مشاريع تسدّ ثغرات التعليم في طرابلس اللبنانية

مشاريع تسدّ ثغرات التعليم في طرابلس اللبنانية

طرابلس

صهيب جوهر

avata
صهيب جوهر
طرابلس ــ صهيب جوهر
19 يناير 2023
+ الخط -

في مبنى الخياط الكائن وسط شارع عزمي بيك، أحد أقدم الشوارع التاريخية لمدينة طرابلس شمالي لبنان، يقع مركز الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي "ليزر"، التي حملت على عاتقها منذ خمسة عشر عاماً مساعدة طلاب الدراسات العليا لتحصيل شهادات الدكتوراه والماجستير، وتحديداً أولئك المنتمين إلى عائلات غير ميسورة.
في الطابق الثاني للمبنى، يستقبلك مدير الجمعية ومؤسسها البروفيسور مصطفى الجزار، الحاصل على جائزة منظمة أشوكا العالمية للخدمة المجتمعية، بناء على دوره ودور الجمعية في إيجاد مساحات للتعليم
في المبنى المكون من خمسة طوابق، تكتظ المكاتب والأقسام داخل الجمعية بالطلبة بين متطوعين أو مستفسرين، فيما موظفو المؤسسة يعملون كما في خلية نحل في ظروف صعبة يعيشها الطلاب في مدينة طرابلس والمناطق المجاورة في شمال لبنان.

كيف بدأت القصة؟

يشرح الجزار أن قصة الجمعية بدأت عام 2005 بعدما أعد وخمسة من زملائه من أساتذة في الجامعة اللبنانية، دراسات عن واقع التعليم الجامعي في لبنان وتحديداً أزمة الدراسات العليا التي باتت محصورة بشريحة محددة من المقتدرين مالياً، فيما المقتدرون علمياً غير قادرين على الابتعاث إلى الخارج ربطاً بالأزمات المالية لذويهم.
عام 2008، اكتملت الظروف لتأسيس الجمعية وبلغ عدد أعضائها الذين ذهبوا لتسجيلها رسمياً 46 أستاذاً، غالبيتهم الساحقة أساتذة جامعيون في الجامعة اللبنانية. ويوضح الجزار أنه خلال مراحل تكوين الجمعية، لوحظ أن الأستاذ الجامعي أو مدير القسم الجامعي لدى بلوغه سن التقاعد يستبدل بأستاذ جديد بحسب الولاء السياسي والطائفي، الأمر الذي يهدد مستقبل التعليم الجامعي اللبناني.
يضيف الجزار أن الهدف الأول الذي عملت الجمعية عليه هو إرسال مبتعثين متفوقين في مراحل الماجستير والدكتوراه إلى دول أوروبية أو إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة تخصصات سيجري تقاعد أساتذتها بعد سنوات، بهدف ملء تلك الشواغر من أسماء كفوءة. وخلال خمس سنوات، استطاعت الجمعية تخريج حوالي 287 أستاذاً جامعياً متخرجين من برامج مشتركة بين الخارج ولبنان بمنح كاملة، وجرى ربطهم بالجامعة اللبنانية كأساتذة متعاقدين ثم مثبتين في ملاك التعليم الرسمي أو حتى في الجامعات الخاصة.

التعليم قبل سلّة الغذاء

يقول جزار إن الأزمة السورية ضاعفت مسؤوليات التي شعرت أنها أمام مسؤولية أخلاقية تضاهي جهود الجمعيات العاملة فيالجمعية الحقل الإنساني والغذائي، وهي ضمان حق التعليم الجامعي للأجيال السورية التي لجأت إلى لبنان ويبدو أنها ستعيش "تغريبة" طويلة بحاجة إلى سد ثغرة أساسية، وهي منع تحويل الشباب السوري إلى شباب غير فاعل ويائس.
في هذا الإطار، حصلت الجمعية على تمويل كبير لتعليم جامعي للنازحين السوريين على صعيد المنطقة كاملة، وتم قبول طلبات 252 طالبا في السنة الأولى للأزمة، واستمر الأمر حتى العام 2019 بمعدل 400 طالب سنوياً. وبات جزء كبير منهم إما يعمل في الخارج أو في لبنان ضمن مشاريع المؤسسات الخارجية وخصوصاً بعد تفشي وباء كورونا، إذ بات جزء كبير منهم يعمل عن بعد.

