نازحو العراق وسط العواصف الترابية... حالات اختناق وتلف الخيام والمؤن

نازحو العراق وسط العواصف الترابية... حالات اختناق وتلف الخيام والمؤن

16 مايو 2022
ضاعفت العواصف الترابية محنة نازحي مخيم بزيبز (تويتر)
+ الخط -

يُواجه النازحون في العراق محنة العواصف الترابية التي باتت تضرب مناطق تواجدهم بشكل أسبوعي مرة أو مرتين منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، مع استمرار التجاهل الحكومي لتقديم المساعدات الإنسانية لهم، أو ضمان إعادتهم لمناطقهم.

ويعيش مئات آلاف النازحين في مخيمات بالأنبار وجنوب بغداد ونينوى وإقليم كردستان العراق شمالي البلاد، غالبيتهم من مناطق تسيطر عليها فصائل مسلحة وتمنعهم من العودة إلى مدنهم، مثل جرف الصخر ويثرب والعوجة والعويسات وعزيز بلد ومناطق شمال شرقي ديالى.

وضربت العواصف المُحمّلة بكميات كبيرة من التراب الصحراوي محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى قبل أن تصل إلى بغداد، ومنها إلى محافظات بابل وواسط وكربلاء والنجف وديالى وكركوك، فيما أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، عن تسجيل أكثر من 2000 حالة اختناق، منذ فجر اليوم الإثنين، في عموم البلاد.

وتناقل ناشطون وصحافيون صوراً من مخيم بزيبز، جنوبي الفلوجة في محافظة الأنبار غربي العراق، تظهر الحالة الصعبة والمأساوية التي يمرّ بها النازحون، ومعظمهم من بلدة جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل، التي تحتلها مليشيات وجماعات مسلحة مقربة من إيران.

ورغم أن وزارة الصحة العراقية أفادت بعدم تسجيلها أي حالة وفاة، إلا أن ناشطين أكدوا أن طفلاً صغيراً توفي صباح اليوم بعد اختناقه بسبب العاصفة.

كما تواصل "العربي الجديد"، مع نازحين في مخيم بزيبز، وقالوا إن أوضاعهم مأساوية، وإنهم غير قادرين على الخروج من الخيام الخاصة بهم، ناهيك بانهيار عدد منها جراء الرياح القوية التي ضربت المنطقة، فيما نفى معظمهم التوصل لأي مساعدات من قبل الجهات الحكومية.

وانتقد ناشطون دور الحكومة العراقية، ووزارة الهجرة والمهجرين، بسبب الإهمال الكبير الذي يلحق بالنازحين، رغم أن غالبية مناطقهم تحررت من سيطرة تنظيم "داعش" منذ أكثر من خمسة أعوام، فيما حمّل بعضهم الحكومة مسؤولية "وفاة نازحين بسبب الاختناق".

وقال علي الجنابي، ناشط من محافظة بابل، إن "النازحين في مخيم بزيبز، وغيره من المخيمات، يعانون من الاختناق المميت بسبب العواصف، ورغم ذلك فإن الحكومة لا تقدم لهم أي مساعدات، والأهم أن تسمح لهم بالعودة إلى مناطقهم وتخليصهم من الحياة في المخيمات"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "قضية النازحين هي آخر ما تفكر فيه السلطات، ومعظم العوائل في المخيمات من الأسر الفقيرة غير القادرة على مغادرة معسكراتهم التي يمنع الخروج منها".

أما الناطق الإعلامي لمنظمة "الهلال الأحمر العراقي- في محافظة صلاح الدين"، صدام الجويني، فقد أكد لـ"العربي الجديد" أن "هناك احتياجات كثيرة للنازحين في منطقة بيجي، وعموم مناطق المحافظة، لكن الهلال الأحمر لا يملك غير المساعدات البسيطة، ومنها توزيع الكمامات والتوعية بعدم الخروج من المخيمات في أوقات العواصف، وتزويد النازحين بأرقام الطوارئ الخاصة بالنجدة والفرق الصحية".

من جهته، أكد النائب المستقلّ هادي السلامي أن "النازحين هم الشريحة الأكثر تضرراً من العواصف والعوامل الطبيعية، كونهم يسكنون في الصحاري ومبعدين عن منازلهم والمدن، جرّاء سيطرة جماعات مسلحة على مناطقهم بغير وجه حق، إضافة إلى ضعف الإرادة السياسية لإرجاعهم وإنقاذهم من المحنة التي هم فيها الآن".

واعتبر السلامي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "حالات الاختناق التي تحدث في المخيمات لا يتم الحديث عنها، كما أن هناك وفيات نسمع عنها في الإعلام، تحدث بسبب عدم وصول الفرق الطبية إلى المخيمات، وهذا الانتهاك يتطلب التحقيق، لأنه متعمد".

ورغم إغلاق السلطات العراقية نحو 50 مخيماً للنازحين، فإنّ نحو 800 ألف مهجّر ما زالوا غير قادرين على العودة إلى ديارهم.

ومعظم هؤلاء من بلدات تسيطر عليها مليشيات مسلحة منذ سنوات تمنع أهلها من الرجوع إليها تحت ذرائع مختلفة، وهو ما يجعل النازحين أمام مستقبل مجهول، لا سيما أنّ ثمّة مخيمات لم تغلق حتى الآن، وتبدو أنّها خارج حسابات السلطات في البلاد، ومن بينها "مخيم بزيبز"، الذي تسكنه نحو ألفَي أسرة معظمها من أهالي بلدة جرف الصخر في محافظة بابل وسط البلاد.

ويصف مراقبون وناشطون المخيم بأنّه منسيّ، فيما تفيد مصادر سياسية بأنّ النازحين باتوا يفكّرون جدياً باستبدال الخيم بمنازل بسيطة.

تجدر الإشارة إلى أنّ منظمات مدنية وإنسانية أسّست في عام 2014 "مخيم بزيبز" للنازحين من مناطق الحرب على تنظيم "داعش" آنذاك، أي الفلوجة والرمادي وجرف الصخر. لكنّ البلدة الأخيرة وبعد تحريرها من "داعش"، سيطرت عليها فصائل مسلحة وبقي أهلها في المخيم الذي تحوّل إلى واحد من أكبر مخيمات النزوح في العراق.

المساهمون