مشفى التوليد الوحيد في دمشق يعجز عن استقبال الحالات الإسعافية

مشفى التوليد الحكومي الوحيد في دمشق يعجز عن استقبال الحالات الإسعافية

10 يناير 2022
تعيش مستشفيات سورية على وقع أزمة كبيرة (سمير الدومي/ فرانس برس)
+ الخط -

للمرة الأولى يُغلق المشفى الحكومي الوحيد المختص بأمراض النساء والولادة في العاصمة السورية دمشق أبوابه أمام الحالات الإسعافية لليوم الخامس على التوالي، والتي غالبا ما يكون أصحابها من الفقراء العاجزين عن تحمل تكاليف العلاج في المشافي الخاصة.

ويأتي هذا القرار بسبب نقص أطباء التخدير، وفق ما أفاد مدير عام مشفى التوليد مروان الزيات، الذي وعد في تصريح صحافي، الأحد، بعودة الوضع إلى ما كان عليه وأفضل من السابق اعتباراً من اليوم، علماً أن السبب واضح ويرتبط بنقص أطباء التخدير، معتبرا أنه لو استمر عمل المشفى لحدثت أخطاء طبية قد تتسبب بحالات وفاة ومشاكل للمشفى، لذا كان القرار الصائب بتوقف استقبال الحالات الإسعافية.

وحول سبل إيجاد حل لأزمة نقص أطباء التخدير في المشفى، بيّن أنه عُقد اجتماع لإدارة المشفى مع مدير عام مشفى الأسد الجامعي لتأمين أطباء تخدير، إضافة إلى عقد اجتماع، اليوم، لمجلس إدارة المشفى بحضور معاونة وزير التعليم العالي الدكتورة فاديا ديب وعميد كلية الطب البشري- رئيس مجلس الإدارة الدكتور رائد أبو حرب، وذلك لبحث الوضع الطارئ للمشفى وبحث مختلف التفاصيل المتعلقة بالمشفى.

ولفت إلى أنه من المقرر زيادة عدد أطباء التخدير إلى 5 أطباء، على أن يتم مبدئياً تعديل نظام الحوافز وطرح مكافآت تشجيعية شهرية مع متابعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بذلك.

يشار إلى أن العمليات الجراحية في المشفى كانت تلقى على كاهل طبيب تخدير وحيد، في حين كان المشفى يستقبل 100 حالة يوميا.    

وحذّرت عدة جهات نقابية وإعلامية منذ فترة من توقف الأعمال الجراحية في سورية جراء النزيف الحاصل بالكوادر الطبية، وخاصة أطباء التخدير، مع توجههم كبقية السوريين للسفر في محاولة للنجاة من الواقع الاقتصادي الكارثي.

وقالت مصادر في دمشق، لـ"العربي الجديد"، إن "مشفى دار التوليد توقف منذ الأسبوع الماضي عن استقبال الحالات الإسعافية، التي تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية، بما فيها عمليات الولادة القيصرية، ما حرم عشرات السيدات من الاستفادة من خدمات المشفى وأجبرهن على التوجه إلى مشافي القطاع الخاص مرتفعة الأجور".

وأضافت المصادر أن "توقف المشفى تسبب بحالة إرباك وإثارة مخاوف العديد من الأزواج الذين ينتظرون أطفالا خلال هذه الأيام، فغالبية أبناء المجتمع عاجزون عن الدخول إلى مشفى خاص جراء الكلفة المرتفعة".

وقالت جهينة عطار (32 عاما)، وهي حامل في شهرها السابع ومقيمة في دمشق، لـ"العربي الجديد": "أنجبت أطفالي الثلاثة في مشفى دار التوليد، رغم أن هناك الكثير من الملاحظات على النظافة وطريقة المعاملة وقلة الاهتمام بالولادة، لكن أنا أريد أن أنجب طفلي الرابع في المشفى ذاته، لأنني لا أستطيع تحمل كلفة الولادة في مشفى خاص، ولا أستطيع أن ألد على يد قابلة قانونية في المنزل لما قد يشكله ذلك من مخاطر على حياتي وحياة طفلي".

وأضافت "المشكلة ليست في المشفى فقط، فاليوم كثير من الأطباء ومن مختلف الاختصاصات ممن كنا نعرفهم في دمشق غادروها، ومن بقي منهم يحاول أن يؤمن فرصة للسفر".

صحة
التحديثات الحية

وكانت رئيسة أطباء التخدير وتدبير الألم في نقابة الأطباء، الدكتورة زبيدة شموط، قد حذرت في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي، من أن البلاد دخلت دائرة الخطر مع غياب كامل لأطباء تخدير في بعض المحافظات، مثل الرقة وإدلب.

وأضافت في تصريحات نقلتها صحيفة محلية حينها، أن عدد أطباء التخدير -ممن هم تحت سن الثلاثين- أربعة فقط في طول البلاد وعرضها، مع هجرة كل الخريجين الجدد، بينما لا يتجاوز عدد الأطباء الذين تراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً الـ65، وقرابة 300 طبيب أعمارهم بين 40 و50 عاماً، ما يعكس خطورة المشهد، أي أن عدد أطباء التخدير في عموم البلاد 369 طبيبا فقط.

ولفتت إلى أن هناك مشافي لا يوجد فيها طبيب تخدير واحد، كـ"التوليد" أو "الزهراوي"، والحديث اليوم عن مشاف مركزية حكومية تابعة للتعليم والصحة باتت تفتقد أطباء التخدير وتعاني من نقصٍ واضحٍ جداً، كمشفى المجتهد، الذي يحوي 13 غرفة عمليات مع عدد أطباء تخدير أقل، خاصة في ظل سفر طبيبي تخدير هذا العام من المشفى المذكور الذي يعتبره البعض من المشافي المرفهة.

وتحتاج البلاد إلى 1500 طبيب لتغطية جزء من النقص، إذ لا يمكن القيام بعمليات جراحية من دون طبيب التخدير، بحسب رابطة التخدير وتدبير الألم.

وسبق أن طرحت شموط عبر تصريحات صحافية، حلولا لهذه الأزمة، كزيادة تعويض الاختصاص لأطباء التخدير إلى 300 بالمائة، وأن يدرس هذا الاقتراح في اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء، إضافة إلى فصل وحدات التخدير عن الوحدات الجراحية.

يذكر أن سورية تعيش أزمة صحية في ظل النقص الشديد في الكوادر الطبية، ونقص المستلزمات الطبية، إضافة إلى نقص الأدوية وارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة.

المساهمون