بعيداً عن الاستثمار السياسي

يوضح الجزار أن العديد من الأطراف الفاعلة سياسياً في طرابلس استثمرت لسنوات في مبدأ القسط الجامعي في مقابل الولاء السياسي، الأمر الذي استدعى التفكير بمشروع بتمويل محلي يقوم على إنشاء صندوق وقفي يعطي الطالب خمسين في المائة منحة جامعية، فيما الخمسون في المائة المتبقية يحصل عليها كقرض حسن من دون فوائد، تُسدّد على مجموعة دفعات، إما خلال مرحلة الدراسة أو بعد الانتهاء منها.
الصورة
عملت الجمعية على إرسال مبتعثين متفوقين في مراحل الماجستير والدكتوراه إلى الخارج (الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي)
عملت الجمعية على إرسال مبتعثين متفوقين في مراحل الماجستير والدكتوراه إلى الخارج (الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي)
لذلك، أطلق مشروع صندوق المدينة بتمويل محلي من قبل مساهمين بدفع مبلغ يبدأ بعشرة دولارات أميركية ليصل إلى مبالغ كبيرة من قبل ميسوري الحال. وبلغت قيمة الصندوق قبيل الأزمة اللبنانية حوالي مليون ونصف المليون دولار ما أدى إلى تعليم أكثر من ألف طالب جامعي خلال السنوات الماضية.
ويقوم المشروع على سلسلة اتفاقيات مع كبرى الجامعات اللبنانية الخاصة وبتخصصات يطلبها سوق العمل في لبنان والخارج. كما يُطلب من الطالب الحاصل على المنحة أن يقدم ساعات من وقته لتعليم تلاميذ على مهارات محددة في إطار مشروع بناء القدرات وخدمة المجتمع.
ويفتخر الجزار بأن جمعيته خرّجت عشرات بل مئات الطلاب، أبرزهم أربعة خريجين بالطب النووي، ثلاثة منهم بقوا في لبنان والرابع يغطي ثغرة في الشمال السوري، بالإضافة إلى مهندسين وطلاب صحافة وإعلام وعلوم إنسانية وتصميم غرافيكي.

طاقة شمسية

يقول الجزار إن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان وعلى الرغم من صعوبتها، إلا أنها حفزت الجمعية على إطلاق سلسلة مشاريع تحاكي الظروف الحالية الصعبة، أهمها إطلاق حاضنة أعمال لتقديم مكان لعشرات رواد الأعمال مجهزة بالخدمات المطلوبة من كهرباء وإنترنت، بالإضافة إلى مشروع "تشغيل" الرامي إلى احتضان 400 طالب جامعي في السنة الأخيرة في إطار برنامج يمتد على ستة أشهر، يحضّرهم تقنيا ولوجستيا لسوق العمل بمهارات مطلوبة كخبرات وتدريبات مع شركات محلية.


كما حصلت الجمعية على تمويل من جهات مانحة لمساعدة المدارس والجامعات في طرابلس وعكار وقرى الشمال اللبناني لتركيب طاقة شمسية تضمن تشغيل الصفوف في الجامعات والمدارس في ظل أزمة الكهرباء التي تعصف بلبنان، والتي تشكل أحد أبرز العوائق الداخلية. وجرى إمداد حوالي 13 مدرسة بالطاقة البديلة وهناك مشروع يشمل أكثر من عشرين مدرسة أخرى على صعيد شمال لبنان.
ويتحدث الجزار عن وجود برامج حيوية داخل الجمعية كتدريب طلاب الصحافة والإعلام للسنة الثانية على برنامج يحاكي تطور مهنة الصحافة مع مدربين من مؤسسات إعلامية وصحافية، بالإضافة إلى برامج تشمل طلاب الثانويات والمدارس بهدف مساعدتهم في اختيار تخصصهم الجامعي. 

ذات صلة

الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.
الصورة
تضررت مخيمات النازحين السوريين في لبنان من الأمطار الغزيرة (فيسبوك/الدفاع المدني)

مجتمع

أغرقت الأمطار التي يشهدها لبنان والتي اشتدت أول من أمس (السبت)، العديد من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما تلك الواقعة في المناطق المنخفضة.
الصورة
اغتيال صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية

سياسة

وقع، اليوم الثلاثاء، انفجار في ضاحية بيروت الجنوبية، ليُعلن لاحقًا اغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري واثنين من قادة كتائب عز الدين القسّام.

المساهمون