، وهي "رابطة المخيمات الهوائية" عام 1901، حين نصب ستة رجال خيامهم في بستان في منطقة بيركشاير. وبحلول عام 1906، نما النادي وصار يضم المئات، وأنشأ أول موقع تخييم دائم في ويبريدج بالقرب من نهر التايمز. 

ويرى البعض في طريقة تنقّل البدو وسيلة سهلة ومريحة وغير مكلفة للسفر، كما كانت الحال مع الرحالة عبر السهول الأميركية في القرنين الماضيين. أمّا التطور الذي لحق بمركبات التخييم الترفيهية الأميركية (الكرفانات)، فقد بدأ في بريطانيا في عام 1907، بتشكيل نادي القافلة لبريطانيا العظمى وأيرلندا. وكانت مجموعات الغجر قد سبقت بقرن على الأقل هذه القوافل في أوروبا وبريطانيا.   
وأصبحت القوافل والتخييم جزءاً لا يتجزأ من الحياة البريطانية منذ ذلك الوقت، حين وفّر "نادي كرفان" قوافل للصليب الأحمر في الحرب العالمية الأولى. وساهم ظهور حركة الكشافة في ذلك الوقت، في ازدهار التخييم في جميع أنحاء البلاد. كذلك، شهدت فترة ثلاثينيات القرن الماضي والأزمة الاقتصادية لجوء كثيرين إلى التجول بحثاً عن عمل موسمي أو مؤقت. وحاول البعض التخييم هرباً من القنابل والخطر والتقنين الغذائي الصارم في لندن في الحرب العالمية الثانية.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

بعد عام 1945، بدأ مفهوم التخييم يأخذ مكانته في السياحة الداخلية لقضاء العطلة في الطبيعة. وفي ذلك الوقت، خففت الحكومة البريطانية من القيود، خصوصاً في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي أنهكت الحكومة والشعب وقطاعات البلاد عموماً في بريطانيا.
أولئك الذين يهوون التخييم يحبون المغامرة بلا شك، ويدركون أنّهم قد يختبرون لحظات مسلية وجميلة. لكن، في أحيان أخرى، قد تكون ليالي التخييم باردة، أو ربما تسقط الخيمة فوق رؤوس قاطنيها. وأحياناً، قد تكون أصوات الحيوانات في الغابة مقلقة، خصوصاً في الظلام، وهي الأوضاع التي يمكن أن تدفع آخرين بعيداً عن هذا النشاط الحيوي الذي تتزايد أهميته في بريطانيا.

المساهمون