مخيمات "أونروا" الصيفية للأطفال تعالج آثار العدوان

مخيمات "أونروا" الصيفية للأطفال تعالج آثار العدوان

10 اغسطس 2021
الأطفال واللعب وضع طبيعي (محمد الحجار)
+ الخط -

يقضي الطفل سمير حمام (10 أعوام) وشقيقه زاهر (11 عاماً) وقتاً ممتعاً داخل مدرسة مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، حيث يلهوان بأمان بألعاب كثيرة، ويزاولان نشاطات تتضمن الرسم والابتكار والجري والقفز، وذلك بإشراف لجنة مخيمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة، التي استأنفت نشاطات هذه المخيمات الصيفية بعد توقف أربع سنوات.
في لحظات اللعب، يحاول الشقيقان تناسي الخوف الذي عرفاه خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، حين قصف منزل جيران عائلتهما داخل مخيم الشاطئ، وحرما من النوم طوال 11 يوماً، في ظل تعمد الإسرائيليين تكثيف القصف ليلاً، والذي كان يترافق مع أصوات مرعبة وارتجاجات الصواريخ شديدة التدمير التي شملت كل الأماكن والمناطق بلا استثناء.

رأى الشقيقان مشاهد مؤلمة كثيرة خلال العدوان الإسرائيلي، ولقطات مصوّرة لأطفال ضحايا على التلفزيون. رغم أنهما حاولا الهروبِ من مشاهد القتل والدمار، لكنها لاحقتهما داخل المنزل حيث يقيمان مع والديهما وأعمامهما الثلاثة وأبنائهم الذين هربوا من منازلهم في منطقة أرض الغول شمالي قطاع غزة. أما اليوم، فيشعر الشقيقان بتحسن كبير في المخيم الصيفي.

الصورة
نشاطات بلا خوف بعد العدوان (محمد الحجار)
نشاطات بلا خوف بعد العدوان (محمد الحجار)

يقول سمير لـ "العربي الجديد": "نلعب كرة القدم في شوارعنا الضيقة بحي مخيمنا الصغير، ونضطر إلى التوقف عن اللعب حين يمر مشاة، لا نملك مساحة للعب في المخيم، لذا كنا نقفز في أيام عطلة الدراسة لدخول ملعب المدرسة، حيث نكون كُثراً غالباً. وخلال الحرب الأخيرة، أصابني الرعب مع رفاقي، ولم نعد نلعب مثل السابق ولم نجتمع كثيراً. جمعني المخيم مجدداً مع أصدقائي الذين رأيتهم، وتلقينا معاً جلسات حول سبل مواجهة الصدمات الخارجية الناتجة عن أصوات القصف".
وكانت نشاطات المخيمات الصيفية لـ"أونروا" استؤنفت في يوليو/ تموز الماضي، رغم أنها غابت عن غزة طوال أربع سنوات بسبب الأزمة المالية التي واجهتها. وكانت عودتها الحالية قوية، بعدما جذبت نشاطاتها نسبة كبيرة من الأطفال المتضررين من العدوان الإسرائيلي الأخير، وبينهم نازحون مع أسرهم.

الصورة
مسابقة نفخ البالونات (محمد الحجار)
مسابقة نفخ البالونات (محمد الحجار)

يوضح المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" في قطاع غزة عدنان أبو حسنة أن أكثر من 150 ألف طفل يشاركون في المخيمات الصيفية الحالية، ويتوزعون على 67 مركزاً ضمن 8 مخيمات في غزة.

الصورة
فرحة اللعب مع الأصدقاء (محمد الحجار)
فرحة اللعب مع الأصدقاء (محمد الحجار)

ويشير إلى أن استئناف نشاطات المخيمات الصيفية يهدف إلى تخفيف الضغوط النفسية التي تعرّض لها أطفال غزة، وتحريرهم من الطاقة السلبية التي عاشوها خلال 11 يوماً من العدوان الإسرائيلي. ويكشف أن "أونروا" أبرمت عقود عمل مؤقتة مع حوالي ألفي مرشد وناشط ومئات من المستشارين النفسيين، للمشاركة في تخفيف الضغوط عن أطفال غزة".
تحرص منى ماضي (8 أعوام) على الحضور إلى المخيم الصيفي كل صباح مع صديقاتها في حي الشيخ رضوان. وتؤكد أنها تحب الوجود في هذا المخيم أكثر من المنزل الذي تعيش فيه "لأن منطقتنا باتت مخيفة بعد تدمير منازل كثيرة. وقد شعرت بخوف وقلق متواصلين خلال العدوان، وأتمنى أن يستمر هذا المخيم فترة أطول من شهر".

الصورة
متعة القفز (محمد الحجار)
متعة القفز (محمد الحجار)

تتمنى ماضي أن تنتقل الألعاب التي شاهدتها في المخيم، مثل الدائرة الملونة وقفزة الكنغر ونفخ البالونات والترامبولين، إلى حصص الرياضة اليومية في المدراس. وتقول لـ"العربي الجديد": "تهتم المدرسة فقط بالتعليم وتمنح أوقاتاً للأكل والاستراحة، في حين تخلو من ألعاب ترفيه. أريد أن أحب المدرسة كثيراً كما أحب المخيم، ونلعب فيها مع المرشدات أنفسهن اللواتي في المخيم".

الصورة
حصة رياضية (محمد الحجار)
حصة رياضية (محمد الحجار)

وتلاحظ مسؤولة نشاطات الأطفال داخل المخيم ألاء أبو دية، في حديثها لـ"العربي الجديد"، تعبير الأطفال في المخيم عن الاضطرابات النفسية التي عانوا منها خلال الحرب الأخيرة على غزة، و"ظهر ذلك جالياً من خلال رسومات أبدوا فيها حزنهم على فقدان صديق أو منازل عائلاتهم". كما تحدثت عن "تزايد حالات الانفعال غير الطبيعي لدى نسبة من الأطفال الذكور خلال لعبهم مع أصدقائهم، والتي يمكن إدراجها ضمن ردود الفعل العنيفة التي دفعتنا إلى التواصل مع الأسر من أجل الحصول على معلومات اضافية عن أوضاع أبنائهم قبل قدومهم إلى المخيم، تمهيداً لمحاولة إعادتهم إلى حالة نفسية سليمة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

تضيف: "درجة إدراك الأطفال عالية جداً في ظل عيشهم في بيئة مكتظة بالسكان، وهم متشوقون لإتقان كل لعبة بحرفية. لكن الأمر الخطير استخدامهم مصطلحات الدمار والقصف والتمييز بين أصوات المدافع والأسلحة المستخدمة من قبل الإسرائيليين في حياتهم اليومية، حتى داخل المخيم الصيفي، لدى سماعهم أصوات، ما يعني أنه يصعب نسيانهم أحداث العدوان، في حين يجب بذل كل الجهود الممكنة لتحسين سلوكهم عبر شغل تفكيرهم باكتساب مهارات يمكن أن يكتشفوها في المخيم".

المساهمون