مدارس لبنان تضيق بالفلسطينيين

مدارس لبنان تضيق بالفلسطينيين

02 أكتوبر 2020
مدارس الأونروا تتولى في الأساس تعليم الفلسطينيين (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

لن يتمكن تلاميذ فلسطينيون من البقاء في مدارسهم الرسمية، في صيدا، جنوبي لبنان، بعد ازدياد إقبال اللبنانيين عليها، في ظلّ الأزمات المعيشية، فما الحلّ؟

يوضح رئيس المنطقة التربوية في محافظة لبنان الجنوبي، باسم عباس، وهي المنطقة التابعة لوزارة التربية اللبنانية، أنّ آليات التسجيل في المدارس الحكومية (الرسمية، مجانية) بحسب القانون اللبناني، منذ ثلاثين عاماً، تقضي بتسجيل التلاميذ اللبنانيين القدامى أولاً، ثم التلاميذ اللبنانيين الجدد، ثم التلميذ الأجنبي من أم لبنانية، ومكتومي القيد، ثم التلميذ الفلسطيني القديم.

ويقول عباس: "أعددنا خطة متكاملة بالنسبة للتلاميذ الفلسطينيين بدءاً من يونيو/ حزيران الماضي، وعقدنا اجتماعات مع الفعاليات السياسية والطلابية، ومع كلّ الفصائل الفلسطينية، ونواب صيدا وصور، وقمنا بكامل جهدنا من أجل استيعاب التلاميذ الفلسطينيين القدامى". يتابع: "لكنّ الوضع الاقتصادي غير كلّ شيء، فعدد كبير من تلاميذ الابتدائي والإعدادي من اللبنانيين انتقلوا من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، ومن جراء هذا الضغط اكتفت المدارس باللبنانيين، ولم تعد هناك إمكانية لاستيعاب الفلسطينيين، لكنّنا عملنا أقصى جهدنا في مدارس صيدا والجوار لاستيعاب الفلسطينيين إلى أقصى حدّ ممكن. وخلال اجتماعي الأخير مع مديري المدارس الرسمية عملنا على تأسيس صفوف جديدة، وطلبنا من وزارة التربية بأن تعطينا مركزين للفلسطينيين. وبعد هذه الخطوة جرى استيعاب غالبية التلاميذ الذين يبلغ عددهم في الابتدائي والمتوسط 2150، ويبقى نحو 250 تلميذاً فلسطينياً خارج القدرة الاستيعابية، وإذا سمحوا لنا بأخذ مدرسة بعد الظهر، والتعاقد مع معلّمين جدد سيجري استيعابهم جميعاً. أما تلاميذ المرحلة الثانوية فقد جرى استيعابهم جميعاً". ويختم: "سأطلب للعام المقبل بأن يجري تسجيل التلميذ اللبناني القديم بالتزامن مع التلميذ الفلسطيني القديم".
هكذا باتت القضية متشعبة ما بين تلاميذ فلسطينيين جدد لم يتمكنوا من التسجيل في المدارس الرسمية، وتلاميذ فلسطينيين قدامى أبعدوا إلى مدارس أخرى بعيداً عن مدارسهم الرسمية الأصلية، بعد سنوات من الدراسة فيها.
في هذا الإطار، يقول مؤسس مكتب خدمات الطلبة الفلسطينيين، عاصف موسى، إنّ التلاميذ الفلسطينيين كانوا يتوزعون على أربع مدارس رسمية، بصفة أساسية، هي "المدرسة العمانية" و"متوسطة الشهيد معروف سعد" و"مدرسة القناية" و"المدرسة الكويتية". وفي ظلّ اكتظاظ المدارس الرسمية بالتلاميذ اللبنانيين إثر انتقالهم من الخاصة بسبب أزمة الغلاء في البلاد، فقد التلاميذ الفلسطينيون، القدامى حتى، مقاعدهم الدراسية.
ويقول مدير "المدرسة العمانية" حذيفة الملاح، إنّه لم يعد في استطاعة 400 تلميذ فلسطيني العودة لأنّ الصفوف باتت مكتظة، وبالتالي ما من قدرة على استقبال الفلسطينيين، علماً أنّ معظمهم مسجلون فيها منذ سبع سنوات أو أكثر. يتابع موسى: "شكّلنا خلية أزمة لمتابعة هذا الموضوع، والخلية تضم أساتذة وإعلاميين وطلاباً وناشطين، وتوجهنا إلى نواب المدينة لمتابعة الأمر. كذلك، اتصلنا بالمدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي، فادي يرق، وتوصّلنا إلى بعض الحلول، منها: فتح صفوف جديدة للتلاميذ، لكنّ هذا يحتاج إلى موارد يفترض أن تكون متوفرة في صناديق المدارس الخالية من المال. لذلك، علينا متابعة قضية تمويل هذه المدارس. ومن بين الحلول التي طرحناها استقبال مدارس الأونروا التلاميذ، لكنّ الوكالة قالت إنّ الأماكن في الصفوف غير متوفرة. فطُرح استئجار مبنيين وتحويلهما إلى مدرستين. لكن، ليس للأونروا القدرة المادية على تحمل هذه الأعباء، أو حتّى اعتماد دوام مسائي. وقد يجري تحويل التلاميذ إلى أربع مدارس رسمية في صيدا، منها مدرسة عبرا والإصلاح المختلطة ودرب السيم".

من جهته، يقول حسام ميعاري وهو من خلية الأزمة: "نطالب وزير التربية، طارق المجذوب، والمعنيين في الدائرة التربوية، والنائب أسامة سعد (عضو البرلمان اللبناني عن صيدا) والفصائل الفلسطينية بإيجاد حلول لإبقاء تلاميذنا في مدارسهم. من المؤسف أن يرمى التلاميذ الفلسطينيون خارج مدارسهم في ظل مؤامرة جميع الشعوب على الفلسطينيين".
إلى ذلك، يقول التلميذ مجد مرشود، وهو في الصف الخامس أساسي في "متوسطة الشهيد معروف سعد": "أريد البقاء في مدرستي لأنّني اعتدت عليها وأحب معلماتي وزملائي". أما التلميذة مرام شمّا، فتقول: "منذ تسع سنوات وأنا أتعلم في هذه المدرسة. لأننا فلسطينيون يريدون طردنا من المدارس الرسمية التي اعتدنا عليها وعلى إدارتها ونظامها ومعلّماتها وتلاميذها. لن نخرج من هذه المدرسة مهما حصل، ولا أريد الانتقال إلى مدرسة أخرى؛ لأنّ المدارس الأخرى بعيدة عن منزلي. لم أشعر بالفرق في هذه المدرسة بين الفلسطيني واللبناني، ومعظم أصدقائي هم من اللبنانيين".