مدارس – ملاجئ بمناوبات ليلية نهارية؟

مدارس – ملاجئ بمناوبات ليلية نهارية؟

12 نوفمبر 2023
باتت المدرسة مركزا لإيواء النازحين (أحمد زقوت/Getty)
+ الخط -

في الظروف العادية كان قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش فيه، على حد وصف أحد مسؤولي وكالة "أونروا" السابقين. الآن جعلت إسرائيل القطاع مكاناً يستحيل مجرد العيش فيه بفعل ما يتعرض له من حرب إبادة تتجاوز البشر إلى الحيوانات والطيور والحجر والطريق والشجر والبحر وكل ما يذكر بالحياة على هذا الكوكب. 
وبالعودة إلى الوضع التعليمي، في الظروف العادية يتبين أن مدارس أونروا في قطاع غزة تعمل على طريقة المصانع عندما تشتغل بأقصى طاقتها الإنتاجية، فإذا ما كانت المدارس في المدن المكتظة تعمل بدوامين، فبعضها في قطاع غزة يعمل بثلاثة دوامات. ومن المعلوم تربوياً أن إنتاجية المدارس التي تعمل بدوام واحد أفضل من التي تعمل بدوامين، وبدوامين أفضل من التي تعمل بثلاثة دوامات.

في السنوات السابقة، ونتيجة نقص التمويل، اضطر المشرفون على القطاع التربوي في الوكالة إلى تحميله فوق طاقته الطبيعية، إذ إن 63 في المائة من المدارس تعمل بنظام الفترتين، وعليه، يستضيف المبنى الواحد مدرسة بأساتذتها وطلابها في الفترة الصباحية، وثانية بأساتذة وطلاب مختلفين في الفترة المسائية وهناك 7 في المائة أيضاً من المدارس تعمل بنظام الثلاث فترات.

ومن المعلوم أن ساعات التدريس في الفترة الصباحية تختلف عن فترة ما بعد الظهر أو المسائية. ونتيجة لذلك، فإن الوقت المقرر في تعليم الأطفال يتم اقتطاعه بشدة. وهو ما ينعكس على نتائج الامتحانات المدرسية والعامة، حيث ترتفع نسبة الرسوب إلى الحدود التي تُثير احتجاجات الأهالي.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي القطاع حوالي 288 مدرسة تتبع لوكالة "أونروا" تقدّم الخدمة لأكثر من 278,000 طالب وطالبة. وإلى جانب خدمات التعليم الأساسي، توفر أيضاً فرصاً تدريبية مهنية وفنية لحوالي 1000 طالب سنوياً في مراكزها التدريبية في غزة وخان يونس، وهي تستهدف الطلاب ضعيفي التحصيل، الأشد فقراً والأكثر عرضة للمخاطر. ويوفر التدريب للطلاب مساحة من أجل تطوير أنفسهم ومهاراتهم، الأمر الذي يمكن أن يساعدهم في العثور على طريقة للخروج من الفقر الذي يعيشون فيه.
من مراجعة أرقام قاصدي المدارس يتبين المنحى التصاعدي الذي يعمل على إيقاع القصف الإسرائيلي. فقد ارتفع الرقم تدريجياً عندما بادرت "أونروا" إلى فتح أبواب مدارسها ليصل اليوم إلى نحو مئات آلاف النازحين يقيمون في منشآت تابعة لها في قطاع غزة. 
إذن تحوّلت مدارس غزة من ثلاث دوامات أو دوامين يومياً إلى ملاجئ بدوام كامل، لا يترك لها أي فرصة لالتقاط الأنفاس باعتبار أن " تلامذتها" هم لاجئون يحاولون أن يستظلوا علم الأمم المتحدة التي لم تقدم حلاً لقضيتهم منذ 75 عاماً.
 (باحث وأكاديمي)

المساهمون