مشاهد من مخيم جنين بعد العدوان: اللجوء أصل الحكاية

مشاهد من مخيم جنين بعد العدوان: اللجوء أصل الحكاية

جنين

ناهد درباس

ناهد درباس
08 يوليو 2023
+ الخط -

تجلس المسنة التي ينادونها بـ"الحاجة" قرب بيتها في مخيم جنين، تقول إنها ولدت في قرية زرعين المهجرة، قبل نكبة 1948 بعامين، غير أنها لا تذكر عنها ولا عن التهجير شيئاً، ولكنها تدرك أنّ مسقط رأسها زرعين وأنها هجرت مع عائلتها.

أسماء عائلات مخيم جنين شمالي الضفة الغربية مألوفة لمن يعيش ويقطن في الداخل الفلسطيني، هي امتداد للعائلات نفسها التي هجرت في نكبة 1948. مهجرو حيفا، قيساريا، زرعين، اجزم وعين حوض، هم سكان مخيم جنين اليوم الذين هجر آباؤهم وأجدادهم إبان النكبة.

ويقطن في مخيم جنين نحو 15 ألف نسمة، بحسب محافظة جنين.

واليوم بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، لا صوت يعلو في مخيم جنين على صوت الدمار وبقايا الأسلحة التي تفجرت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين. البيوت محروقة والشوارع مدمرة، فلا ماء ولا كهرباء في بعض أحياء المخيم، ورغم كل هذا البؤس فالنفوس أبية صامدة، رممت ما يمكن ترميمه بحلول مؤقتة، ونظفت البيوت وعادت إليها.

في المشهد العام، نساء يكنسن الزجاج من الأزقة والطرقات بجانب منازلهن، فيما تزين صور الشهداء جدران مخيم جنين.

منزل عائلة أبو سرية تحول إلى مقر لجنود الاحتلال، وفقاً لما أكدت جمالات أبو سرية، لـ "العربي الجديد"، قائلة: "حرمونا من بيتنا، بات علينا أنّ نستأذنهم لكي ندخل إلى المرحاض، وهددونا بهجوم كلبهم علينا إذا افتعلنا المشاكل، كما قاموا بالتحقيق معنا، وسألونا ما إذا كانت لدينا أسلحة".

وأضافت "في الطابق الأول من البيت، كان هناك جنود، وفي الطابق الثاني كان الكثير من القناصين، كانوا يعاملون المعتقلين معاملة سيئة، واستشهد في ساحة البيت مصطفى القاسم، كما قاموا بوضع الأصفاد بيد أبنائي، ووضعوا قسماً منهم في الحمام وفي الغرفة، وحفروا جدران الحائط ليستطيعوا القنص وإطلاق الرصاص منه".

أما محمد عوض، وهو جندي مهجر من قرية المنسي، فيستذكر لـ"العربي الجديد" مشاهد الرعب إثر قصف الاحتلال: "كنت نائماً، أيقظني ابني قائلاً إنه قصف للصواريخ وهناك أنباء عن كون المخيم مهدداً بالاجتياح، خرجنا نتفقد الوضع، فوجدنا جرافة الجيش هدمت قسماً من البيت، والصواريخ نزلت في حارتنا، أصيب ابن أخي وهو يتلقى العلاج في مستشفى ابن سينا، كما أصيب صديقه وبترت قدماه وهو في مستشفى بنابلس".

ويضيف "أما بيت شقيقي فقد ضرب بقذيفة، تحطم وأصبح غير صالح للسكن وهو آيل للسقوط في أي لحظة، وانتقل للسكن في بيت ابن عمي بقرية كوز"، مشيراً إلى أنّ الصواريخ والقذائف لم تتوقف حينها، وطلب جيش الاحتلال إخلاء البيوت، وكانت هناك إصابات، وقسم كبير من السكان جرى إخراجهم من منازلهم.

الحاجة آمنة مشارقة، مهجرة من قيساريا، تقول لـ"العربي الجديد": "في البداية هدموا الشوارع والطرقات ثم دخلوا البيوت، وأخرجونا بالقوة، ذهبت إلى بيت ابنتي في رومانة، لم يكن هناك مجال للتراجع، هددونا بالكلاب لتخويفنا. عدت إلى بيتي في اليوم الرابع".

جمال محمود أنيس لحلوح، مهجر من قرية زرعين قبل النكبة، احترق بيته بالكامل ولم يعد صالحاً للسكن، يوضح "كان المفروض أن يكون يوم أمس عرس ابني محمود، وألغينا كل شيء، لقد هدموا البيت واحترق بالكامل".

وتابع "احترق المنزل بالكامل. الآن أنا وزوجتي عند دار عمي في جنين، وأبنائي ينامون عند أصدقائهم، سنعود إلى البيت بعد الترميم طبعاً هذا مؤكد".

مشاهد الشوارع المدمرة لا تخطئها العين، وشارع السكة في المخيم مدمر بالكامل دون إسفلت ودمرت المياه والكهرباء فيه، بالإضافة إلى بعض المنازل التي أصبحت مهجورة وغير صالحة للسكن.

من جهتها، تقول ليلى محمد يوسف حمد، وهي مهجرة من مدينة حيفا: "أمس نظفنا البيت، لكن لا يوجد عندنا مياه ولا كهرباء، يوم العدوان أجبرنا الجنود على الخروج في غضون ساعتين، ومشينا على الزجاج، خرجت حافية القدمين أنا وابنتي....".

يذكر أنّ العدوان الإسرائيلي على جنين، شمالي الضفة الغربية، لم يدم سوى 48 ساعة تقريباً، حيث بدأت قوات الاحتلال بالانسحاب من مواقعها في مخيم جنين مساء الثلاثاء، بعد عملية اجتياح شارك فيها أكثر من 3 آلاف جندي و200 آلية عسكرية وعشرات الطائرات، وقد اعترف جيش الاحتلال بمقتل أحد جنوده، مقابل استشهاد 12 فلسطينياً وإصابة 100 آخرين بجراح.

ذات صلة

الصورة

سياسة

لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي الليلة، للفلسطينيين من أهالي القدس والمناطق المحتلة عام 1948، بدخول المسجد الأقصى المبارك، لأداء صلاتي العشاء والتراويح.
الصورة

مجتمع

يحتفظ الفلسطينيون الذين نزحوا بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بمفاتيح منازلهم المهدمة أو المنهارة ويعتبرونها رمزاً جديداً للتهجير يذكّرهم بالنكبة.
الصورة
الخياط الفلسطيني ماجد أبو حاجب (رويترز)

مجتمع

يقوم خياط فلسطيني بإصلاح قمصان أو سترات الأشخاص الذين نزحوا من منازلهم في غزة بعدما بالكاد تمكنوا من تغيير ملابسهم، لكنه يضطر إلى الاستعانة بدراجة هوائية.
الصورة
الأسير الشهيد ثائر أبو عصب (فيسبوك)

سياسة

بعد تعتيم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القضية لأكثر من شهر، كُشف اليوم الخميس عن بعض ملابسات استشهاد أسير فلسطيني في سجن "كتسيعوت".

المساهمون